مصطفى حسين ( 28 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

اول شهيد في الطف

من أول شهيد من أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) في معركة الطف؟


لا يمكن حصر وتحديد أول شهيد في واقعة الطف ، وذلك لأن بداية المعركة كانت بشكل حملة اشترك فيها أكثر الأصحاب فكانت الحملة الأولى حين ابتداء المعركة بعدما قال الامام الحسين عليه السلام لأصحابه بعدما أصابتهم السهام ( قوموا رحمكم الله الى الموت الذي لابد منه فان هذه السهام رسل القوم اليكم ) فحمل اصحابه حملة واحدة واقتتلوا ساعة فما انجلت الغبرة الا عن خمسين صريعا . مقتل المقرم : 237 . وذكر بعض المحققين ان أول شهيد بحسب ما ورد في زيارة الناحية عن الإمام الحجة المروية في كتاب الإقبال للسيد ابن طاووس بسنده عن أبي جعفر الطوسي وبسند أبي جعفر الطوسي إلى الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني هو مسلم بن عوسجة، فقد ورد في الزيارة المخصَّصة للشهداء: "السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف أنحنُ نُخلِّي عنك، وبمَ نعتذر عند الله من أداء حقِّك .. ولو لم يكن معي سلاح أُقاتلهم لقذفتُهم بالحجارة ولم أفارقك حتى أموت معك، .. وكنتَ أول من شَرَى نفسه، وأول شهيدٍ من شهداء الله قضى نحبَه ففزتَ وربِّ الكعبة، شكر اللهُ استقدامك ومواساتِك أمامك ..". ويؤيد ما ورد في الزيارة ما أفاده بعض المؤرِّخين مثل ابن كثير في البداية والنهاية حيث قال: "إنَّ أول مَن قُتل من أصحاب الحسين (ع) هو مسلم بن عوسجة"، وكذلك ما أفاده أبو مخنف في كتابه مقتل الحسين (ع) حين قال: "فصُرع مسلم بن عوسجة أول أصحاب الحسين (ع)" وروى ذلك الطبري في تاريخه عن أبي مخنف كما أفاد ذلك ابن الدمشقي في كتابه جواهر المطالب. وذكر بعض المحققين أن الحر بن يزيد الرياحي أول من قتل في كربلاء فقد ورد في عدة من النصوص التاريخية ما يُشعر بأنَّ أول من قُتل من أصحاب الإمام الحسين (ع) هو الحرُّ بن يزيد الرياحي: منها: ما أفاده ابن طاووس في كتاب اللهوف أنَّ الحرَّ بن يزيد الرياحي قال للحسين (ع) بعد أنْ أبدى ندمه ممَّا كان قد بدر منه وأعلن عن توبته أمامه قال للحسين (ع): "فإذا كنتُ أولَ من خرج عليك فأذن لي أنْ أكون أول قتيلٍ بين يديك لعلِّي أكون ممَّن يُصافح جدَّك محمدًا (ص) غدًا في القيامة". ونقل صاحبُ البحار قريبًا من هذا المضمون عن محمد بن أبي طالب وصاحب المناقب قال: إنَّ الحرَّ أتى للحسين (ع) فقال: "يابن رسول الله (ص) كنتُ أول خارجٍ عليك فأذن لي لأكون أولَ قتيلٍ بين يديك وأولَ مَن يصافح جدَّك غدًا". هذا وقد حمل ابن طاووس كلام الحر على أنَّه أراد بأنه أول قتيل من حين قوله، وأما صاحب البحار فحمل كلامه على أنَّه أراد أول قتيل من المبارزين، وكلاهما اعتمد على قرينةٍ واحدة وهي أنَّ وقت كلام الحرِّ كان بعد أنْ قُتل جماعة من أصحاب الحسين (ع) فلا يمكن أنْ يكون مراده الأول حقيقة. إلا أنَّ ما أفاده ابن طاووس خلاف الظاهر جدًّا، والقرينة التي اعتمدها وإنْ كانت تقتضي أنْ لا يكون مراد الحر من الأول هو الأول حقيقة ولكنها لا تقتضي أن يكون مراده الأول من الآن، إذ إنَّ إطلاق عنوان الأول مع فرض علمه بأنَّه قد قُتل عدد من أصحاب الحسين (ع) غير متعارَف عند أهل اللسان والمحاورة، وكذلك فإنَّ هذه القرينة لا تقتضي أنْ يكون مراده من الأول هو أنَّه أول المبارزين كما أفاد صاحب البحار، إذ إنَّ أقصى ما تقتضيه هذه القرينة وهي استشهاد عددٍ من أصحاب الحسين (ع) قبل قوله هو أنَّ الحر لم يقصد من الأول حقيقة أما أنَّه يقصد ذلك أنْ يكون أول الشهداء من المبارزين فذلك أخصُّ ممَّا تقتضيه هذه القرينة. والصحيح أنْ يقال إنَّه لم يثبت أنَّ الحر قال ذلك بعد نشوب المعركة واستشهاد بعض أصحاب الحسين (ع)، بل المستظَهر من عبائر المؤرِّخين أنَّ كلام الحر الذي أبدى فيه رغبته لأنْ يكون أول قتيل وقع في سياقٍ واحد مع تعبيره عن ندمه وتوبته وذلك وقع منه حين وصوله للحسين (ع) وقبل نشوب المعركة، وعليه يكون مراده من الأول هو الأول حقيقة، ولكنَّ ذلك لا يقتضي أن يكون هو الأول واقعًا، إذ إنَّ ما أفاده الحر لم يكن أكثر من أمنية عبَّر عنها أو أنَّه تعبير عن الاستعداد للشهادة فهو وإن كان قد أراد أن يكون القتيل الأول بين يدي الحسين (ع) إلا أنَّ من الممكن أن لا يكون قد حظَيَ بنيل هذه الأمنية، فلا يكون هذا النص منافيًا لما ورد في الناحية المقدسة وغيرها من أنَّ مسلم بن عوسجة هو الشهيد الأول من شهداء كربلاء. بقي الكلام فيما أفاده بعض العلماء من أن مسلم كان أول قتيل بين يدي الحسين (ع) بعد الحملة الأولى، وهذا معناه ـنه لم يكن أول قتيل استُشهد بن يدي الحسين (ع)، وهذه الدعوى يمكن استظهارها مما سرده محمد بن أبي طالب من تفاصيل سير المعركة بحسب نقل صاحب البحار وكذلك يمكن استظهارها من العرض الذي قدَّمه جمع من المؤرخين كالطبري وابن الأثير لتفاصيل المعركة. إلا أن ذلك لا يمكن التعويل عليه بعد التصريح الوارد في زيارة الناحية المقدسة والتي ورد فيها: ".. وكنتَ أول من شرى نفسه وأول شهيد من شهداء الله قضى نحبه" فإن هذه الفقرة صريحة في أنَّ مسلم بن عوسجة كان أول شهداء الطف على الإطلاق، فلو كان قد سبقه للشهادة أحد من أصحاب الحسين (ع) لما صحَّ أن يُوصف بأنه أول من شرى نفسه وأنه أولُ شهيدٍ من شهداء الله، فإن هذا الوصف إنما يصدق على من قُتل أولًا وإلا فكلُّ واحدٍ أصحاب الحسين (ع) كان قد شرى نفسه، وكلُّ واحدٍ منهم يصح وصفه بأنَّه من شهداء الله تعالى، فلا خصوصية لمسلم إلا من جهة الأولية ولو كان قد سبقه غيره لكان هو الحقيق بوصف الأولية، فحمل الوصف بالأوليَّة على الأوليَّة بعد الحملة الأولى خلاف ما هو المتفاهم عرفًا من الفقرة الواردة في زيارة الناحية، وكذلك هو خلاف النصوص التأريخية التي أشرنا إليها، فبعضها كان صريحًا والبعض الآخر كان ظاهرًا. هذا أولًا، وثانيًا: فإنَّ النصوص التي استُظهر منها أنَّ مسلم بن عوسجة كان أول الشهداء بعد الحملة الأولى لم تكن صريحة في أنَّ العرض لتفاصيل المعركة كان على أساس الترتيب الزماني بنحو الدقة فكان جلُّ اهتمام هذه النصوص هو العرض لتفاصيل ما وقع في المعركة بقطع النظر عن تقدم بعض فصولها على البعض الآخر، ولذلك نجد اختلافًا في ترتيب الوقائع بين هذه النصوص رغم اتحادها في كثيرٍ من المضامين. وهذا بخلاف الفقرة الواردة في زيارة الناحية والتي هي متصدِّية للتنصيص على أنَّ مقتل مسلم كان أولًا بالإضافة إلى مجموع الشهداء، وكذلك هو النص الوارد في كتاب البداية والنهاية وهكذا هو ظاهر ما نقلناه عن أبي مخنف وجواهر المطالب لابن الدمشقي.

5