حسن الحسيني ( 38 سنة ) - العراق
منذ سنتين

أخلاق

كيف لي الأقلاع من مشاهدة ماحرمه الله ..علما أنا على هذا الحال منذ أكثر ١٨ عام ؟ ماهي الامور التي أستطيع من خلالها عدم العودة من جديد ..شكرا لكم .


غضُّ الطَّرف يحتاج إلى معرفة، وإلى عزيمة، وقوَّة إرادة. فعلى المكلَّف أن يعرف الآثار، والعواقب الوخيمة لهذه الآفة، ثمَّ عليه أن يشحذ همّته لمخالفة النَّفس، عندما تسوّل له النَّظر إلى ما يحرم النَّظر إليه. قال الإمام السَّجاد عليه السلام: "وأمَّا حقُّ بصرك فغضُّه عمَّا لا يحلُّ لك وترك ابتذاله إلَّا لموضع عبرة، تستقبل بها بصراً أو تستفيد بها علماً، فإنَّ البصر باب الاعتبار".ويمكن أن تكون هناك بعض الأمور الَّتي تساعد على غضِّ البصر، منها: 1- قطع النَّظر من البداية: فالرَّجل الَّذي يتبع النَّظرة الأولى الثَّانية، ولا يغضُّ الطَّرف عمَّا حرم عليه كمثل رجل ركب فرسًا جديدًا فمالت به إلى درب ضَيِّق بحيث تنفُذ فيه هذا الفرس بصعوبة، وإذا دخلت فإنَّه لا يستطيع أن يستدير بها، فيه، فإذا همَّت بالدُّخول في النَّفق قام الفارس بكبحها ومنعها من الدُّخول. أمَّا لو توانى حتَّى دخلت، وساقها الفارس طوعا إلى داخل النَّفق، ثمَّ عمد لاحقا إلى إخراجها من النَّفق بجذبها من ذنبها، لعسر عليه ولتعذَّر عليه إخراجها. وفي نفس الوقت لن يقول عاقل أنَّ طريق تخليصها بسوقها إلى الدَّاخل أيضاً؟ فكذلك هي حال النَّظرة إذا أثَّرت في القلب، ولم يردعها الإنسان قبل أن تلج مضائق الحرام. وإن كرَّر النَّظر ونقَّب في محاسن الصُّورة، ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه تمكَّنت المحبَّة وكلَّما تواصلت النَّظرات كانت كالماء يسقي الشَّجرة، فلا تزال شجرة الحبّ تنمى حتَّى يفسد القلب، ويعرض عن الفكر فيما أمر به، فيخرج بصاحبه إلى المحن، ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن، ويلقي القلب في التَّلف. والسَّبب في هذا أنَّ النَّاظر التذَّت عينه بأوَّل نظرة، فطلبت المعاودة كأكل الطَّعام اللَّذيد إذا تناول منه لقمة. ولو أنَّه غضَّ أوَّلاً لاستراح قلبه وسلم. 2- معرفة الله ومراقبته وتقواه: إنَّ معرفة الله تعالى، ومراقبته وتقواه، هي أمور أساسيَّة في حفظ الإنسان، وابتعاده عن المحرَّمات. فينبغي العلم بأنَّ الله بصير بالعباد، وأنَّه يرى وأنَّه رقيب وأنَّه يعلم السِّرَّ وأخفى، ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾. وعن أمير المؤمنين عليه السلام حينما سئل: بما يستعان على غمض البصر؟ فقال: "بالخمود تحت سلطان المطلع على سرِّك". 3- الحياء من الله تعالى: وذلك بالمراقبة والخوف من الله عزَّ وجلَّ والعمل بوصيَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "أوصيك أن تستحي من الله،ـ تعالى، كما تستحي من الرَّجل الصَّالح من قومك". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "استحيوا من الله حقَّ الحياء، قيل له: يا رسول الله: إنّا لنستحيي من الله حق الحياء، فقال: ليس كذلك، من استحيا من الله حقَّ الحياء فليحفظ الرَّأس وما وعى، والبطن وما حوى وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدُّنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء". 4- العزم الصَّادق والإرادة القويَّة: فالله تعالى، كما يقول في كتابه الكريم، لا يغيَّر حال النَّاس ما لم يعزموا بأنفسهم على التغيير، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾٠فإذا عزم الإنسان وجاهد نفسه فترة، أتاه نصر الله وهداه سواء السَّبيل: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾. 5- إشغال النَّظر بما هو مفيد: ومن مظاهر ذلك، النَّظر إلى خلق الله من السَّموات والأرض، والتَّفكُّر في عظمة الخالق، وآياته: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾. إنَّ للتَّفكُّر بآيات الله دور كبير وحاسم في نهي النَّفس، وردعها عن الحرام، لأنَّها سوف تشغلها بالله وعظمته الَّتي لا حدَّ لها. 6- معرفة عواقب النَّظر المحرَّم: وهو من الأمور المساعدة إلى حدٍّ كبير لمعالجة هذه الآفة المهلكة، فإنَّ لمعرفة عواقب وآثار النَّظر المحرَّم، قوَّة ردع تحظر على الإنسان أن يتساهل مع هذه المعصية، أو أن يستخفَّ بها. 7- الزَّواج: لقول النَّبيِّ: "يا معشر الشَّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنَّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصَّوم، فإنَّه له وجاء".

1