إن العتبة الحسينية المقدسة في مشروع توثيق طريق سبايا أهل البيت (عليهم السلام) نحو الشام، شكلت لجنة لمعرفة الطرق التي سلكها الركب الحسيني وتبين من ذلك، أن للمنطقة طريقان يتم اخضاعهما للبحث والتقصي للوصول الى الطريق الصحيح والأدق، لافتا الى ان المرجح أن يكون (طريق سنجار- تلعفر) هو الطريق الصحيح وان ركب السبايا مر عبر شق بين جبل سنجار، مشيرا الى ان اللجنة ستقوم بمقاطعة المعلومات التي تم التوصل لها، واستقراء كتب التاريخ للتأكد أي الطريقين سلكه الركب .
وقال التدريسي في كلية التربية للعلوم الانسانية التابعة لجامعة الموصل، وعضو اللجنة، الدكتور فواز حميد حمو، إن "اللجنة وبعد تتبع طرق الرحالة القديمة التي تدخل من محافظة نينوى، وجدت أن هناك طريق (أسكي موصل)، والذي يتفرع إلى طريقين، طريق يسير باتجاه (عوينات- ربيعة - نصيبين - حلب - دمشق ) والطريق الآخر المحتمل، هو طريق ( تلعفر- سنجار- نصيبين) وكل الاحتمالات واردة، حيث تتبعنا عدد كثير من المواقع الأثرية والتراثية، وكذلك التضاريس الموجودة في الطريقين، فضلاً عن وجود المياه".
وينقل صاحب كتاب معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧٧)
كتب عمر بن سعد كتابا إلى والي موصل ، وفي خبر كتب شمر كتابا إلى الوالي ، أن تلقّنا وهيّئ لنا الزاد والعلوفة. فلما وصل الكتاب إلى والي موصل ، جمع الأكابر وعرض الكتاب عليهم واستشارهم ، فقالوا : حاشا أن نخلّيهم يدخلون علينا رأس الحسين عليهالسلام. فكتب الوالي كتابا إلى شمر ، بأن أهل هذه البلدة من محبي علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وإذا دخلتم البلد أخاف أن تثور عليكم الفتنة ، فالصواب أن تنزلوا قريبا من البلدة ، ونحن نبعث لكم الزاد والعلوفة. فقبل شمر نصيحته ، ونزلوا تحت جبل هناك قريبا من موصل على فرسخ منها ، وأنزلوا العيال والأطفال ، وأنزلوا رأس الحسين عليهالسلام من الرمح ، ووضعوه على صخرة ، فقطرت قطرة من دم نحره الشريف على الصخرة ، فصارت تنبع ويغلي منها الدم كل سنة في يوم عاشوراء ، والناس مجتمعون إليها في كل سنة ، ويقيمون مراسم العزاء والمأتم على الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء. وبقيت هذه إلى أيام عبد الملك بن مروان ، فأمر بنقل الحجر ، فلم ير بعد ذلك منه أثر. ولكن بنوا على ذلك المقام قبة وسمّوها مشهد النقطة.
وفي (مقتل الحسين) المنسوب لأبي مخنف ، ص ١١٤ قال :
وأنفذوا إلى عامل موصل أن تلقّانا ، فإن معنا رأس الحسين عليهالسلام فلما قرأ الكتاب أمر بأعلام فنشرت ، والمدينة فزيّنت. وتداعت الناس من كل جانب ومكان. وخرج الوالي فتلقّاهم على ستة أميال.
فقال بعض القوم : ما الخبر؟. فقالوا : رأس خارجي خرج بأرض العراق ، قتله عبيد الله بن زياد ، وبعث برأسه إلى يزيد. فقال رجل منهم : يا قوم ، هذا رأس الحسين عليهالسلام!. فلما تحقّقوا ذلك اجتمعوا في أربعين ألف (وفي رواية : أربعة آلاف) فارس من الأوس والخزرج ، وتحالفوا أن يقتلوهم ويأخذوا منهم رأس الحسين عليهالسلام ويدفنوه عندهم ، ليكون فخرا لهم إلى يوم القيامة.
فلما سمعوا ذلك لم يدخلوا البلد ، وأخذوا على (تل أعفر) ، ثم على جبل سنجار.
قال أبو مخنف : فلم يدخل خولي الموصل ... المزید وأخذوا به على طريق البرية ، على جبلة على (تل أعفر) ، ثم على (سنجار). وساروا على نصيبين على الحصن. وقد ذكرنا عند التعريف بسنجار أنها بلدة واقعة في السفح الجنوبي لجبل سنجار ، وفيها مزار للسيدة زينب الكبرى عليهاالسلام وهو يقوم على ربوة عالية في مدخل المدينة. والذي يريد التوجه من سنجار إلى (نصيبين) لا بدّ له أن يمرّ بمضيق في الجبل ليصير إلى الشمال ، مارا بوادي (الردّ) في طريقه إلى نصيبين.
وتذكر بعض المصادر أن زينب بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، جاءت مع الإمام الحسين وآل بيت النبي عليهم السلام من المدينة إلى كربلاء وكان لها من العمر سبع سنوات، شهدت واقعة الطف وسُبيت مع نساء آل البيت في تلك المعركة.
وتوفيت زينب الصغرى في الطريق إلى الشام بمنطقة سنجار بعد أن اصابها المرض أثناء مسيرهم ودفنت في المكان الذي نزلوا فيه.
ويذكر السيد عامر أيوب أمين عام المرقد :
كان هذا المكان قبل وفاة زينب الصغرى عبارة عن كنيسة تعود إلى ما قبل الإسلام، وكان راهب الكنيسة هو نفسه من نحت الرأس الشريف للإمام الحسين عليه السلام وأهداه إلى آل بيت النبي بعد أن وصلوا إلى سنجار قادمين من كربلاء أثناء السبي ونزولهم عنده.
ويضيف: كل ما مر ذكره في التاريخ عن ظلم بني أمية لآل بيت النبوة هو جزء يسير، فبعد كل ما فعله يزيد مع رجال آل بيت النبي محمد (ص) لم يكفه ذلك، بل عمد إلى إذلالهم وأذيتهم فأمر أن يسلكوا بالركب الحسيني للأسرى هذا الطريق الطويل المتعب الذي ذهب فيه الكثير من أطفال الحسين بسبب التعذيب والتعب والجوع، وكانت واحدة من السبايا هذه الطفلة الصغيرة عندما سار السبايا من كربلاء رجوعاً إلى الكوفة ومن ثم إلى الشام مروراً بعدة أماكن، لم يدخلوا الموصل بل ساروا على أطرافها إلى تلعفر ثم جبل سنجار الذي يجاور هذا المكان الذي مكثوا فيه ليلة واحدة، وفي رواية ثانية تقول إنها ثلاث ليالٍ، والأولى هي الأصح حسب الرواة وبعدها ساروا إلى الشام.
مرضت السيدة زينب الصغرى أثناء المسير وسقطت في الطريق، وعندما نزلوا للاستراحة تفقدت السيدة زينب الكبرى (ع) فلم تجد زينب الصغرى فذهبوا على طريقهم نفسه الذي سلكوه فوجدوها طريحة الأرض وقد توفيت، فجلبوها إلى هذا المكان ودفنت فيه.