الحسيني الحسيني ( 17 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الأخلاص في العبادة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ورد في الزيارات عبارة (وعبدت الله مخلصاً) كيف نعبد الله مخلصين؟ وكيف نصل إلى مقام الأخلاص؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الإخلاص: هو تجريد النية من الشوائب والمفاسد،وأن يكون الهدف في دائرة الفكر والسلوك هو الله تعالى فقط، بمعنى آخر: هو صفاء الأعمال من شوائب الرياء، وجعلها خالصة لله تعالى. وان الاخلاص يكون على عدة أنواع منها: الاخلاص لله عز وجل في العبادة، أي: أن يخلص المرء في طاعته لله سبحانه، وعليه ايضاً ان يخلص في نيته في جميع العبادات المكلف بالقيام بها من قبل الله تعالى؛ كالصوم والصلاة والحج والخمس والزكاة والجهاد في سبيل الله تعالى؛ كون الاخلاص شرط في قبول الاعمال من الانسان، وان تكون نيته في كل هذا في الاعمال مرضاة رب العزة والجلالة وحده ولا يريد فيها غيره عز وجل، كما قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وما أُمروا إلا ليعبدوا اللهَ مخلصينَ لهُ الدينَ حنفاءَ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةَ وذلكَ دينُ القيّمة)، وان الاخلاص في الدين والعبادة لا يكون الا لله وحده سبحانه، كما قال تعالى: (ألا لله الدين الخالص)، وكذلك أن يكون العبد مخلصا في صلاته لله سبحانه، و ان القيام والركوع والسجود في الصلاة لا يكفي إلا إذا كان العبد يريد فيها الى الواحد الاحد سبحانه وتعالى، وكان يريد فيها غير التقرب الى الله بواسطتها، وروي عن الامام علي (عليه السلام)، أنه قال في موضوع الاخلاص في الصلاة: (ليست الصلاة قيامك وقعودك، إنما الصلاة إخلاصك، وأن تريد بها الله وحده)، واضافة الى الاخلاص في العبادة الاخلاص في الدعاء؛ أي: يجب على الانسان عند دعائه أن تكون نيته في الدعاء خالصة لله تعالى ولا يشغله عن ذكر الله سبحانه شيء، كما وروي عن الامام الرضا (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: (طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحرك صدره بما أُعطي غيره). وكذلك من انواعه الاخلاص في العمل: أي: ان يكون عمل الانسان متقناً خالصاً لله تعالى، حتى يكون هذا العمل مقبولا منه؛ لأنه تعالى لا يقبل من العمل من العبد الا ما كان خالصا اليه، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا عملت عملا فاعمل لله خالصا؛ لأنه لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان خالصا)، وإن الشخص اذا اشرك مع الله تعالى بالعمل ولم تكن نيته خالصة لله تعالى وحده، أصبح عمله باطلاً إلا ما كان خالصا لله وحده، هذا ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)، حيث انه قال: قال الله تعالى: (...، من أشرك بي في عمله، لن أقبله إلا ما كان لي خالصا) ويتحقّق الإخلاص من خلال إزالة المانع الذي يحول دون تحقّقه. وهذا المانع هو هوى النفس. فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "كيف يستطيع الإخلاص من يغلبه الهوى؟". والهوى هو حبّ النفس واتّباع الأوامر الصادرة منها، وهو ما يُعتبر شركاً، لأنّ المُطاع فيه هو نفس الإنسان وليس الحقّ عزّ وجلّ. إنّ اتّباع الهوى يؤدّي بالإنسان إلى الضّلال عن سبيل الله عزّ وجلّ وصراطه المستقيم، ذلك أنّ سبيله تعالى مرهونٌ بأمرين هما التوحيد والطاعة، وقد قال عزّ من قائلٍ: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾. وللأسف فإنّنا في كثيرٍ من الموارد نجعل أهواءنا مكان الله تعالى، وننصاع لميولنا النفسيّة بدل الانصياع لأحكام الشّرع. من هنا يقول الحقّ تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾51، فإن حبّ النفس يؤدّي إلى طاعتها واتّباع أوامرها، واتّباع أوامرها يعني أنّ المُطاع ليس الله تعالى، ممّا يكون سبباً في وقوع الإنسان في المعصية والمخالفة لأوامر الحق عزّ وجلّ، وبالتالي البعد عن الله والحرمان من الهداية. وهناك أمرٌ آخر يساعد أيضاً على تحقّق الإخلاص وهو اليقين. لأنّ الإخلاص لله هو وليد الإيمان واليقين العميق بالمعارف الإلهيّة، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الإخلاص ثمرة اليقين"52. فلكي يغدو الإنسان مخلصاً يجب أن يكون صاحب يقينٍ على مستوى التوحيد، ومؤمناً بأنه لا مؤثّر في الوجود إلّا الله، وأنّ كلّ شيء في هذا العالم يبدأ من الله ويعود إليه, ليكون من: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾53. والخطوة الأولى نحو اليقين الصحيح تكمن بالعلم والمعرفة بأسس هذا الدين ومبادئه ومعارفه الإلهية، ومن دون هذه المعرفة يبقى يقين الإنسان ضعيفاً ومتزلزلاً، وبالتالي محروماً من فضيلة الإخلاص. عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: "أوّل الدين معرفته وكمال معرفته، التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له" في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه قال: جاء جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال له النبي: يا جبرئيل ما تفسير الاخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد، وإذا وجد رضى، وإذا بقي عنده شيئا أعطاه، فان من لم يسأل المخلوق أقر الله عز وجل بالعبودية، وإذا وجد فرضى فهو عن الله راض، والله تبارك وتعالى عنه راض، وإذا أعطى الله عز وجل فهو على حد الثقة بربه عز وجل، والحديث طويل أخذنا منه موضوع الحاجة.

2