بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
قبل الجواب لابد من معرفة شيء مهم وهو ان القران الكريم كلام الله تعالى ليس يعني ان الله له كلام ويتكلم به كما يتكلم البشر فالله تعالى اجل واعلى من ان يكون بهذه الكيفية ولكن المراد ان القران بكل ما في من كلمات هو وهي مخلوقة من الله تعالى فالله تعالى خلقه وكل مافيه من الكلمات هي مرادة لله تعالى.
اما الجواب على سؤالكم فنقول:
اننا اذا اتانا كتاب وفيه كلمات تنسب لشخص من الاشخاص فاذا اردنا ان نعرف هل هذا الكتاب له وتلك الكلمات له ام لا برايك ماذا نفعل ؟؟
نعم كما تقول لابد ان ننظر بالشخص الذي نقل لنا هذا الكتاب بكل ما فيه من الكلام والذي ادعى انه من عند صاحبه فنرى هل هذا الشخص محل ثقة ولا يكذب ولا يدلس ولا يشتبه ولا ولا ولا فعندها نعلم بان هذا الكتاب فعلا لصاحبه وان كل ما فيه من عنده وهنا في نسبة القران الكريم كذلك فانا عندما ننظر الى من اوصله لنا فانه النبي صلى الله عليه واله وانه قال لنا انه من عند الله تعالى وان الله ارسله اليه بالوحي عن طريق ملك كريم، والنبي ناقل امين لا يمكن ان يكذب او يدلس او يتوهم او يختلق ماليس بحق فعندها نعلم انه من عند الله تعالى ولا يمكن ان نطعن لا بالكتاب ولا بحامله وناقله لنا.
هذا اولا
وثانيا:
كي نعرف انه لصاحبه ننظر في مضمونه وبعد ان علمنا امانة الناقل نجد نفس الكتاب يصرح انه من عند الله تعالى في ايات عديدة منها:
((وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ)) (البقرة:99)
((إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ... المزید..))(النساء:105)
((وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ......)) (المائدة:48)
((وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ....)) (الانعام:92)
((الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)(سورة يوسف)
((الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ....)) (ابراهيم:1)
((وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا .....)) (طه:113)
((وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ)) (الحج:16)
وغير هذه الايات الكثير من الايات لا يسع هذا المختصر ذكرها.
ثالثا: ان هذا القران العظيم لم يكن فيه اي تعارض ولا تضارب مع انه نزل منجما اي بالتدريج فهو نزل في 23سنة تقريبا ولكن مع كل هذا ليس فيه اي تضارب ولا اي اختلاف وهو القران يقول عن نفسه في اثبات هذه القضية : (( أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)) (النساء:82)
فهذا القران العظيم ليس فيه خلل وهو ((كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)) (هود:1)
رابعا: الاعجاز التشريعي فيه فان القوانين التشريعية التي في القران الكريم دقيقة وفيها اسس كثير من التفصيلات الشرعية التي تكفلت بها السنة النبوية
خامسا: نفس القران الكريم اعجز الجميع ان ياتوا بمثله او ان ياتوا بعشر سور او حتى بسورة واحدة وقد تحدى القران الكريم الجميع ان ياتوا ولو بسورة واحدة وعجز الجميع ان ياتوا بسورة واحدة والى الان القران الكريم ينادي باعلى صوته هل يوجد منكم من يقدر ان ياتي بسورة واحدة كهذا القران والجميع لا يقدر فلو لم يكن هذا القران من كلام الله تعالى وكان من غير الخالق فلماذا عجز الجميع الى يومنا هذا ان ياتوا بسورة واحدة
ومن الملاحظ ان هذا التدرج بالتحدي يدل على عظمة القران ومقدار الثقة العالية بما فيه وانه من عند الله تعالى
خامسا: هناك بحوث معمقة الى يومنا هذا حول القران الكريم ومقدار الاعجاز فيه وهناك الاعجاز العلمي وهناك الاعجاز العددي وهناك الاعجاز البياني وهناك الاعجاز التشريعي وهناك الاعجاز الاشاري وهناك الاعجاز النغمي وغير ذلك والمسيرة مستمرة وهذا الكتاب الذي يحمل كل صور الاعجاز هذه لا يمكن ان يكون الا من عند الخالق الواحد الاحد.
سادسا: عندما نتتبع القران الكريم والكتب السماوية الاخرى وهي التوراة والانجيل فاننا نجد هناك توافقا فيما بينهما في الاحداث التي حدثت للامم السابقة وهذا يكشف ان المصدر للجميع واحد
لا يقال ان التوراة والانجيل محرفان ولا ينفع هذا في الدليل
لانا نقول ان دعوى التحريف لا تعني ان كل كلمة فيه محرفة وكل قصة فيه محرفة نعم هناك تحريف في الجملة وهذا لا يؤثر على الخطوط العريضة الثابتة في التوراة والانجيل وهذه هي التي توافق القران الكريم ويتم الكلام بذلك.
سابعا: المتكلم في القران في ايات عديدة هو الله تعالى وهذا يدل على انه منه فلو كان من المخلوق كان المناسب ان يتكلم بضمير الغائب او المخاطب اما ان يتكلم بضمير المتكلم عن نفسه وهو الخالق العظيم فهذا يعني ان هذا الكلام منه صدر جل وعلا فمثلا يقول تعالى : (( يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ)) (البقرة:47)
((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ))(الانفال:65)
((وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ)) (هود:25) وهناك اكثر من سبعين اية بهذا اللسان (ارسلنا)
((وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ....))(الاسراء:70)
((نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى)) (طه:132)
((وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)) (يس:69) وهذه الاية المتكلم فيها هو الله تعالى وفي نفس الوقت تثبت ان الذي علمه للنبي صلى الله عليه واله ليس شعرا بل هو ذكر وقران مبين.
((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)) (العنكبوت:23).
وغير هذه الايات الكثيرة التي يتكلم فيها الباري في كتابه العزيز ويكشف ان هذا القران هو كلامه تعالى .
ثامنا: في القران الكريم ايات كثيرة فيها اخبار عن امور غيبية لا يعلمها احد من البشر كاحوال يوم القيامة واحوال الجن واحوال الملائكة وكثير من الامور التي ليست بمتناول الانسان ولكن القران يكشفها لنا فهذا يدل بشكل قاطع ان هذا الكلام هو كلام فوق كلام البشر وهو كلام خالق البشر.
تاسعا: امور كثيرة الان كشفها العلم لها اشارات في القران الكريم كقضية ان الرياح لواقح ((وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ)) (الحجر22)
وقضية ان الارض تتناقص بمرور الزمن ((فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ)) (الانبياء:44)
وقضية التمدد الكوني ((وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)) (الذاريات:47)
وقضية مراحل تكون الجنين التي عرفها العلم الحديث بعد ان كشف عن هذه المراحل ((يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ....))(الحج:5).
وغير هذه الايات التي فيها اشارات كشفها العلم الحديث ومن الواضح ان هذه الامور غير معلومة للمخلوقين وانما معلومة للخالق فما ذكره في ذاك الزمان يكشف انها منه تعالى لا من غيره.
عاشرا: القران الكريم نزل قبل اكثر من 1400 سنة الى يومنا هذا ولا يقدر احد ان يحرفه مهما بذل من الجهد مع ان اعداء الاسلام ليسوا بالقليل وهناك من القدرات العظيمة لديهم على مر الزمان ولكن نجد الله تعالى يابى الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون
فهذه المنعة في تحريف القران لابد ان يكون وراءها من هو فوق المخلوقين بحيث يحفظه من التحريف وهذا ما تعهد به الله تعالى ان يحفظ كتابه الذي انزله على نبيه من التحريف والتزييف في قوله تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)) (الحجر:9).
فهذه عشرة ادلة ذكرتها لكم على عجالة نسال الله تعالى ان تكون منارا لكم وللمؤمنين في رد من يريد بالقران سوءا وباهل القران ظلما وعدوانا.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته