( 15 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير الرواية و القرآن

السلام عليكم ما معنى قول امير المؤمنين (عليه السلام) (هلك امرؤ لم يعرف قدره). ولماذا الله سبحانه يقول في القرآن الكريم بصيغة الجمع وليس المفرد؟ وخصوصا في قوله تعالى( وما نتزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ). سورة مريم. وما هي علّة ابتلاء المسلم او المؤمن الملتزم؟ مثلا مرض يتعبه وغيرها.


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته نقل هذا الحديث عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما هلك امرؤ عرف قدره ، و هلك امرؤ عرف قدره… أقول: اي مقداره ومرتبته ومنزلته. يعنى ان من عرف ما قدر له وحد شرعا وعمل بمقتضاه لم يجز حد الجواز ولم يقع في حمى المحارم فلا جرم لا يجد الهلاك إليه سبيلا، وكذا من عرف مقداره ومرتبته عرفا في كل أمر لم يجترئ على شئ ليس هو بأهل له ولا قادر عليه مثلا من عرف أنه لم يكن أهل الشجاعة لم يلق نفسه إلى المهالك والمحارب، وكذا من عرف أنه ليس بأهل العلم لم يسم بسيماء العلماء، وكذا سائر الفضائل والكمالات، ويدل على هذا الكلام بمفهومه ان من ساق نفسه إلى أمر خارج عن مقداره متجاوز عن حده ومرتبته فقد عرض نفسه على الهلاك حقيقة كالجبان الذي يتشجع ويدخل في الحرب أو معنى كالجاهل الذي يتشبه بالعالم ويجلس في مجلس العلم والتدرس أو خوف الهلاك كالفاسق فإنه يخاف عليه من الهلاك عاجلا أو آجلا.… فالحديث يشير الى التقييم الذاتي للنفس عمل هام وضرورة نفسية واجتماعية ، به يتعرف الانسان على صفاته وقدراته العقلية والعاطفية والخلقية ، ويرى في نفسه عوامل القوة والضعف ، وفكرة المرء عن نفسه من خلال التقييم الصحيح والواقعي ، لها الأثر الأكبر في تعيين سلوكه ومستوى طموحه ، وفكرة المرء عن نفسه هي (التي توجهه في اختيار أعماله وأصدقائه وزوجته ومهنته وملابسه ... المزید كما تسهم في رسم مستوى طموحه ، وهي التي تبين له ضروب السلوك التي هو جدير بها ، وتكفه عن فعل ما يمس احترامه لنفسه ...) وأكدت الروايات على أهمية معرفة النفس ومعرفة قدرها وطاقاتها ، ومعرفة درجة قربها وبعدها من الاستقامة والصلاح. قال أمير المؤمنين عليه السلام : « الخير كلّه فيمن عرف قدر نفسه ، وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدر نفسه » وقال عليه السلام : « ما هلك امرؤ عرف قدره » وقال عليه السلام : « رحم الله امرءاً عرف قدره ولم يتعدّ طوره » ومن معرفة النفس معرفة عيوبها ، وهي ظاهرة ايجابية وصحية ، فمن خلال معرفة عيوب النفس ينشغل الانسان عن عيوب غيره ، ويتوجه إلى إصلاح عيوبه بالطرق والأساليب المتاحة ، ويتعاون مع غيره إن عجز بمفرده ، وقد دلّت الروايات على الآثار الايجابية لذلك. قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من عرف عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره » وقال الاِمام الصادق عليه السلام : « أنفع الأشياء للمرء سبقه الناس إلى عيب نفسه » وبعد التقييم الذاتي ومعرفة النفس يأتي دور المحاسبة لها ، وهي تسهم في إيقاف الانحراف ، والتوجه إلى الاصلاح والتكامل والبناء التربوي الصالح للفرد نفسه ولذويه وللمجتمع. قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر » وقال الاِمام جعفر الصادق عليه السلام : « حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه ، فيكون محاسب نفسه ، فاذا رأى حسنة استزاد منها ، وإن رأى سيئة استغفر منها ، لئلا يخزى يوم القيامة » وقال الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام : « ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كل يوم ، فإن عمل حسناً استزاد الله ، وإن عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه » ومحاسبة النفس تتم على أساس عرض السيرة والممارسة على الموازين والمعايير الثابتة ، فهي الميزان والمعيار في التقييم الذاتي ومعرفة النفس ومحاسبتها. ارجو ان تحتوي الرسالة على سؤال واحد لتسهيل الاجابة وسرعتها .مع الشكر الجزيل لكم

3