محمد مدينة ( 24 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

شرح حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما المقصود بالحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : المؤمن القوي عند الله افضل من المؤمن الضعيف ارجو شرح الحديث وشكرا


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته المؤمن القوي: يعني في إيمانه، وليس المراد القوي في بدنِه؛ لأن قوة البدن قد تكون ضررًا على الإنسان إذا استعمل هذه القوة في معصية الله، فقوة البدن ليست محمودة ولا مذمومة في ذاتها، إن كان الإنسان استعمل هذه القوة فيما ينفعه في الدنيا والآخرة صارت محمودة، وإن استعان بهذه القوة على معصية الله صارت مذمومةً. لكن (القوَّة) في قوله - صلى الله عليه واله -: «المؤمن القوي»، تعني قوة الإيمان، لأن كلمة القوي تعود إلى الوصف السابق وهو الإيمان، كما تقول: الرجل القوي، أي في رجولته، كذلك المؤمن القوي يعني في إيمانه؛ لأن المؤمن القوي في إيمانه تحمله قوة إيمانه على أن يقوم بما أوجب الله عليه، وعلى أن يزيد من النوافل ما شاء الله، والضعيف الإيمان يكون إيمانه ضعيفًا لا يحمله على فعل الواجبات، وترك المحرمات فيُقصِّر كثيرًا. وقوله: (خيرٌ) يعني: خير من المؤمن الضعيف، وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، ثم قال - صلى الله عليه واله -: « وفي كُلٍّ خيرٌ»، يعني المؤمن القوي والمؤمن الضعيف كل منهما فيه خير. وإنما قال: «وفي كلٍّ خيرٌ»؛ لئلا يتوهم أحد من الناس أن المؤمن الضعيف لا خير فيه، بل المؤمن الضعيف فيه خير، فهو خير من الكافر لا شك. وهذا الأسلوب يسميه البلاغيون الاحتراز، وهو أن يتكلم الإنسان كلامًا يوهم معنى لا يقصده، فيأتي بجملة تبين أنه يقصد المعنى المعين، ومثال ذلك في القرآن قوله - تبارك وتعالى -: ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 10]، لما كان قوله: ﴿ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ﴾ يوهم أن الآخرين ليس لهم حظ من هذا، قال: ﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ [الأنبياء: 79]، لما كان هذا يوهم أن داود عنده نقص، قال تعالى: ﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [النساء: 95]، فهنا قال النبي صلى الله عليه واله : «وفي كلٍّ خيرٌ»، أي: المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، لكن القوي خير وأحبُّ إلى الله.…