كيف نفهم روايات (من ذكر فضيلة لعلي (ع) غفر الله له ذنوبه)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نبدأ بهذه الروايه:، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((إنَّ الله تبارك وتعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب فضائل لا يحصي عددها غيره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقراً بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو وافى القيامة بذنوب الثَّقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه))، (مائة منقبة، محمد بن أحمد بن علي بن الحسن القمي ( ابن شاذان )، ص177، المنقبة المائة)، (الأمالي، الشيخ الصدوق، ص201، ح10).هل هذه الروايه تكفي في انّي لو قلت بفضيله كانت للامام علي لشخص وانا مقر بها يكون عملي هذا يكفي لغفران ماكان ومايكون من ذنوبي
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
هذه الروايات الواردة بهذا المضمون انما هي مقتضيات لغفران الذنوب وليست هي علة تامة في الغفران بل لابد من تحقق الشروط وارتفاع الموانع وهذا نظير ما ورد في رواية أمالي الطوسي: باسناده عن إسحاق بن راهويه قال: لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟ وقد كان قعد في العمارية، فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سمعت جبرئيل عليه السلام يقول: سمعت الله عز وجل يقول: ((لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن (من) عذابي، فلما مرت الراحلة نادانا:
بشروطها وأنا من شروطها))
فالحصن الحصين له شروط وهو ولاية اهل البيت (عليهم السلام)
وكذلك هذه الروايات فليس يغفر لشخص وهو لا ايمان له والذي هو شرط اساسي في غفران الذنوب وكذلك لا يمكن ان يغفر له وهو غارق في الذنوب فهذه موانع المغفرة فهل يعقل ان من ينشر فضائل اهل البيت وهو في نفس الوقت لا يؤمن باهل البيت وفي نفس الوقت غارق في المعاصي يصر عليها فتراه يزني ويستغيب ويظلم الاخرين وعندما نقول له لماذا كل هذه المعاصي فيجيب انها مغفورة لاني افعل كذا وكذا مما ذكره جنابكم في الروايات.
ان هذا كلام لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال
وايضا من موانع المغفرة ان يتعلق حق للناس في ذمته فالذنب ذنبان ذنب بينك وبين الله تعالى وذنب بينك وبين الناس بتجاوز حق الله فيهم فهذا الذنب لا يغفر الا بعد ان يرضى عنك هؤلاء الناس والا فالحساب عسير والموقف خطير والعادل لا يجور والحاكم لا يظلم وهو من الطالمين ينتقم فالحذر كل الحذر اذا قرب الخطر يوم يقول الانسان اين المفر إلى ربك يومئذٍ المستقر.
فلابد من ملاحظة شروط الغفران ورفع تلك الموانع عندها تكون هذه الامور سببا للغفران
وشيء آخر اذكره لجانبكم الكريم ان الغفران الموعود في بعض الاحاديث قد يحمل على التوفيق للعمل الصالح والذي نتيجته الغفران التام لكل الذنوب بمعنى ان هذه الاعمال التي يقوم بها كذكر فضائل امير المؤمنين ونشرها هذه الاعمال تكون سببا للتوفيق المستقبلي بحيث لا يخرج من الدنيا الا وهو خالي الذنوب وعندها تصدق هذه الروايات ولكن لا ان نفس هذه الامور سببا في الغفران بل لأجل انها تشكل دافعا للانسان ولو امرا غيبيا لا يشعر به الانسان يقربه من الطاعات ويجعله يختار الطاعات وبالتالي يغفر كل ما بدر منه من الذنوب.
وشيء اخير ان هذه الروايات بالفهم الساذج تكون تشجيعا لفعل المعاصي بذريعة اني فعلت ما فعلت فانها تغفر بنشر فضيلة او بفعل اخر بسيط عليه ولا يمكن ان يشجع اهل البيت (عليهم السلام) الناس على المعاصي
بل لابد من حمل هذه الروايات على تشجيع الناس على الطاعات وذلك بان من ينشر فضيلة لابد ان يكون مقرا بها كما عبر النبي (صلى الله عليه واله) في الرواية وهذا يعني انه مع هذه الفضيلة قلبا وقالبا فان كانت فضيلة في طاعة الامام لله تعالى كانت هذه في قلبه ويتخلق بها والا كان منافقا في فعله فانه ينشر ما لا يريده لنفسه
وكذا اذا كانت الفضيلة خلقا جمبلا مع الناس فلابد ان يكون مقرا بهذا الخلق وبالتالي يكون راغبا في هكذا افعال ويسعى للتخلق بها
وبهذا المعنى يكون النبي (صلى الله عليه واله) واهل البيت (عليهم السلام) قد اوجدوا في قلوب الناس الرغبة الحقيقية في التغيير من السلوكيات الخاطئة والعمل بالسلوكيات والفضائل الجميلة التي ينقلها عن اهل البيت عليهم السلا ويكون على حذر في نقل اي فضيلة بان لا ينقل شيئا هو على خلافه فان من ينقل فضيلة للناس غرضه ان يعرف الناس عظمة الامام وبالتالي يتخذه قدوة حسنة يقتدي بها ومن هنا يكون هو اولى من غيره فهو الساعي في ان يتخلق الاخرون بها فلابد ان تكون هي فيه قبل غيره كي لا يعيش حالة من النفاق العملي
ولا يمكن ان تكون هذه الروايات تشجع على المعصية والا لزم التناقض في التشريع فكيف يامرنا الله تعالى بالابتعاد عن المعاصي وفي نفس الوقت يكون هناك تهاون بهذه الذنوب
ومن كل هذا نجد ان هكذا روايات هي تربية حقيقية للناس في الرقي والتغيير نحو الافضل والاحسن باتخاذ فضائلهم عليهم السلام جسرا ينقلهم إلى بحبوحة الرضوان ورفيع الدرجات والقربات.
وكيف ما كان فهنا ثلاثة امور
الاول : تحقق الغفران بعد تحقق الشروط وارتفاع الموانع.
الثاني: ان الغفران الموعود هو التوفيق للغفران فيخرج من الدنيا مغفورا له.
الثالث: ان هذه الروايات تربي الانسان على التخلق بها لا التشجيع على لمعصية.
نساله تعالى التوفيق ان نكون دوما في ركبهم ونسعى في ان نكون من المتخلقين باخلاقهم قلبا وقالبا وان لا يفرق بيننا وبينهم في الدنيا والاخرة.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته