السیاسات و الشروط
( 38 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

زيارة الاربعين

ماهي فلسفة زيارة الاربعين؟


نذكر لكم عدة فوائد وثمرات لهذه الشعيرة العظيمة عند محبي واتباع اهل البيت عليهم السلام: 1- إن هذه الشعيرة العظيمة المقدسة كسائر شعائر الحسين عليه السلام تتضمن مهرجانا معنويا وروحيا تربويا والحماس الإندفاعي على الفداء والتضحية لتوطين النفس على إسترخاص كل غال ونفيس في سبيل المبادئ والقيم ، فهو في حين يتضمن هذا البعد التعبوي الفدوي والتضحوي يتضمن أيضا الجانب السلمي وشعار السلام وذلك يجسده طابع الحزن والجزع على مظلومية الحسين و أهل بيته عليهم السلام ، فهي مسيرة و مسار تدريبي يحمل طابع الحشد البشري لمعسكر الفضائل و الدفاع عنها . 2- إنه قد يتسائل الكثير عن حكمة وغاية وفلسفة هذا التضخم الحاصل في طقوس الشعيرة الحسينية سواء في الأربعين أو أيام عاشوراء أو غيرها من المواسم ، وربما يبدو لهم أنه إفراط و إغراق وتبديل للملحمة الحسينية الى إسطورة و أساطير ، لكن الحقيقة خلاف هذا التوهم إذ أن الشعائر الحسينية هي أعظم وقود للنهضة المهدوية و طلائع الظهور ، وذلك لكونها معهدا تدريبيا للتضحية و معسكرا فدائيا في سبيل المبادئ و رياضة على تهذيب الشهوات الحيوانية و تسكين الغرائز المستعرة فهي إسهام في تكوين منتدى دولي عالمي أممي تلتقي فيه الشعوب للتعرف على مدرسة الحسين ع ومشروعه الإصلاحي لإنقاذ البشرية مما تعانيه من ظلم و جور و خداع و حرمان و تخريب يهدد الإنسانية من جوانب عديدة ، ومن ذلك يظهر أن المشروع الشعائري الحسيني المهدوي مترامي الآفاق في أرجاء الأرض ، وبضخامة تطلع هذا المشروع يتطلب و يتوقف على إنتشار هذه الراية و هذا العلم في أطراف و أكناف القارات الجغرافية ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون . وتعاظم الحسين ع هو بدرجة تعاظم مشروع السماء وهو الدين الحنيف ، فلا يستكثرن أحد هذا التوسع للشعيرة الحسينية و هذا التمدد الآخذ في التنامي و الإزدياد فإن أول الغيث قطرة ولما يصبح بحرا ومحيطا و محيطات تسبح فيها البشرية في أمن وسلام . 3- إن هذا المعسكر الحسيني الآخذ في العملقة سلمي و إن لم يكن إستسلاميا و لا يخيف الهاجس البشري و الأسرة الدولية و ذلك لما يحمله من طابع المحبة لكل البشر ولكل الأديان ولكل الملل و النحل ولكل الطوائف و لكل المذاهب والمكونات المتعددة ، و لما يحمله من شعار الدفاع عن المحرومين والمسحوقين فهو علاج لكل عداوة بين فئات البشر ، و ذلك لأن شعار إنتشار منظومة الشعائر هو بقوة النور السلمية لا الإكراه و لا الإلجاء بالقهر للآخرين تحت ضغط الإرهاب والرعب و سفك دمائهم ، بل جاذبية العاطفة الصادقة اللامعة توقدا في وجدان وفكر البشر و الإنسانية عندما يصل إليهم المشهد الحسيني. 4- و ربما يختلج سؤال في مخيلة البعض أن عالمية الشعيرة و الشعائر الحسينية هل هو صيرورة الأرض بأكملها مأتما موشحا بالسواد على مظلومية و مصاب الحسين ع ، وهل هذا ما تتطلع له غايات إقامتها ونشر توسعها . هذا و أحد التفسيرات و الإجابات نجدها في كلام زين العابدين ع مضافا الى ما مر من دلائل البينات في النقاط السابقة ، فقد روى ابن شهر آشوب: قِيلَ لَه: إِنَّكَ لَتَبْكِي دَهْرَكَ فَلَوْ قَتَلْتَ‏ نَفْسَكَ لَمَا زِدْتَ عَلَى هَذَا فَقَالَ نَفْسِي‏ قَتَلْتُهَا وَ عَلَيْهَا أَبْكِي‏، فها هو عليه السلام يبين فلسفة البكاء ، و هو مواجهة النفس الباعثة على الشرور في الأرض ، فيسيطر العقل و الحكمة بعد إخماد شرور النفوس ، ويسود التعقل و الإيثار و الإحسان و ينتشر التسامح و السماحة بين البشر . وقد وشحت يد القدرة الإلهية الكون كله والسماء و الأرض و الحجر و المدر و التراب و الجدران و كل المحيط بالبشر بوشاح الحزن و المأتم و رمز المظلومية عند إستشهاد الحسين ع لمدة مديدة بلغت الى أيام بل الى شهور بل الى سنين بحسب إختلاف البلدان في متواتر روايات كلا من الفريقين ع فراجع المصادر الحديثية للفريقين و كتب السير و التاريخ و التراجم فستشاهد كما هائلا يعكس لك مدى خطورة منظومة الشعائر الحسينية و غاياتها لدى الإرادة الإلهية تكوينا وتشريعا . 5- إن من الغايات الكبرى للشعيرة الحسينية هو إحياء حس المسؤولية تجاه الصالح العام و الإهتمام بالشأن العام بدل العكوف على المصلحة الفردية والهم الذاتي ، تحت شعار النظام النبوي العظيم (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) ، فلا تخص عبء المسؤولية تجاه الوضع العام بالنخب و لا تخص القيادات الدينية أو السياسية بل واجب ومسؤولية كل فرد فرد ، كل فرد من موقعه ، وهذه المسؤولية تقع على عاتق كل فرد تجاه المصلحة العامة في كل المجالات العامة و إن كانت واجبا كفائيا مرتبطا بنظام المعاش للمجتمع و الأمة إلا أنها أعظم مسؤولية على الفرد من وظائفه ذات البعد الفردي من الواجبات العينية . و هذا أحد معاني أعظمية الولاية على بقية أركان الفروع ، ففي اي إخفاق في الشأن العام لا تتجه أصابع اللوم والمحاسبة تجاه فئة دون أخرى بل هي محاسبة لكل فرد فرد إن لم يقم بأدائه من موقعه ، وهذه المسؤلية على كل فرد لا تسقط و إن تخاذل الكل والباقي عن القيام بها وهو معنى الواجب الكفائي ، سواء كان التقصير في تحصيل القدرة و الإسهام أو في إستثمار ما لديه من إمكانيات فيما يصب في المصلحة العامة .

2