بشرية القران الكريم وان القران من النبي لا من الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله
نرجوا منكم توضيح هذه الشبه التي يطرحها من يشكك في كتاب الله عز وجل ويقول انه من عند بشر و الدليل في سورة الأنفال
بسمه تعالى
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
صدق الله العظيم
أليس الله عالم الغيب كيف يقول ((الان)) خفف الله عنكم ((و علم)) ان فيكم ضعفا وغير الحكم بعد ما كان المسلم يواجه عشر من المشركين صار المسلم يواجه اثنان من مشركين.فليس من المنطق ان عشرين جندي يصمدون أمام مئتين جندي.! وهذا دليل على أن كاته بشر لا يعرف للحر
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
شبهة بشرية القران ليست جديدة وكثير من المستشرقين والحداثيين كانوا يتشدقون بها وتنطلي على بعض البسطاء في العلم ومن لا دقة له في قراءة القران الكريم
والجواب عن هذه الشبهة مرة انطلاقا من المباني العقدية للمسلم واخرى بغض النظر عن ذلك بعبارة ان بعض الاجوبة نافعة للمسلم لانها تنطلق من العقيدة الاسلامية.
اما ما يخص الاجوبة العامة فانقل لجنابكم جواب السيد منير الخباز عن هذه الشبهة ولنا تتمة بعد جوابه تخص الاية في سؤالكم والجواب الخاص عن الشبهة:
((هل هذا القرآن الكريم صناعة بشرية أم لا؟ هناك مجموعة من المستشرقين من طرحوا هذا الاحتمال، أن القرآن صياغة بشرية، وذكروا هنا عدة احتمالات:
الاحتمال الأول: أن القرآن صياغة النبي محمد [صلى الله عليه واله]:
أن النبي إنسان أديب بليغ يمتلك قمة البلاغة والفن الأدبي، فهو الذي صاغ القرآن باسلوبه، يذكر الدكتور سروش: إن النبي تلقى بعض المضامين الإلهية، ولكن هو الذي صاغ هذا الكتاب وضم إليها جزءا من ثقافته ونصيبا من خبرته، وصاغ إلينا القرآن الكريم بهذه الصياغة، إذن القرآن الكريم ليس كتابا إلهيا بناء على هذا، وهو صناعة وصياغة بشرية ليس إلا، فلا يصلح أن يكون معجزا.
وهناك عدة وجوه ننفي بها هذا الاحتمال:
الوجه الأول: اختلاف السبك والنفس الأدبي:
عندما نقارن بين النفس الأدبي في القرآن والنفس الأدبي للنبي في حكمه، وأحاديثه، وخطبه ورسائله للملوك، نجد اختلافا واضحا، فهل يمكن لشخص أن يخدع الناس لمدة ثلاثة وعشرين سنة؟ فالمقارنة بين الاسلوبين تثبت لنا أن من صاغ القرآن هو غير من صاغ أحاديث النبي وخطبه، فهما نفسان أدبيان مختلفان تماما.
جون آربيري في كتابه «القرآن مقدمة ومختارات» - وهو إنسان مستشرق - يقول: ليس من الرؤية العلمية أن يكون القرآن من صناعة محمد .
وقد أقيمت دراسة، رأوا أن 62% من ألفاظ الحديث النبوي ليست موجودة في القرآن، و83% من ألفاظ القرآن الكريم ليست موجودة في الحديث النبوي، فأين التطابق بينهما مع هذا البون الشاسع في الألفاظ المستخدمة!
الوجه الثاني: العتاب القرآني:
في القرآن عدة آيات ظاهرها العتاب للنبي محمد ، عند اخواننا أهل السنة أن هذا العتاب حقيقي وواقعي، وعندنا أن هذا العتاب مجازي، كما يقال مراد استعمالي وليس المراد جدي، فلو كان القرآن من صناعة النبي لسد كل أبواب التشكيك في شخصيته، لأن الذي يدعي النبوة ويدعي القيادة العامة حتى يكسب الناس إلى جانبه ويدعم قيادته ويدعم شخصيته، إذا كان هو الذي صنع الكتاب فمقتضى هذه الدعوة أن لا يترك في الكتاب نافذة للتشكيك في قيادته، وأن لا يترك مرمى ومنفذ للتشكيك في شخصيته وصوابية قراراته، بينما نحن نرى الكتاب في عدة آيات تضع النبي موضع العتاب:
﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾.
وقال تبارك وتعالى: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾.
وقال: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾.
وقال: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
وقال أيضا: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾.
وقال القرآن أيضا: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾.
هل هذه أساليب يصنعها الإنسان لنفسه! إذا كان هو الذي صاغ القرآن فكيف تصدر منه هذه الآيات التي تضعه في موضع العتاب، والتي تفتح عليه نوافذ التشكيك في قياديته وصوابية قراره.
الوجه الثالث: هناك مجموعة من الآيات تؤكد أن لا مائز بين النبي والمجتمع البشري إلا النبوة:
فإذا كان هو الذي صنع الكتاب ألن يسبغ على نفسه صفات القداسة؟ نرى القرآن كيف مدح عيسى ابن مريم، مدحه بصفات قدسية: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ ومدح موسى: ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ و﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ بينما عندما أتى لذكر النبي لم يسبغ عليه صفة القداسة التي أسبغها على موسى وعيسى وغيرهما، لو كان القرآن منه لأسبغ على نفسه صفة القداسة حتى يزيد تمسك الناس به، وإقبالهم عليه، والإيمان بصوابية قراره، قال تبارك وتعالى: ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُم إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ﴾ وقال في آية أخرى: ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ويقول القرآن الكريم: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾.
الاحتمال الثاني: أن القرآن الكريم ناشئ عن مرض أصاب النبي وهو مرض الفص الصدغي:
هناك كتاب «الرؤى الدينية والطب المعاصر»، يذكر صاحب هذا الكتاب أن بين صرع الفص الصدغي وبين القضايا الروحية يوجد ارتباط، هذا المرض يصيب المخ إثر نوبة كهربائية شديدة، وأعراضه: شعور بالخوف، فقدان الوعي زمانا ومكانا، وشم رائحة غريبة، ثم يعي بعد ثانية، أو بعد دقيقة أو خمس دقائق.
قالوا: هذا المرض على علاقة بالقضايا الدينية والروحية، فانهم يقولون بأن النبي مصاب بهذا المرض، يصيبه ويعي ويقول نزل علي جبرائيل وقال لي كذا وكذا، ويقرأ القرآن، والقرآن ماهو إلا نسيج وصياغة نتيجة إصابة هذا الإنسان بصرع الفص الصدغي، هذا ماقاله القرآن عن الجاهلية منذ أن جاء النبي : ﴿إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾.
عندما نناقش هذا الاحتمال نجد أن:
أولا: النبي عاش 63 سنة، وعاشره القريب والبعيد، وما رأوا عليه أعراض مرض حتى يقال بأنه مصاب بصرع الفص الصدغي.
ثانيا: الشخص الذي يؤسس دولة، ويؤسس جيشا، ويضع نظاما اقتصاديا ويدير مجتمعا بأكمله، ويحسن إدارة العلاقات، لا يمكن أن يكون ناجحا في ذلك كله إلا إذا كان شخصية حذرة، أي شخصية دائما تضع شكوك وارتيابات، لأن الذي يؤسس دولة وجيشا واقتصادا يعرف أن هناك معارضين يكيدون له المكائد، لذلك تراه دائما شخصية حذرة، تراقب الأوضاع، تلتفت إلى الشبهات، دائما تثير شكا حتى تتجنب الأخطار، فهل يعقل من شخص يعيش حذرا في كل شيء، ومع ذلك يبقى متوهما طوال عمره أن هناك من يلقي عليه قضايا أخرى؟
الإنسان العادي عندما يصيبه هذا المرض من أول مرة يشك في نفسه، يراجع من حوله، لو كان النبي واهما أو مصابا بهذا الصرع لكان التفت إلى نفسه، لايعقل أنه حسن الإدارة، ينظم الجيش، والدولة، ويدير الاقتصاد، والمجتمع الإسلامي، وفي كل هذه الأمور لم يكن واهما، ولا مريضا، ولا مصروعا، فهل من المعقول أن يكون مصروعا عند الوحي؟
من خلال دليل حساب الاحتمالات، والمقارنة بين حاله في المعارك، وإقامة الدولة، وتأسيس الجيش، وإدارة المجتمع، وبين حاله إذا أخبر القرآن، ترشدنا إلى أنه كان شخصية حذرة، واعية، ملتفتة، لكل الاحتمالات في جميع أوضاعه وشؤونه .
رابعا: أن المرض المذكور، وهو صرع الفص الصدغي، غاية ماينتج أن الإنسان يدلو ببعض المواضيع الروحية فقط، وليس أن المرض سينتج لنا قرآن كامل، كتاب تشريعي متكامل، ويذكر لنا قصة الإنسانية من آدم إلى محمد ، هل من المعقول أن تأسيس تشريع متكامل وإيراد قصة الإنسانية كلها، والحديث عن الحقائق الكونية كلها، نتيجة صرع الفص الصدغي؟
الاحتمال الثالث: أن القرآن جاء نتيجة اكتساب ثقافي أي اكتسبه النبي من كتب العهدين في زمانه:
أن النبي تعلم هذا القرآن من كتابي العهد القديم والعهد الجديد، توراة موسى، وإنجيل عيسى، وأنه أخذ القرآن من هذين الكتابين، هما متوفران واستفاد القرآن منهما، فالقرآن ليس كتابا إلهيا جديدا، بل هو مستفاد من العهدين، القديم والجديد، وهذه الشبهة موجودة منذ زمن الجاهلية، يقول القرآن: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ أنه يكتب قصص الأولين وينشرها،
فماهي أجوبتنا عن هذا الاحتمال؟
أولا: أمية الرسول ، كان رجلا أمي، القرآن يبين لنا معنى الأمي: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ ويقول القرآن الكريم: ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ إذا كان رجل أمي لم يقرأ ولم يكتب، فهل باستطاعته أن يستنسخ القرآن من كتابين منسوخين، ثم يصوغهما إلى كتاب جديد يسمى بالقرآن الكريم؟
المستشرقة كارين أرميسترونج في كتابها «سيرة النبي محمد» قالت: لو كان النبي هو الذي استنسخ القرآن لاكتشفه الناس، لأنه عاش بينهم 23 سنة، فهل يعقل أنهم خلال 23 سنة لم يلتفتوا إلى أنه يستنسخ القرآن من هاذين الكتابين؟
ثانيا: ماذكره الدكتور عبدالرحمن بدوي، يقول: الشخص الذي يستنسخ كل هذه القصص، ويستنسخ كل هذه التشريعات، وكل هذه التعليمات، في هذا الكتاب ماذا يراد منه؟ لابد أن يكون شخصا مطلعا على اللغة العبرية، واللغة السريانية، واللغة اليونانية، لأن كتب العهدين كانت بهذه اللغات، لو كان شخصا استنسخ القرآن من العهدين، لكان يجب أن يكون متعلما للغة العبرية، والسريانية، واليونانية، ولديه مكتبة كبيرة تشتمل على: التلمود، والأناجيل المسيحية، وقرارات الكنيسة، وإنتاجات الآباء اليونانيين، لابد أن يكون ملما بكل هذا، بينما لم يذكر التاريخ عن النبي إلا أنه كان يتيما يتاجر في أموال أبي طالب، وفي أموال خديجة، ولم يصدر منه أي تعلم، وأي اكتساب، وأي استنساخ، وأي قراءة مع أي شخص ومع أي رجل آخر.
قد يقول البعض أن النبي لم يكن يعرف العبرية، والسريانية، واليونانية، لكنه قد يكون استنسخ العهدين المترجمين للغة العربية، نجيب عن ذلك:
أولا: بالنسبة لكتاب العهد القديم، تذكر الموسوعة الكاثوليكية المطبوعة عام 1913م أن العهد القديم لم يترجم إلا في القرن الثامن على يد سعديا الفيومي، والقرن الثامن هو بعد القرن الذي عاش فيه النبي بمئتي سنة، أي بعد قرنين من بعثة النبي محمد ، فمن أين استفاد القرآن من الترجمة العربية؟
ثانيا: بالنسبة للعهد الجديد، ماذكره تواضروس الثاني وهو البابا للكنسية المصرية الكاثوليكية في كتابه «مفتاح العهد الجديد» قال لم يترجم العهد الجديد إلا في أواخر القرن الثامن على يد أسقف أشبيليا، وهذا ما أكده الدكتور حكمت قشوع، كان لديه أطروحة دكتوراة في جامعة برمنغهام في بريطانيا، وكتب كتابا قدمه كرسالة دكتوراة «الترجمات العربية للأناجيل» هذا الدكتور تتبع الأناجيل كلها، بكل مخطوطاتها، إلى أن حصل على 210 مخطوطة من الأناجيل، بعد أن درسها كلها توصل إلى هذه النتيجة: أن الأناجيل لم تترجم إلى اللغة العربية إلا بعد 100 سنة أو أكثر من بعثة النبي محمد .
ثالثا: إذا نظرنا إلى ماورد في القرآن الكريم نجد أن القرآن الكريم خالف العهدين في كثير من القصص، وعند مراجعة الإنجيل والتوراة للتلمود والعهد الجديد ومقارنة القرآن، نجد أن القرآن تطابق معها في البعض، وخالفها في البعض الآخر، وصحح الأكاذيب والأباطيل التي وردت في بعض نسخها.
إذن من خلال هذه المناقشات التي ذكرناها تبين لنا أن هذا الاحتمال أيضا ساقط، لأن القرآن لم يستنسخ من كتب العهدين، إما لأن النبي أمي، أو لو كان ليس أميا لكان لأن النبي لم يكن يعرف العبرية والسريانية حتى ينسخ، فلو قال شخص أن هاذين الكتابين كانا باللغة العربية لأجبنا عليه بأن العهدين لم يترجما إلى اللغة العربية إلا في القرن الثامن، فكيف يكون النبي استفاد منهما باللغة العربية، لذلك يرى القرآن أن القصص التاريخية التي أوردها هي دليل على إعجاز القرآن، لو لم يكن القرآن إلهيا لما جاء بقصة الإنسانية من يوم آدم إلى يوم نبوة النبي ﴿وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ﴾.
الاحتمال الرابع: أن النبي تعلم القرآن الكريم من بعض أحبار اليهود أو النصارى:
أن النبي تعلم من أستاذ معين، إلى أن أبلغ القرآن الكريم نتيجة التعلم، وهذا الاحتمال طرحه أهل الجاهلية ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾ هذا الاحتمال يتركز على أمرين:
الأول: أن النبي تعلم القرآن من بحيرة الراهب، أو أن النبي تعلم القرآن من ورقة ابن نوفذ.
أولا: قصة بحيرة الراهب لما ذهب النبي إلى الشام مع عمه أبي طالب، وكان عمره اثني عشرة سنة رآه بحيرة الراهب، رأى معالم النبوة على وجهه، وقال: سيكون هذا رجلا عظيما ... المزید إلخ، هذه القصة وجدوها في مخطوطة لكاتب مستشرق اسمه جولدزيهر قال في هذا الكتاب أن عندنا وثيقة أن محمد تعلم الدين من بحيرة الراهب، وهو لم يأت بشيء جديد بل كله من بحيرة الراهب الذي هو قسيس مسيحي.
جوابنا على ذلك:
أولا: أن أصل القصة ليس بثابت، الإمام الذهبي في تعليقه على مستدرك الحاكم، قال: القصة أسطورة ليس لها صحة، ومالقي بحيرة الراهب محمد أبدا.
ثانيا: يقول جولدزيهر في كتابه: ليست هذه القصة إلا خرافة كتبت في القرن الثاني عشر، والتهم تلصق بالنبي من القرن السادس، ولو فرضنا أن القصة صحيحة وأن النبي التقى ببحيرة فهل للقاء عابر أن يكفي ليتعلم النبي هذا القرآن كله، وهذا الدين كله؟
ثانيا: ورقة ابن نوفل - غير وارد ذكره عند الشيعة - في كتب اخواننا السنة أن النبي لما نزل عليه الوحي في غار حراء جاء مرتعدا خائفا إلى زوجته خديجة فدثرته بالدثار، ثم جاءت به إلى ورقة ابن نوفل - كان نصرانيا في الجاهلية - فقال: لا تخف إن الناموس الذي نزل عليك هو الذي نزل على موسى ابن عمران .
الرد على هذه القصة:
أولا: لم تروى هذه القصة من طرقنا نحن الإمامية، فإذن تفرد بها فريق من المسلمين، ولا يمكن أن يطعن في الدين بقصة تفرد بها فريق من المسلمين، بل من الغريب أن الراوي للقصة هي عائشة، وعائشة زوجة رسول الله عند اخواننا أهل السنة لم تولد إلا بعد البعثة، فإذا كانت لم تولد إلا بعد البعثة، فكيف عاصرت الحدث، ورأت أن النبي جيء به إلى ورقة ابن نوفل، وهو الذي علمه أنه نبي من الله، وأن الناموس الذي نزل عليه هو الناموس الذي نزل على موسى ابن عمران؟
ثانيا: قصة ورقة ابن نوفل لم يروها بعد عائشة إلا البيت الزبيري، عبدالله ابن الزبير ومن تلاه، وهم ليسوا في موقع المصداقية والوثاقة كي يعتمد على نقلهم ورواياتهم.
ثالثا: الذين أثبتوا قصة ورقة ابن نوفل، قالوا: أن ورقة ابن نوفل مات بعد بعثة الرسول بسنتين، بينما الرسول بقي 20سنة من بعد وفاة ورقة ابن نوفل، يصدر قصص، وتشريعات، وأوامر وتعاليم، فمن أين اكتسب البقية؟ فلنفترض أنه اكتسب من ورقة ابن نوفل لمدة سنتين، فمن أين جاء النبي ببقية العشرين سنة من نزول القرآن؟
نورمان براون فيلسوف ودكتور تاريخ أديان، متخصص في علم النفس، يقول في كتابه مامضمونه: القصص الموجودة في القرآن فوق التاريخ، أي ليست نابعة من زمن ولا من مكان، ولا من صناعة، ولا من تعلم، بل هي صياغة إعجازية إلهية ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ صياغة القرآن نزلت على النبي وليس هو من صاغه، القرآن الكريم يقول: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ وقال: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ فإذن القرآن معنى ولفظا وصياغة نزل من السماء على النبي محمد .
إن القرآن الكريم كما هو معجزة في مضمونه وبلاغته وبيانه، فهو معجزة في صوته الموسيقي، إن لترتيل القرآن لحنا موسيقيا ينفذ إلى القلوب، ويلهب المشاعر والعواطف، لذلك قال القرآن الكريم: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ وكان الإمام زين العابدين علي أعذب الناس صوتا، فكان إذا رتل القرآن وقف المارة في قارعة الطريق يستمعون إلى تلاوته، فيعروهم الخشوع لله عز وجل من صوت زين العابدين وهو يرتل القرآن، ولذلك الإمام علي يصف المتقين، يقول: ”أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن، يرتلونه ترتيلا، فإذا مروا بآية فيها تشويق طمعت إليها نفوسهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم))(منقول بتصرف من محاضرة القاها السيد منير الخباز بتاريخ 17 / 9 / 2018م)
ويمكن الاضافة:
انه لو كان القران الكريم من النبي (صلى الله عليه واله) واختراعه لما عجز ان ياتي العرب بمثله فان القران تحدى الجميع الانس والجن ان ياتوا بمثل هذا القران وما استطاعوا ان ياتوا بمثله ولا بعشر سور منه بل تحداهم القران الكريم ان ياتوا بسورة واحدة وماكان منهم الا الخيبة فهذا يكشف ان القران كان فوق مستوى البشر اصلا ولا يمكن لاحد من البشر ان ياتي بمثل هذا النظم المعجز.
اما الجواب الخاص:
ان من عقيدة المسلمين ان النبي (صلى الله عليه واله) معصوم فهل يعقل انه على مدار عشرين سنة كان يخدع الناس ويكذب عليهم وان هذا القران هو وحي بكل الفاظه وليس له منها الا انه واسطة بينهم وبين الله تعالى ينقل لهم كلام الله تعالى، فكيف يمكن الكذب وهو معصوم عن الخطا واخبر ان كل ما عنده هو من الله تعالى.
اما ما يخص الاية الشريفة:
ان هذه الاية وغيرها من الايات التي يلهج بها البعض لا تصلح لاثبات ما يتوهمونه اما هذه الاية الشريفة:
فعبارة (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) ليس فيها ما ينفي علم الله تعالى الغيبي فان التخفيف هو الان لكون فيهم ضعفا فالظرف (الان) متعلق بخفف لا بـ(علم) واما علمه فهو غير مقيد بـ(الان) بل علمه الغيبي الى ماشاء الله تعالى.
اما قضية العدد فلا تنافي بين ماذكره في اول الاية ((إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)) وان الغلبة للمؤمنين لعشرة اضعافهم وبين قوله تعالى ((فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ))
فان هذا يرتبط بقوة الايمان التي يحمله المسلمون وان حالهم يختلف فان الحالة الاولى تحكي الايمان القوي الثابت فعندها يمكن لعدد من المسلمين ان يغلب عشرة اضعاف عدوهم.
ولكن الله تعالى علم ان فيهم ضعفا من الجهة الايمانية فخفف عنهم فكانت النتيجة ان عددا من هؤلاء سيغلب الضعف فقط
فاي تهافت بين الحكمين !!
اما انه هل من المنطقي ان يغلب العشرون مئتين من العدو ؟
انه من المنطقي جدا ما دام هؤلاء العشرون يحملون الايمان الراسخ فيكونون كزبر الحديد والتاريخ يحدثنا عن حالات كان فيها جيش المسلمين اقل بكثير من جيش اعدائهم وكان النصر حليف المسلمين كما في معركة مؤتة التي رووا أن جيش المسلمين كان لا يتجاوز ثلاثة آلاف مقاتل، أما جيش العدو فأقل ما ذكروا عنه أنه كان حوالي مئة وخمسين ألفا.
وايضا جيش الإسلام الذي حرر فارس وجيش الساسانيين، فقد قيل مثلا: إن الجيش الإسلامي كان لا يتجاوز خمسين ألف مقاتل، بينما كان جيش خسرو پرويز خمسمائة ألف مقاتل!
وأما في معركة اليرموك التي وقعت بين المسلمين والروم، فقد ذكر المؤرخون أن الجيش الذي جمعه هرقل كان حوالي مئتي ألف مقاتل، بينما كان جيش الإسلام لا يتجاوز أربعة وعشرين ألفا!
والأعجب من ذلك أن المؤرخين يذكرون أن قتلى جيش الروم في معركة اليرموك كانوا يزيدون على سبعين ألفا!!
فهذه النماذج وغيرها الكثير فلا وجه لانكار هذه الحقيقة المرتبطة بقوة الايمان وصلابة العزيمة.
وبعد كل هذا فلا وجه لما ذكر وبالتاكيد ان اعداء الاسلام واصحاب المصالح الدنيوية وبعض من معرفة لديه وغيرهم يحاولون ان يضعفو الدين بالتشكيك بالقران الكريم.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته