logo-img
السیاسات و الشروط
حيدر الموسوي ( 40 سنة ) - العراق
منذ 5 سنوات

ما معنى قوله تعالى فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ؟


نزلت هذه الآية تبين شروط التزويج بالإماء، فتقول أولا: ومن لم يستطع منكم طولا (1) أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات أي من لم يجد قدرة مالية على أن يتزوج بالحرائر من النساء المؤمنات، وليس لديه ما يقدر على مهرهن ونفقتهن، فإن له أن يتزوج مما ملكت أيمانكم من الإماء، فإن مهورهن أقل، ومؤنتهن أخف عادة. على أن المراد من الأمة هنا هي أمة الغير، إذ لا يجوز لصاحب الأمة أن يتزوج بأمته ويتعامل معها كما يتعامل مع زوجته بشروط مذكورة في الكتب الفقهية. كما أن التعبير ب‍ " المؤمنات " في الآية يستفاد منه أنه يجب أن تكون " الأمة " التي يراد نكاحها مسلمة حتى يجوز التزوج بها، وعلى هذا لا يصح التزوج بالإماء الكتابيات. ثم إن الملفت للنظر في المقام هو أن القرآن عبر عن الإماء بالفتيات جمع فتاة، هو مشعر عادة بالاحترام الخاص الذي يولي للنساء، وهي تستخدم غالبا في الشابات من الإناث. ثم إن الله سبحانه عقب على هذا الحكم بقوله: والله أعلم بإيمانكم ويريد بذلك أنكم لستم مكلفين - في تشخيص إيمان الإماء - إلا بالظاهر، وأما الباطن فالله هو الذي يعلم ذلك، فهو وحده العالم بالسرائر، والمطلع على الضمائر. وحيث إن البعض كان يكره التزوج بالإماء ويستنكف من نكاحهن قال تعالى: بعضكم من بعض أي أنكم جميعا من أب واحد، وأم واحدة، فإذن يجب أن لا تستنكفوا من التزوج بالإماء اللاتي لا يختلفن من الناحية الإنسانية عنكم، واللائي يشبهن غيرهن من ناحية القيمة المعنوية، فقيمتهن تدور مدار التقوى والإيمان لا غير. وخلاصة القول إن الإماء من جنسكم، وكلكم كأعضاء جسم واحد. نعم لابد أن يكون التزوج بالإماء بعد إذن أهلهن وإلا كان باطلا، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله: فانكحوهن بإذن أهلهن والتعبير عن المالك بالأهل إنما هو للإشارة إلى أنه لا يجوز التعامل مع الإماء على أنهن متاع أو بضاعة، بل يجب أن يكون التعامل معهن على أنهن من أعضاء العائلة، فلابد أن يكون تعاملا إنسانيا كاملا. ثم إنه سبحانه قال: وآتوهن أجورهن بالمعروف ومن هذه الجملة يستفاد أن الصداق الذي يعطى لهن يجب أن يكون متناسبا مع شأنهن ومكانتهن، وأن يعطى المهر لهن، يعني أن الأمة تكون هي المالكة للصداق، وإن ذهب بعض المفسرين إلى أن في الآية حذفا، أي أن الأصل هو (وآتوا مالكهن أجورهن) غير أن التفسير لا يوافق ظاهر الآية، وإن كانت تؤيده بعض الروايات والأخبار. هذا ويستفاد أيضا من ظاهر الآية أنه يمكن للعبيد والإماء أن يملكوا ما يحصلون عليه بالطرق المشروعة. كما يستفاد من التعبير ب‍ " المعروف " أنه لا يجوز أن تظلم الإماء في تعيين مقدار المهر، بل هو حقهن الطبيعي الحقيقي الذي يجب أن يعطى إليهن بالقدر المتعارف. ثم إن الله سبحانه ذكر شرطا آخر من شروط هذا الزواج، وهو أن يختار الرجل للزواج العفائف الطاهرات من الإماء اللائي لم يرتكبن البغاء إذ قال: محصنات سواء بصورة علنية غير مسافحات أو بصورة خفية ولا متخذات أخذان أي أصدقاء وأخلاء في السر.

2