وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تعتبر الضيافة من أجلى مظاهر الكرم، وهي من الصفات التي تغنّت بها الشعراء وخلّدت أناساً في التاريخ، وفوق هذا كله فالضيافة ممّا ندبت إليها الشريعة الإسلامية وحثّت عليها الديانات الإلهية، وهي وسيلة من والوسائل إلى رضا الله تعالى، وفي الرواية: إنّ الإمام علي (عليه السلام) سأل العلاء بن زياد لما رأى سعة داره: "ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج؟ وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة: تقري بها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة". (ابن أبي الحديد،شرح نهج البلاغة:ج١١،ص٣٢). وكثرت الروايات التي تتحدّث عن لزوم إكرام الضيف الداخل إلى دار الإنسان، منها: ما رُوي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".(هادي النجفي،موسوعة أهل البيت: ج٦،ص٢٥١). بل إنّ من أفضل موارد الإنفاق لمَن أتاه الله المال والسعة هي إكرام الضيوف بما يدخل فيه السرور إلى قلوبهم، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَن أتاه الله مالاً فليصل به القرابة وليحسن منه الضيافة".(ابن أبي الحديد،شرح نهج البلاغة:ج٩،ص٧٤). ومن فضل الله تعالى على المؤمنين أنّه جعل الرزق في دخول الضيف إلى المنزل، فمَن كان يخاف العسر من كثرة الضيوف، فعليه أن يثق بما وعد به الله تعالى على لسان رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد رُوي عنه أنّه قال: "الرزق أسرع إلى مَن يُطعم الطعام من السكين في السنام".(الحر العاملي، وسائل الشيعة:ج١١،ص٥٥٥)، بل إنّ من فضل الله تعالى على المؤمنين المضيفين أن يغفر الله لهم ذنوبهم ببركة الضيف وبركة الضيافة، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الضيف ينزل برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٧٢،ص٤٦١). إنّ بيت الإنسان المؤمن المحافظ على القيم والمبادى الإسلامية، معمور بالملائكة التي تستغفر له ولأهل بيته المؤمنين، ومن الأمور التي تجعل هذا البيت خالياً من الملائكة الكرام المسبحين، عدم دخول الضيوف إلى هذا المنزل فقد ورد في الحديث عن الإمام علي (عليه السلام): "كل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخل فيه الملائكة".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٧٢،ص٤٦١). وفي رواية أخرى: إنّ الإمام علي (عليه السلام) شوهد حزيناً، فسئل عن علته، فقال (عليه السلام): "لسبع أتت لم يضف علينا ضيف".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج٢،ص١٧١٨).