( 20 سنة ) - السعودية
منذ 3 سنوات

راس الحسين

هل يوجد موضع اخر نطق فيه راس الامام الحسين عليه السلام غير سورة الكهف ؟


إنّ حادثة تكلّم الرأس الشريف من الحوادث المشهورة والمعروفة في كتب الفريقين، فقد رويت في كتب العامّة بثلاث روايات مختلفة لا يحتمل اتّحادها، كما رويت في كتب الخاصّة باثنتي عشرة رواية مختلفة، لا يحتمل اتّحادها جميعاً أو بعضها، فكلّ رواية تتحدَّث عن حادثة مغايرة للحادثة الأُخرى التي تتحدّث عنها باقي الروايات تلخيص النتائج من خلال ما استعرضناه من الروايات المتقدّمة ويمكن الإشارة إلى عدّة نقاط: * إنّ حادثة تكلّم الرأس الشريف إنْ لم تبلغ رواياتها حدَّ الاستفاضة فلا أقل من شهرتها إلى حدٍّ توجب الاطمئنان بصدورها. * إنَّ عدد الروايات التي نقلت الحادثة ثلاث في كتب العامّة واثنا عشرة في كتب الخاصّة، فيكون مجموع روايات الفريقين خمسة عشر رواية. * إنّ عدد المرّات التي تكلّم فيها الرأس الشريف ثلاثة عشر مرّة. * إنّ الآيات التي تكلّم بها الرأسُ الشريف هي: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾. ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾. ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ﴾. ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾. ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾. * إنّ الرأس الشريف تكلَّم أربعَ مرّات في الكوفة، وثلاث مرّات في الشام، وثلاث مرّات في الطريق، وتبقى ثلاث مرّات لا يُعلم مكان حدوثها بالضبط. إنّ الروايات التي ذكرت أنّ رأس الإمام الحسين (عليه السلام) قد تكلَّم في عدّة مواضع من مصادر الشيعة كثيرةٌ، وقد أحصينا اثنتي عشرة رواية نذكرها تباعاً: الرواية الأولى: رواية المنهال بن عمرو وهي ما رواه محمد بن سليمان الكوفي بسندٍ متّصل عن الأعمش عن المنهال بن عمرو قال: « ... المزید رأيت رأس الحسين بن عليّ على الرمح وهو يتلو هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾. فقال رجل من عرض الناس: رأسك ـ يا بن رسول الله ـ أعجب». ورواها أيضاً الراوندي ت573ﻫ في الخرائج، عن المنهال بن عمرو، ولكن مع اختلاف طفيف، ونصّها: «...عن المنهال بن عمرو، قال: أنا ـ والله ـ رأيت رأس الحسين (عليه السلام) حين حُمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾ فأنطق الله الرأسَ بلسانٍ ذرب ذلق، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي». وهي برواية الراوندي مطابقة لما في كتب أهل السنّة، كما في تاريخ ابن عساكر، بينما على رواية محمد بن سليمان الكوفي تغايرها من جهة أنّ الذي يقرأ آية الكهف هو الرأس الشريف، وليس رجلاً من الناس كما في رواية الراوندي والجمهور. والذي نريد قوله معجّلاً: إنّ هذه الرواية قد رويت في مصادر السنّة ومصادر الشيعة، ولكن لكلِّ فريق منهما طرقه إليها، وهذا ممّا يعزز شهرتها، ويؤكِّد حصول مضمونها. الرواية الثانية: رواية زيد بن أرقم وهي ما رواه الشيخ المفيد قدس سره مرسلاً عن زيد بن أرقم قال: «...مُرّ به عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾ فقفَّ ـ والله ـ شعري وناديت: رأسك ـ والله ـ يا بن رسول الله أعجب وأعجب» ورواها عن الشيخ المفيد قدس سره كلّ من العلّامة المجلسي في البحار، والبحراني في العوالم، والشاهرودي في مستدرك سفينة البحار. وهذه الرواية مطابقة لما ورد في مصادر السنّة ولا فرق بينهما إلّا في كلمة واحدة، فقد وردت كلمة وأمرك في مصادر السنّة ولم ترد في مصادر الشيعة. الرواية الثالثة: رواية الحارث بن وكيدة وهي ما رواه أبو جعفر الطبري في دلائل الإمامة بسند متّصل، عن الحارث ببن وكيدة، قال: «...كنت فيمَن حمل رأس الحسين (عليه السلام) فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشكّ في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال لي: يا بن وكيدة، أما علمت أنّا معشر الأئمّة أحياء عند ربّنا نُرزق؟! فقلت في نفسي: أسترق رأسه. فنادى: يا بن وكيدة، ليس لك إلى ذلك سبيل! سفكهم دمي أعظم عند الله تعالى من تسييرهم رأسي، فذرهم فسوف يعلمون ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ﴾. والحارث بن وكيدة لم يُذكر في تراجم الرجال ـ حسب تتبّعنا ـ ولكن يظهر من هذه الرواية أنّه كان من أعوان الظلمة ومن المغرَّر بهم، ولكنّه انتبه من ضلاله عندما سمع تكلُّم الرأس الشريف، فحاول استنقاذه منهم لمّا شعر بتلك القداسة. ولا يتّضح من هذه الرواية مكان حدوثها في الكوفة أو في الشام أو في الطريق، والظاهر أنّها لم تحدث في مكان عام بحيث يتسنّى لكلِّ حاضر أن يسمعها، فهي أشبه بحوار خاصّ دار بين الرأس وحامله. الرواية الرابعة: رواية الشعبي وهي ما رواه ابن شهر آشوب، عن أبي مخنف، عن الشعبي: أنّه صُلب رأس الحسين (عليه السلام) بالصيارف في الكوفة، فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ فلم يزدهم ذلك إلّا ضلالاً[29]. ورواها أيضاً عن أبي مخنف، عن الشعبي الشاهرودي في سفينة البحار. والشعبي ـ بفتح الشين وسكون العين ـ أبو عمرو عامر بن شراحيل الكوفي، يُعدّ من كبار التابعين، وكان فقيهاً شاعراً، روى عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله (عليها السلام) كذا عن السمعاني، وحُكي عنه أنّه قال: أدركت خمسمائة من الصحابة. وثَّقه ابن حجر، ولكن لا يخفى حاله عند الشيعة، فإنّه مذموم مطعون. وكون الراوي مذموماً عند الشيعة، لانحرافه عن أهل البيت عليهم السلام ممّا يقوِّي هذه الحادثة ويؤكّدها؛ لأنّ المنحرف عادة لا يروي فضائل مَن لا يحب ولا يهوى، وهذا يُعطي مؤشراً مهمّاً وهو أنّ هذه الحادثة بلغت حدّاً لا يمكن معه إخفاؤها حتى من المناوئين لخطّ أهل البيت عليهم السلام. والشيء الملفت في هذه الرواية: أنّ الرأس الشريف قد تكلَّم في مكان عام مزدحم يسمعه كلّ مَن حضر من الناس، بعد إن لفت انتباه الحاضرين إليه من خلال التنحنح، ولكن ذلك لم يؤثر فيهم شيئاً، وهذا يفيد أنّ أغلب الحاضرين كانوا من الظالمين، لقوله: «فلم يزدهم ذلك إلّا ضلالاً». ولا عجب إذا لم يهتدوا ولم يؤمنوا، فهذا هو حال الظالمين إذا ما سمعوا المواعظ وشاهدوا الآيات، فإنّها لا تزيدهم إلّا بُعداً وتكذيباً. الرواية الخامسة: رواية سهل بن سعيد الشهرزوري وهي ما رواه الطريحي في المنتخب، قال: «...خرجت من شهرزور أُريد بيت المقدس، فصار خروجي أيام قتل الحسين (عليه السلام)، فدخلت الشام فرأيت الأبواب مفتّحة، والدكاكين مغلقة، والخيل مسرجة، والأعلام منشورة، والرايات مشهورة، والناس أفواجاً امتلأت منهم السكك والأسواق، وهم في أحسن زينة يفرحون ويضحكون، فقلت لبعضهم: أظنّ حدث لكم عيد لا نعرفه؟ قالوا: لا. قلت: فما بال الناس كافّة فرحين مسرورين؟ فقالوا: أغريب أنت، أم لا عهد لك بالبلد؟ قلت: نعم، فماذا؟ قالوا: فُتح لأمير [المفسدين] فتح عظيم. قلت: وما هذا الفتح؟ قالوا: خرج عليه في أرض العراق خارجي فقتله، والمنّة لله وله الحمد! قلت: ومَن هذا الخارجي؟ قالوا: الحسين بن علي بن أبي طالب. قلت: الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟! قالوا: نعم! قلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وإنّ هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت نبيكم؟! وما كفاكم قتله حتى سميتموه خارجياً؟! فقالوا: يا هذا! أمسك عن هذا الكلام واحفظ نفسك؛ فإنّه ما من أحد يذكر الحسين بخير إلّا ضُربت عنقه. فسكت عنهم باكياً حزيناً، فرأيت باباً عظيماً قد دخلت فيه الأعلام والطبول. فقالوا: الرأس يدخل من هذا الباب. فوقفت هناك، وكلّما تقدَّموا بالرأس كان أشدّ لفرحهم وارتفعت أصواتهم، وإذا برأس الحسين والنور يسطع من فيه كنور رسول الله (عليها السلام)، فلطمت على وجهي، وقطعت أطماري، وعلا بكائي ونحيبي، وقلت: واحزناه! للأبدان السليبة النازحة عن الأوطان، المدفونة بلا أكفان، واحزناه! على الخدّ التريب والشيب الخضيب، يا رسول الله! ليت عينيك ترى رأس الحسين في دمشق يُطاف به في الأسواق، وبناتك مشهورات على النياق مشققات الذيول والأزياق، ينظر إليهم شرار الفسَّاق، أين علي بن أبي طالب يراكم على هذا الحال؟! إلى أن قال: وكان معي رفيق نصراني يريد بيت المقدس وهو متقلَّد سيفاً تحت ثيابه، فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين، وهو يقرأ القرآن ويقول: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، فقد أدركته السعادة، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، ثمّ انتضى سيفه وشدَّ به على القوم، وهو يبكي وجعل يضرب فيهم، فقتل منهم جماعة كثيرة، ثمَّ تكاثروا عليه فقتلوه...». وسهل هذا يبدو أنّه الصحابي المعروف، سهل بن سعد الساعدي. الرواية السادسة: رواية النطنزي في الخصائص وهي ما رواه ابن شهر آشوب عن النطنزي في الخصائص قال: «...لمّا جاؤوا برأس الحسين ونزلوا منزلاً يُقال له: قنسرين، اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه ويصعد إلى السماء، فأتاهم بعشرة آلاف درهم وأخذ الرأس، وأدخله صومعته فسمع صوتاً ولم يرَ شخصاً، قال: طوبى لك، وطوبى لمَن عرف حرمته. فرفع الراهب رأسه قال: يا ربّ، بحقِّ عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلُّم معي، فتكلَّم الرأس وقال: يا راهب، أي شيءٍ تريد! قال مَن أنت؟ قال: أنا ابن محمد المصطفى، وأنا ابن علي المرتضى وأنا ابن فاطمة الزهراء، وأنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم أنا العطشان. فسكت، فوضع الراهب وجهه على وجهه، فقال: لا أرفع وجهي عن وجهك حتى تقول: أنا شفيعك يوم القيامة. فتكلَّم الرأس، فقال: ارجع إلى دين جدّي محمد. فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله. فقبل له الشفاعة، فلما أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلمّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة». ونقلها ـ أيضاً عن النطنزي في الخصائص ـ العلّامة المجلسي في البحار. والنطنزي هو محمد بن أحمد النطنزي الكاشاني 480 ـ 550ﻫ يروي عنه السيد الراوندي. ويبدو أنّ حادثة إسلام الراهب على يد الرأس الشريف من الحوادث المشهورة المعروفة، والدليل على ذلك أنّ الجوهري الجرجاني قد نظم فيها شعراً حيث قال: حتى يصيح بقنسرين صاحبها يا فرقة الغي يا حزب الشياطين أتهزؤون برأس بات منتصباً على القناة بدين الله يؤميني آمنت ويحكم بالله مهتدياً وبالنبي وحبّ المرتضى ديني فـجدلوه صريعاً فـوق وجـنته وقسموه بأطراف السكاكين والجوهري الجرجاني من شعراء القرن الرابع الهجري، وهذا يدلّ على اشتهار الحادثة قبل زمان ابن شهر آشوب ـ الناقل لها ـ بقرنين من الزمن. الرواية السابعة: رواية اليهودي الذي أسلم بسبب الرأس الشريف وهي ما رواه العلّامة المجلسي في البحار عن كتاب المناقب القديم، حيث قال: «...روي أنّه لما حُمل رأسه إلى الشام جنَّ عليهم الليلُ فنزلوا عند رجل من اليهود، فلمّا شربوا وسكروا، قالوا: عندنا رأس الحسين (عليه السلام). فقال: أروه لي. فأروه وهو في الصندوق يسطع منه النور نحو السماء؛ فتعجّب منه اليهودي، فاستودعه منهم وقال للرأس: اشفع ليّ عند جدّك فأنطق الله الرأس، فقال: إنّما شفاعتي للمحمديين، ولست بمحمدي. فجمع اليهودي أقرباءه، ثمَّ أخذ الرأس ووضعه في طست وصبّ عليه ماء الورد، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثمَّ قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمد (عليه السلام)، ثمَّ قال: يا لهفاه، حيث لم أجد جدّك محمداً (عليها السلام) فأُسلم على يديه! يا لهفاه حيث لم أجدك حياً فأُسلم على يديك وأُقاتل بين يديك! فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة؟ فانطق الله الرأس، فقال بلسان فصيح: إن أسلمت فأنا لك شفيع، قاله ثلاث مرات وسكت فأسلم الرجل وأقرباؤه». وقد احتمل العلاّمة المجلسي قدس سره أن يكون هذا اليهودي هو نفسه راهب قنسرين، حيث قال ما نصّه: «ولعل هذا اليهودي كان راهب قنسرين؛ لأنّه أسلم بسبب رأس الحسين (عليه السلام) وجاء ذكره في الأشعار وأورده الجوهري الجرجاني في مرثية الحسين (عليه السلام)»، ولكنّه احتمال ضعيف؛ وذلك لأنّ اليهودي لا يُسمى راهباً، وإنّما يُسمى حبراً، هذا أولاً، وثانياً للاختلاف الواضح بين القصّتين ـ من حيث التفاصيل ـ المانع من اتّحادهما. الرواية الثامنة: مرسلة ابن شهر آشوب وهي ما رواه في المناقب مرسلاً، حيث قال: «... وفي أثر أنّهم لمّا صلبوا رأسه على الشجرة سُمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾». ورواها مرسلةً أيضاً العلّامة المجلسي في البحار. الرواية التاسعة: مرسلة أُخرى لابن شهر آشوب وهي ما رواه في المناقب أيضاً، فقال: «... وسُمع صوته (عليه السلام) بدمشق يقول: لا قوّة إلّا بالله»[44]، وكذلك رواها المجلسي في البحار. الرواية العاشرة: مرسلة البحراني في مدينة المعاجز ما رواه البحراني مرسلاً: «... إنّ عبيد الله بن زياد بعد ما عُرِض عليه رأس الحسين (عليه السلام) دعا بخولي بن يزيد الأصبحي، وقال له: خذ هذا الرأس حتى أسألك عنه. فقال: سمعاً وطاعة. فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، إلى أن قال: فخرجت امرأته في الليل، فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلى عنان السماء، فجاءت إلى الإجانة فسمعت أنيناً، وهو يقرأ إلى طلوع الفجر، وكان آخر ما قرأ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾». الرواية الحادية عشرة: ما نقل عن البهبهاني في شرح الشافية فقد نُقل عنه أنّه روى عن أبي مخنف أنه قال: «... حدّثني مَن حضر اليوم الذي ورد فيه رأس الحسين (عليه السلام) على ابن زياد لعن قال: رأيت قد خرجت من القصر نارٌ، فقام عبيد الله بن زياد هارباً من سريره إلى أن دخل بعض البيوت، وتكلّم الرأس الشريف بصوت فصيح جهوري، يسمعه ابن زياد ومَن كان معه، إلى أين تهرب من النار؟! يا ملعون! لئن عَجَزت عَنك في الدنيا فإنّها في الآخرة مَثْواك ومصيرك. قال: فوقع أهل القصر سجّداً لما رأوا من رأس الحسين (عليه السلام)، فلّما ارتفعت النار سكت رأس الحسين (عليه السلام)». الرواية الثانية عشرة: رواية هلال بن معاوية ذكر السيد المقرّم قدس سره ـ نقلاً عن بعض المصادر ـ هذه الرواية، فقال: «... قال هلال ابن معاوية: رأيت رجلاً يحمل رأس الحسين (عليه السلام) والرأس يخاطبه: فرَّقتَ بين رأسي وبدني؟! فرّق الله بين لحمك وعظمك وجعلك آية ونكالاً للعالمين. فرفع السوط وأخذ يضرب الرأس حتى سكت» هذه مجموعة من الروايات التي عثرنا عليها في كتب الخاصّة، ولعل هناك غيرها ولكننا لم نظفر بها.

12