( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

ماذا افعل اذا كان حسن معاملتي يكون بمقابلة سوء معاملة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعاني في عيشي وما اقوم به من ان اغلب الاعمال اللتي اقوم بها للناس واساعدهم بها لا القى منهم احسان او امتنان او حتى حسن المعاشره فكثيرا ما اجد المعامله بالسوء بالمقابل وعدم تقدير اي شيء فقلت في نفسي هل كل الاعمال اللتي اساعد فيها الاخرين من معلومات او دراسه او مساعدة مريض والمكوث معه او شراء اشياء لشخص او الاحسان لشخص بصورة عامه اذا كان العمل للشخص ولم يقدرني فاني افني عمري بدون فائدة في هذه الامور ففكرت هل استطيع ان اجعل نيتي في كل هذه الاشياء لوجه لله واكسب عليها اجر من الله؟ لاني لو ابقى على امل الانسان وردِه الاحسان لي ما اعتقد اني سأجد شيئاً سيضيع اغلب تعبي مع الناس لكن بالتاكيد لا يضيع مع الله اذا كان الله يعطيني اجرا بالمقابل فما رأيكم فقلبي متألم من هذه الحاله مع اغلب الناس حولي حتى اهلي لا يقدرون ما افعله لهم ولا اعرف كيف اتصرف وافكر وانتضر اجابتكم مشكورين اجاباتكم دائما تكون فيها مواساة ومواعظ كثيره اتمنى ان تتحفوني بشيئ من الكلام حول هذا الموضوع


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته إنّ من أسباب السعادة أن تعفو عمّن ظلمك، وتُعطي من حرمك، وتُحسن إلى من أساء إليك، فإنّ العفو والصفح يُنقّي القلب من الغيظ والحقد والعداوة، كذلك الصفح والتجاوز يُطهّر القلب، ويجلب له السعادة والمسرّات، فلا يُسَرّ الإنسان وقلبه ممتلئ غيظاً وحقداً، والله تعالى يقول في مُحكم كتابه: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾15. فتأمّل كيف أعطاهم شرف النسبة إليه سبحانه مثلما قال: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾، وَقُلْ ﴿لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾. فإذا جاءك إنسان، فقال لك: فلان قد أساء إليك ويقول فيك كذا وكذا، فهناك حسن، وهناك أحسن، ولم يقل الله: قولوا حسنى، بل أمر: بأن يقولوا التي هي أحسن "أفعل التفضيل"، وهذا ممّا يدلّ على أنّ عباد الله حقّاً لا يُبادلون الإساءة بالإساءة، مع أنّ الحقّ لك إذا أساء الغير، أن تردّ الإساءة بالإساءة، ولكن الأحسن أنّ ترد الإساءة بالإحسان: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). هذا ويُعلّمنا مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم درساً عظيماً في ردّ الإساءة بالإحسان، وذلك في اليوم العصيب الذي شخبت فيه جراحاته وكسرت رباعيته، وقُتل عمّه سيّد الشهداء حمزة رضوان الله عليه، ومع كلّ ما أصابه من الأذى لم يزد على أن قال: "اللهم اغفر لقومي، فإنّهم لا يعلمون"، فتأمّل كيف لم يمنعه سوء صنيعهم به عن إرادته الخير وطلب المغفرة لهم. وإليك نموذج من عباد الله الذين أدّبهم هذا النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فكان من الرجال الذين لا تهزّهم إساءة، ولا تستفزّهم جهالة، لأنّ لغو السفهاء يتلاشى فى رحابهم كما تتلاشى الأحجار في أغوار البحر المحيط، عنيتُ أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، فقد شتمه رجل ذات يوم، فقال له أبو ذر: "يا هذا لا تغرق في شتمنا، ودع للصلح موضعاً، فإنّا لا نُكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نُطيع الله فيه". إنّ المؤمن ذو قلب رحيم، عطوف حنون يُسامح ويكظم الغيظ، ويعفو عن الناس وإن أساؤوا، ويحترمهم وإن أهانوا، والمؤمن أسمى من أن يصدر عن غيظ، وينطلق عن غضب أو حقد، وكيف يعرف قلبه الأحقاد، وقد تمكّنت فيه هداية الله وحبّ المؤمنين؟

2