تفسير القرآن
في سورة الاحزاب الله يقول : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا) بينما في سورة التحريم الله يقول أيضاً :( عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) في الآية الأولى الله يقول لا يحل للنبي أن يبدل ازواجه بينما في الآية الثانية يقول انه ممكن أن يطلقهن ويأتي بزوجات غيرهن السؤال: هو هل يوجد تناقض بين الآيات الواردة اعلاه ام ماذا يسمى هذا ممكن تفسير لهذه الآيات ؟
لاتنافي بين الايتين فكل أية لها موضوعها الخاص فالآية الاولى قد بيّن الله سبحانه في هذه الآية حكما من الأحكام المتعلقة بزوجات النبي، فقال عز وجل: لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك فالآية منعت الرسول من الزواج الجديد إلا الإماء والجواري وكان الله على كل شئ رقيبا. والظاهر من تعبير من بعد أن الزواج محرم عليك بعد هذا، وبناء على هذا فإن (بعد) إما أن تعني (بعد) الزمانية، أي لا تتخذ زوجة بعد هذا الزمان، أو أن المراد أنك بعد أن خيرت أزواجك بين البقاء معك والحياة حياة بسيطة في بيتك، وبين فراقهن، وقد رجحن البقاء معك عن رغبة منهن، فلا ينبغي أن تتزوج بعدهن بامرأة أخرى. وكذلك لا يمكنك أن تطلق بعضهن وتختار مكانهن زوجات اخر. وبتعبير آخر: لا تزد في عددهن، ولا تبدل الموجود منهن والآية الثانية يخاطب الله تعالى جميع نساء النبي بلهجة لا تخلو من التهديد: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا. لذا فهو ينذرهن ألا يتصورن أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سوف لن يطلقهن، أو يتصورن أن النبي لا يستبدلهن بنساء أخريات أفضل منهن، وذلك ليكففن عن التآمر عليه وإلا فسيحرمن من شرف منزلة " زوجة الرسول " إلى الأبد، وستأخذ نساء أخريات أفضل منهن هذا اللقب الكريم. فالحاصل ا- هناك بعد زماني بين الأيتين فالأية الاولى نزلت في أخر حياة النبي (ص)والاية نزلت قبلها . ٢-النهي الوارد ليس بتحريمي ٣-الخطاب في الآية الاولى مختص بالنبي (ص) والخطاب في الأية الثانية مختص بقسم من زوجات النبي(ص) قد خالفن النبي (ص). ٤- التبديل أعم في الاية الثانية فلايكون بالزواج فقط بل يكون بعن طريق هبة المرأة نفسها للنبي (ص) فقد ورد في الكافي مسندا عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله ان المرأة لا تخطب الزوج وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد فهل لك من حاجة؟ فان تك فقد وهبت نفسي لك ان قبلتني. فقال لها رسول الله خيرا ودعا لها. ثم قال: يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيرا فقد نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم. فقالت لها حفصة: ما أقل حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال. فقال رسول الله: كفى عنها يا حفصة فإنها خير منك رغبت في رسول الله ولمتها وعبتها. ثم قال للمرأة: انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعرضك لمحبتي وسروري وسيأتيك أمري إن شاء الله، فأنزل الله عز وجل (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) قال: فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يحل ذلك لغيره.