( 22 سنة ) - العراق
منذ سنتين

حوض الكوثر

بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى ( و سقاهم ربهم شراباً طهورا ) هل معنى الشراب الطهور هو حوض الكوثر ؟؟ و هل حوض الكوثر يشرب منه فقط شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) أو جميع من يدخل الجنة ؟؟


جاء في تفسير الأمثل - ج ١٩ - الصفحة ٢٧١ صحيح أنّ من بين هذه النعم ورد الحديث عن الأشربة السائغة من الأكواب المترعة من عين السلسبيل ، ولكنّ بينها وبين ما جاء في هذه الآية فرق كبير ، لأنّ السقاة هناك هم «الولدان المخلدون» من جهة ، والساقي هنا هو «الله تعالى» ، يا له من تعبير عجيب! خصوصاً مع ذكر كلمة (رب) الرب الذي طالما تلطف على الإنسان برعايته المستمرة له فكان مالكهُ ومربيه والذي كان يأخذ بيده في مراحل التكامل حتى يوصله إلى المرحلة الأخيرة التي يريدها له ، ثم تتجلى ربوبيته إلى أعلى المراتب والحدود فيسقي بيده عباده الأبرار بالشراب الطهور. ومن جهة أخرى فإن " الطهور " هو الطاهر والمطهر، وعلى هذا فإن هذا الشراب يطهر جسم الإنسان وروحه من كل الأدران والنجاسات ويهبه من الروحانية والنورانية والنشاط ما لا يوصف بوصف: حتى ورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " يطهرهم عن كل شئ سوى الله " . إن هذا الماء الطهور أفضل من أية نعمة وأعلى من كل موهبة، إذ أنه يمزق ستار الغفلة، ويزيل الحجب، ويجعل الإنسان أهلا للحضور الدائم في جوار القرب من الله تعالى، فإذا كان شراب الدنيا يزيل العقل ويبعد الإنسان عن الله، فإن الشراب الطهور يعطى من يد ساقي الجنة، فيجرد الإنسان عن ما سوى الله، ليغرق في جماله وجلاله، وهذا أفضل ما ذكره الله تعالى من النعيم الخفي الموهوب في الجنة، ففي حديث روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) حول عين الشراب الطهور المستقرة عند باب الجنة قال: " فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد!... وذلك قول الله عز وجل وسقاهم ربهم شرابا طهورا . والظريف في عبارة طهور أنها لم ترد في القرآن إلا في موردين: أحدهما في مورد المطر (الفرقان 48) الذي يطهر كل شئ ويحيي البلاد الميتة، والآخر في مورد الآية التي نحن بصدد بحثها، وهو الشراب الخاص بأهل الجنة. وفي آخر آية من آيات البحث يتحدث حديثا أخيرا في هذا الإطار فيقول: إنه يقال لهم من قبل رب العزة بأن هذه النعم العظيمة ما هي إلا جزاء أعمالكم في الدنيا إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا. لئلا يتصور أحد أن هذا الجزاء وهذه المواهب العظيمة تعطى من دون مقابل، إن كل ذلك جزاء السعي والعمل، وثمرة الرياضات وجهاد النفس وبناء الذات وترك المعاصي (1). ثم إن نفس بيان هذا الموضوع فيه لذة خاصة، إذ أن الله تعالى أو " ملائكته " يخاطب الأبرار ويقدم لهم الشكر والتقدير ويقول: إن هذا جزاء أعمالكم وإن سعيكم مشكور، بل قيل: إنها نعمة ما فوقها نعمة وموهبة أعلى من كل المواهب وهي شكر الله للإنسان. " كان "، فعل ماضي ويخبر عن الماضي، ولعله إشارة إلى أن هذه النعم كانت موفرة لكم من قبل، لأن من يهتم كثيرا بضيفه يهئ وسائل الضيافة له من قبل. أما الجواب عن حوض الكوثر : تحدث النبي واهل بيته عليهم افضل الصلاة والسلام بذكر الكوثر في مناسبات متعددة، ولكثرة النصوص المستفيضة الواردة في كتب المسلمين ،فقد قسموه الى معنيين: المعنى الأول هنالك روايات كثيرة تطلق على الكوثر، بإنه حوض عظيم يوضع في أرض المحشر يوم القيامة ترد عليه أمة محمد صلى الله عليه واله، ومن هذه الروايات: ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال في قوله عز وجل:- (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)، الآية، قال: النبي صلي الله عليه واله تحشر امتي يوم القيامة حتى يردوا عليّ الحوض فترد راية إمام المتقين وسيد المسلمين وأمير المؤمنين، وخير الوصيـين وقائد الغر المحجلين، وهو علي بن أبي طالب، فأقول: ما فعلتم بالثقلين بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فتبعنا وصدقنا وأطعنا، وأما الأصغر فأحببنا ووالينا حتى هرقت دماؤنا، فأقول: رووا رواءاً مرويـين مبيضة وجوهكم الحوض، وهو تفسير الآية. [6] ومنها: ما رواه أبو ذر الغفاري (رض) قال: قال رسول الله صلي الله عليه واله يرد علي الحوض راية أمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه، ووجوه أصحابه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: اتبعنا الأكبر وصدقناه، ووازرنا الأصغر ونصرناه، وقتلنا(قاتلنا)معه، فأقول: رووا رواءاً مرويـين، فيشربون شرية لا يظمؤون بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، وكأضوء نجم في السماء. ومنها: عن ابن أبي مليكة قالت أسماء، عن النبي صلي الله عليه واله أنا على حوض أنتظر من يرد علي فيؤخذ بناس من دوني، فأقول: أمتي، فيقال: لا تدري مشوا القهقراء. المعنى الثاني وهذا المعنى ايضا وارد في الروايات بكثرة، على أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه واله. عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله صلي الله عليه واله فقال: قد أعطيت الكوثر. فقلت: يا رسول الله وما الكوثر؟ قال: نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب، لا يشرب أحد منه فيظمأ، ولا يتوضأ أحد منه فيشعث، لا يشربه إنسان أخفر ذمتي وقتل أهل بيتي. ومنها: ما رواه ابن عباس، في قوله تعالى في سورة الكوثر:- (إنا أعطيناك الكوثر)، قال: نهر في الجنة عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشدّ بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، خص الله به نبيه وأهل بيته عليهم السلام دون الأنبياء. ومنها ما ذكره الثعلبي - في تفسيره - عن النبي صل الله عليه واله، قال: ( أتدرون ما الكوثر ؟ أنه نهر في الجنة وعدنيه ربّي عز وجلّ فيه خير كثير ، لذلك النهر حوض يرد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب ( فيختلج ) منهم فأقول : ربِّ إنَّه من أمتي فيقال : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

1