هل النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم تاجرآ ام راعيآ؟
هل كان النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم راعيآ للغنم ام تاجرآ؟ فكيف كانت طبيعة العمل التجاري بين النبي الأكرم (ص) مع السيدة خديجة !
لقد قضى النبيُّ صلّى اللّه عليه وآله شطراً من عمره الشريف في رعي الأغنام، وينقل كثيرٌ من أرباب السير والمؤرخين هذه العبارة عنه صلّى اللّه عليه وآله: "ما مِن نبيّ إلا وقد رعى الغنم" قِيل: وأنت يا رسُول اللّه ؟ فقال: "أنا رعيتُها لأهل مكّة بِالقراريط". ولقد دفع وضع النبي (محمّد) المعيشي الصعب "أبا طالب" سيد قريش وزعيمها الذي كان معروفاً بالسخاء وموصوفاً بالشهامة، وعلو الطبع، وإباء النفس إلى ان يفكر في عمل لابن أخيه، كيما يخفف عنه وطأة ذلك الوضع. ومن هنا اقترح على ابن أخيه "محمّد" العمل والتجارة بأموال "خديجة بنت خُويلد" التي كانت امرأة تاجرة، ذات شرف عظيم، ومال كثير، تستأجر الرجال في مالها أو تضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه. فقد قال أبو طالب للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله: يا ابن أخي هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها اكثرُ الناس وهي تبحث عن رجل أمين، فلو جئتها فوضعت نفسك عليها لأسرعت اليك، وفضّلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك. ولكن إباء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وعلوّ طبيعته، منعاه من الإقدام بنفسه على هذا الأمر من دون سابق عهد، ولهذا قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعمّه: فلعلّها أن ترسل إليّ في ذلك، لأنّها تعرف بأنه المعروف بالأمين بين الناس. فبلغ "خديجة" بنت خويلد، ما دار بين النبيّ وعمه "أبي طالب"، فبعثت إليه فوراً تقول له: إنّي دعاني الى البعثة اليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك، وأنا اعطيك ضعف ما اُعطي رجلاً من قومك وابعثُ معك غلامين يأتمران بأمرك في السفر. فاخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عمّه بذلك فقال له ابو طالب: "إنّ هذا رِزقٌ ساقهُ اللّه إليك". وهنا لا بدّ من التذكير بنقطة في هذا المجال وهي: هل عمل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أجيراً في أموال خديجة، أم أنه قد عمل في تجارتها بصورة اُخرى كالمضاربة، وذلك بأن تعاقد النبي مع خديجة على أن يتاجر بأموالها على أن يشاركها في ارباح تلك التجارة ؟ انّ مكانة البيت الهاشميّ، وإباء النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه وآله، ومناعة طبعه، كل تلك الاُمور والخصال توجب أن يكون عملُ النبيّ في أموال خديجة قد تمّ بالصُورة الثانية (أي العمل في تجارتها على نحو المضاربة لا الإجارة)، وتؤيّد هذا المطلب امور هي: أولاً: انه لا يوجد في اقتراح أبي طالب أيّة اشارة ولا أي كلام عن الإجارة، بل قد تحاور أبو طالب مع إخوته (أعمام النبيّ) في هذه المسألة من قبل وقال: "امضوا بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتى نسألها ان تعطي محمّداً مالاً يتجر به". ثانياً: ان المؤرخ الأقدم المعروف باليعقوبي كتب تاريخه: ان النبي ما كان أجيراً لأحد قط. ثالثاً: ان الجنابذي صرّح في كتابه "معالم العترة" بأن "خديجة" كانت تضاربُ الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه (اي من ذلك المال او من ربحه).