قوله تعالى : {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
الجهد الوسع والطاقة والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو والجهاد ثلاثة أضرب : مجاهدة العدو الظاهر ، ومجاهدة الشيطان ، ومجاهدة النفس كذا ذكره الراغب .
وقوله : {جاهدوا فينا} أي استقر جهادهم فينا وهو استعارة كنائية عن كون جهده مبذولا فيما يتعلق به تعالى من اعتقاد عمل ، فلا ينصرف عن الإيمان به والائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه بصارف يصرفه .
وقوله : {لنهدينهم سبلنا} أثبت لنفسه سبلا وهي أيا ما كانت تنتهي إليه تعالى فإنما السبيل سبيل لتأديته إلى ذي السبيل وهو غايتها فسبله هي الطرق المقربة منه والهادية إليه تعالى ، وإذ كانت نفس المجاهدة من الهداية كانت الهداية إلى السبل هداية على هداية فتنطبق على مثل قوله تعالى : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد : 17] .
ومما تقدم يظهر أن لا حاجة في قوله : {فينا} إلى تقدير مضاف كشأن والتقدير في شأننا .