نور ( 16 سنة ) - العراق
منذ سنتين

القسم بغير الله

السلام عليكم في وسائل الشيعه قد نُهي عن الحلف بغير الله فلماذا يبيح علماء الشيعه بالحلف او القسم بغير الله 29520- 2-[4] وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي‏ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ اللَّهِ وَ قَالَ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‏ءٍ وَ نَهَى أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ بِسُورَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ مَنْ حَلَفَ بِسُورَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ- فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَمَنْ شَاءَ بَرَّ وَ مَنْ شَاءَ فَجَرَ وَ نَهَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَا وَ حَيَاتِكَ وَ حَيَاةِ فُلَانٍ.


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته نقل صاحب الوسائل روايات تشير الى ما ذكر بالسؤال ولكن نقول: 1- يتّضحُ مِن خلالِ هذهِ الرّواياتِ أنَّ بعضَها يمنعُ منَ الحلفِ والبعضُ الآخرُ وقعَ فيهِ الحلفُ بغيرِ اللهِ مثل قولِ الإمامِ: (تعدّوا وبيتِ اللهِ الحقَّ ونبذُوا كتابَ اللهِ وراءَ ظهورِهم.) حيثُ حلفَ الإمامُ ببيتِ الله. وقولُ الإمامِ: (لا وقرابتي مِن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) ما قلتُه قطّ)، وهُنا حلفَ الإمامُ بقرابتِه مِن رسولِ اللهِ، وقولُ الإمامِ: (وحقُّكَ لقد كانَ منّي في هذهِ السّنةِ ستُّ عُمر) وهُنا حلفَ الإمامُ بحقّه. وكذلكَ قولُ الرّجلِ للإمامِ: (ثمَّ حلفتُ لهُ وحقِّ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وحقِّ فُلانٍ وفلانٍ حتّى إنتهيتُ إليه) ولم يمنعهُ الإمامُ عَن ذلكَ 2- الرّواياتُ المانعةُ علّلَت المنعَ بأنَّ بعضَ أنواعِ الحلفِ بغيرِ اللهِ مِن فعلِ الجاهليّةِ، مثلَ قولِ الإمامِ: (فإنّما هوَ مِن قولِ الجاهليّة) 3- نهَت بعضُ الرّواياتِ عنِ الحلفِ بغيرِ اللهِ خوفاً مِن أن يتركَ النّاسُ الحلفَ باللهِ، مثلَ قولِ الإمامِ: (ولو حلفَ الرّجلُ بهذا وأشباهِه لتركَ الحلفَ بالله) 4- بعضُ الرّواياتِ منعَت مِن ترتّبِ الأثرِ على الحلفِ بغيرِ اللهِ مثلَ قولِ أميرِ المؤمنينَ للرّجلِ عندَما قالَ لهُ: (أنا أكفرُ عَن يميني يا أميرَ المؤمنين؟ قالَ: لا، لأنّكَ حلفتَ بغيرِ اللهِ) وكذلكَ قولُ أبي عبدِ اللهِ (عليه السّلام) (أنّهُ قالَ: اليمينُ التي تُكفَّرُ أن يقولَ الرّجلُ: لا واللهِ ونحوَ ذلكَ) 5- هُناكَ روايةٌ جعلَت الحلفَ بمواقعِ النّجومِ إثماً وهيَ قولُ الإمامِ: (سألتُه عَن قولِه: ﴿فلا أقسمُ بمواقعِ النّجومِ﴾؟ قالَ: أعظمُ إثم مَن حلفَ بها) ومِن خلالِ الجمعِ بينَ هذهِ الرّواياتِ إستفادَ الفقهاءُ بأنَّ المقصودَ منها هوَ الحكمُ الوضعيُّ دونَ الحُكمِ التّكليفيّ، أي أنَّ النّهيَ مُتوجّهٌ لنفي الأثرِ المُترتّبِ على اليمينِ، فلا يكونُ يميناً منَ الأساسِ ولا يكونُ فيهِ كفّارةٌ إن خالفَ، وعليهِ لَم يحملوها على الحُرمةِ التّكليفيّةِ وذلكَ لوقوعِ الحلفِ بغيرِ اللهِ منَ الإمامِ كما في بعضِ الرّواياتِ، مُضافاً إلى وقوعِه مِن رسولِ اللهِ كما في رواياتِ أهلِ السّنّةِ، (فقَد أخرجَ مُسلمٌ في صحيحِه: أنّه جاءَ رجلٌ إلى النّبيّ، فقالَ: يا رسولَ اللّهِ أيُّ الصّدقةِ أعظمُ أجراً؟ فقالَ: أما ـ و أبيكَ ـ لتُنبئنَّه أن تصدَّق وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقرَ وتأملُ البقاءَ) . وأخرجَ مُسلمٌ أيضاً: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللّهِ ـ مِن نجدٍ ـ يسألُ عنِ الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللّهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللّيل. فقالَ: هَل عليَّ غيرهنّ؟ قال: "لا...إلاّ أن تطوّع". وصيامُ شهرِ رمضانَ". فقالَ: هل عليَّ غيره؟ قال: "لا... إلاّ أن تطوّع، وذكرَ لهُ رسولُ اللّه الزّكاة. فقالَ الرّجلُ: هَل عليَّ غيرُه؟ قالَ: "لا... إلاّ أن تطوّع". فأدبرَ الرّجلُ وهو يقولُ: واللّهِ لا أزيدُ على هذا ولا أنقصُ منهُ. فقالَ رسولُ اللّهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم: أفلحَ ـ وأبيهِ ـ إن صدقَ. أو قالَ: دخلَ الجنّةَ ـ و أبيهِ ـ إن صدقَ) وقد حلفَ غيرُ واحدٍ منَ الصّحابةِ بغيرِه سُبحانَه، فهذا أبو بكرٍ بنُ أبي قُحافة على ما يرويهِ مالكٌ في موطّئه: أنَّ رجُلاً مِن أهلِ اليمنِ أقطعُ اليدِ والرّجلِ قدمَ فنزلَ على أبي بكرٍ فشكا إليهِ أنّ عاملَ اليمنِ قد ظلمَه، فكانَ يُصلّي منَ اللّيلِ، فيقولُ أبو بكرٍ: وأبيكَ ما ليلُكَ بليلِ سارقٍ) . وعلى ذلكَ مضَت سيرةُ المُتشرّعةِ منذُ عهدِ رسولِ اللهِ (ص) وإلى يوِمنا هذا، ولِذا لم يُفتِ الأحنافُ والشّافعيّةُ بحُرمةِ الحلفِ بغيرِ اللهِ وحملوهُ على الكراهةِ، وكذلكَ أفتى بعضُ المالكيّةِ بالكراهةِ. أمّا حديثُ رسولِ اللهِ (ص) فإنَّ مَن حلفَ بغيرِ اللّهِ فقَد أشرَك، وإن كانَ مرويّاً في كُتبِ الشّيعةِ بسندٍ ضعيفٍ إلّا أنّه مُعارَضٌ أوّلاً بالرّواياتِ التي وقعَ فيها الحلفُ بغيرِ اللهِ مِن رسولِ اللهِ كما في روايةِ مُسلمٍ وبحلفِ أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) كما في رواياتِنا. وثانياً: السّياقُ التّاريخيُّ يثبتُ أنَّ عادةَ العربِ كانَت الحلفَ بالآباءِ وبالأصنامِ، ولِذا قد تكونُ الرّوايةُ ناظرةً إلى هذا النّوعِ منَ الحلفِ، والذي يدلّ على ذلك قولُ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمهاتكم ولا بالاَنداد) ، فنهى عن الحلفِ بالآباء لأنّهم كانوا مُشركينَ وعبدةً للأوثانِ فليسَ لهُم حُرمةٌ ولا كرامةٌ حتّى يحلفَ بهم، ولِذا نجدُ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) قد قرَن آباءهم بالأندادِ تارةً وبالطّواغيتِ تارةً أُخرى في قوِله: (لا تحلفوا بآبائِكم ولا بالطّواغيت) . وعليهِ فإنَّ حديثَ رسولِ اللهِ (صلى اللهُ عليه وآله) مَن حلفَ بغيرِ اللهِ فقَد أشركَ، يُحمَلُ على حلفِ العربِ في الجاهليّةِ وفي الأيّامِ الأولى منَ الإسلامِ، والذي يجعلُنا نقطعُ بذلكَ هوَ روايةُ النّسائيّ التي جاءَ فيها (لا تحلِف بأبيكَ، فإنَّ مَن حلفَ بغيرِ اللّهِ فقَد أشركَ) حيثُ قرنَ الحديثَ بينَ الحلفِ بالآباءِ وبينَ الشّركِ بالله. وعليهِ فإنَّ القدرَ المُتيقّنَ مِن حديثِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) هوَ أنَّ الحلفَ الذي يكونُ شركاً هو الحلفُ بالأندادِ والأصنامِ والطّواغيتِ والآباءِ الكافرين.…

2