( 24 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الرجوع للفطرة السليمة*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف يمكن للشخص أن يعود للفطرة السليمة بعد تلويثها بالمعاصي؟


وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته إذا تاب العبد من ذنبه تاب الله تعالى عليه، ولكن للتوبة النَّصوح مجموعة من الشرائط لا تتحقّق التوبة من دونها: الشرط الأوّل: الإخلاص، فلا ينبغي للتائب أنْ يتوب لمجرّد الخوف من العذاب والعقوبة، أو مذمّة الناس وخوف الفضيحة، وإنّما يتوب لله تعالى، قال جلّ عزّه: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾.(البيّنة:آية٥). وقال أيضاً ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدً﴾.(الكهف: آية١١٠). الشرط الثاني: الإقلاع عن المعاصي والذنوب، فإنّ حقيقة التوبة الرجوع عن الذنب ـ لقبحه ـ إلى الطاعة، فلا يمكن للتوبة أنْ تحصل مع كون المذنب مواظباً على ارتكاب المعاصي واقتراف السيّئات، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "إِنَّ النَّدَمَ عَلَى الشَّرِّ يَدْعُو إِلَى تَرْكِه".(الطبرسي، مشكاة الأنوار:ص٨٢). الشرط الثالث: المداومة على العمل الصالح، فإنّ مَنْ أقلع عن الذنوب والمعاصي من الطبيعي أن يهوى العمل الصالح ويميل إليه، ويداوم عليه. ولنعتبر بالمثال الآتي: إنَّ مَنْ يجمع القمح لوقت الحاجة، لو وضعه في مستودعٍ ملوّثٍ بالحشرات والرطوبة المفسدة، فإنّه إذا جاء وقت الحاجة للاستفادة من القمح المجموع سوف يجده فاسداً؛ لأنّه لمَن ينظّف المخزن. وهكذا الحال بالنسبة لأعمال الخير والفضيلة فإنّها لا تستقرّ في أنفسنا إِلَّا بعد تطهيرها وتنظيفها من رين الذُّنوب السابقة والمواظبة على ملئها بالأعمال الصالحة. الشرط الرابع: ردّ المظالم: فإن كان الذنب متعلّقاً بحقّ عبد من عباد الله فلا بدّ من التحلُّل منه بالكيفية الممكنة. الشرط الخامس: الإكثار من الاستغفار، لما فيه من الخير الكثير والبركة العميمة قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.(الأنفال:آية٣٣). فجعلها الله عِدل الوجود المبارك لرسوله (صلى الله عليه وآله)، فكما أَنَّ لوجود رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الحياة الدُّنيا من الخير العميم ورفع العذاب، فإنّ للاستغفار كذلك من الفضل. وكلمة ﴿يَسْتَغْفِرُونَ﴾ تدلُّ على المداومة والاستمرار في العمل لا فعله دفعة واحدة والانتهاء. الشرط السادس: عدم اليأس من قبول التوبة ورجاء الغفران دائماً، الأمر الذي يحفّز المذنب على مداومة الاستغفار، ورجاء الإجابة.

3