( 35 سنة ) - العراق
منذ سنتين

عالم البرزخ

هل يحاسب الميت في قبره؟ وما هو عالم البرزخ، هل الميت فيه يلاقي نتيجة أعماله أن كانت خير أو شر، ام يحاسب، ام يكون. في مرحلة انتظار حتى يوم القيامة؟ وما صحة مسألة حساب منكر ونكير عند لحضة نزول الميت لقبره؟ فهل يحاسب ويجازئ الميت في عالم البرزخ ام يتأجل الحساب إلى يوم القيامة لا سيما أن عمل الميت لم ينقطع فيما إذا كانت له صدقة جارية أو إذا كان هناك من يقضي عنه بعض أعماله كالصلاة مثلا او غيرهما، ارجو ذكر الدليل وياحبذا لو كان من القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في تطبيقكم المجيب ((معنى البرزخ : البَرْزَخ في اللغة : الحاجز بين شيئين (۱) ، وهو العالم المتوسط بين الموت والقيامة ، يُنعّم فيه الميّت أو يعذّب حتّى تقوم الساعة (۲) ، قال تعالى : ( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (۳) ، والآية ظاهرة الدلالة على أنّ هناك حياة متوسطة بين حياتهم الدنيويّة وحياتهم بعد البعث. وقال الإمام الصادق عليه السلام في تفسيرها : « البرزخ : القبر ، وفيه الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة » (٤) اما العذاب والنعيم في القبر فالأدلة عليه من القرآن والسنة أكثر من أن تحصى ، وهذه بعض الأدلة القرآنية كما طلبت : 1- يقول تعالى : " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب " (٥). فالآية صريحة وهي تتحدث عن عذابين : عذاب قبل يوم القيامة وعذاب في يوم القيامة ، والعذاب الذي قبل يوم القيامة هو الذي يصطلح عليه بعذاب القبر أو عذاب البرزخ. 2- وفي سورة البروج الآية 10 يتحدث سبحانه عن أصحاب الأخدود فيقول : "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق" . وهنا الآية صريحة أيضا في الحديث عن عذابين : عذاب جهنم ، وعذاب الحريق، ومن المعلوم أن عذاب جهنم هو عذاب الآخرة ، ويبقى عذاب الحريق هو عذاب البرزخ أو ما يسمى بعذاب القبر. 3- ويحدثنا سبحانه وتعالى عن الشهداء فيقول :" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون"(٦) فهذه الآيات صريحة في نعيم البرزخ ، لأنها تتحدث عن مرحلة لا يمكن أن يكون المراد بها يوم القيامة ؛ لأنه في يوم القيامة لا يوجد هناك من ننتظره للحضور فالكل سيحشر وينتقل إلى الدار الآخرة ولا يوجد من يبقى ورائنا حتى ننتظره ونتمنى لحوقه بنا ، فالآية صريحة في الدلالة على عالم البرزخ. اما سؤال منكر ونكير ففي عالم البرزخ ينزل الله سبحانه على الميّت وهو في قبره ملكين ، وهما منكر ونكير ، فيقعدانه ويسألانه عن ربّه الذي كان يعبده ، ودينه الذي كان يدين به ، ونبيّه الذي أُرسل إليه ، وكتابه الذي كان يتلوه ، وإمامه الذي كان يتولّاه ، وعمره فيما أفناه ، وماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، فإن أجاب بالحقّ استقبلته الملائكة بالروح والريحان ، وبشرته بالجنّة والرضوان وفسحت له في قبره مدّ البصر ، وإن تلجلج لسانه وعيي عن الجواب ، أو أجاب بغير الحقّ ، أو لم يدرِ ما يقول ، استقبلته الملائكة بنُزلٍ من حميم وتصلية جحيم ، وبشّرته بالنار. وقد تظافرت بذلك الأخبار الصحيحة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل البيت عليهم السلام واتّفق عليه المسلمون (٧) ، فهو ممّا يجري مجرى الضرورة من الدين. قال الإمام الصادق عليه السلام : « من أنكر ثلاثة أشياء ، فليس من شيعتنا : المعراج ، والمُساءلة في القبر ، والشفاعة » (٨) واخيرا ابين لكم شيئا وهو ان عذاب القبر ونعيمه ليس يشمل الجميع بل يمكن تقسيمهم على ثلاث طوائف الاولى يلهى عنهم والثانية ينعمون وهم من محض الايمان محضا والثالثة يعذبون وهم من محض الكفر محضى فقد ورد في بعض مصادرنا أن طائفة من الناس يلهى عنهم، فقد ورد في مختصر البصائر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ((لا يسأل في القبر إلا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا، فقلت له فسائر الناس؟ فقال: يلهى عنهم)). وذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار ج 6 - ص 272 - 273 ما هذا نصه: وقد ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام أنهم قالوا: ليس يعذب في القبر كل ميت، وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر محضا، ولا ينعم كل ماض لسبيله، وإنما ينعم منهم من محض الايمان محضا، فأما ما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم، وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة، فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه، فأما عذاب الكافر في قبره ونعيم المؤمنين فيه فإن الخبر أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جناته ينعمه فيها إلى يوم الساعة، فإذا نفخ في الصور أنشأ جسده الذي بلي في التراب ، والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به، ونار يعذب بها حتى الساعة، ثم أنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه، ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد))(منقول بتصرف) ـــــــــــــــــــــــ الهوامش ۱. لسان العرب / ابن منظور ـ برزخ ـ ٣ : ٨. ۲. تفسير الميزان / الطباطبائي ١ : ٣٤٩. ۳. سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٠. ٤. تفسير القمي ١ : ١٩ ، بحار الأنوار / المجلسي ٦ : ٢١٨ / ١٢. ٥. سورة غافر : 46. ٦. سورة ال عمران : 169-١٧٠. ٧. راجع : الكافي / الكليني ٣ : ٢٣٢ / ١ و ٢٣٦ / ٧ و ٢٣٨ / ١٠ و ١١ و ٢٣٩ / ١٢ ، الاعتقادات / الصدوق : ٥٨ ، تصحيح الاعتقاد / المفيد : ٩٩ ـ ١٠٠ ، شرح المواقف / الجرجاني ٨ : ٣١٧ ـ ٣٢٠. ٨. أمالي الصدوق : ٣٧٠ / ٤٦٤ تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

5