( 48 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الكلام أثناء تناول الطعام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم الكلام والضحك أثناء تناول الطعام . جزاكم الله خيرا


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته لايحرم الكلام أو الضحك عند الأكل نعم هناك أداب للطعام لابد من مراعاتها لإنّ مسألة الطعام هي استجابة لنداء الجسد لتلبية حاجته في رفع الجوع و الضعف الناتج عنه ، إلا ان الإسلام أحاطها بمجموعة آداب و سنن ، فاعطاها ـ بهذه الآداب ـ أبعادا اجتماعية ، و عبادية . . و الفرق بين من يلتزم بهذه الآداب و من لا يلتزم ، بعد اشتراكهما في تلبية حاجة الجسد و رفع الجوع ، ان الأول يجعل من تناول الطعام عبادة ، نعم تناول الطعام و الأكل عبادة ، و ارتقاء في الدرجات الدينية ، و بينما الآخر الذي يمارس نفس العمل و يتناول نفس الطعام و ربما المقدار ، لا يحصل على ذلك . وللتعرف على الآداب و السنن التي مارسها المعصومون عليهم السلام و دعوا إليها ، لعلنا بمعرفتها نمتلك احد أسباب تطبيقها في حياتنا : 1 ـ السنن العبادية و تبدأ بالنية ، ذلك أن النية بما هي ربط للممارسات التفصيلية بالأهداف الكبرى التي يحملها الإنسان تحتل جانبا مهما من التفكير الديني حتى صارت خيرا من عمله و حتى صارت لكل امرئ ما نوى ) ، و لأنها كذلك فقد ندب المسلم لأن يكون له نية حتى في النوم و الأكل فعن الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) انه قال لأبي ذر ( يا أبا ذر ليكن لك في كل شيء نية حتى في النوم و الأكل ) ، أي إنك عند ما تنوي انك تأكل هذا الطعام لكي تحصل على قوة توجهها في عبادة الله ، و السعي في حوائج الناس ، فإنك بهذا الأكل المقترن بهذه النية تحصل على الثواب و الأجر ، بينما زميلك الذي يجلس إلى جانبك على نفس الخوان و يأكل ذاهلا عن هذه النية لا يحصل على مثل أجرك !! و جاء في روايات أخرى التأكيد على ( المعرفة بما يأكل ) و هذا عنوان يتسع لكثير من المفردات و المعاني ، فقد ينطبق على معرفة حلية هذا الطعام و عدم كونه محرما أو مشتبها و مراعاة ألا يدخل الإنسان بطنه سوى الحلال الطيب ، و قد يعني ذلك معرفة قدر هذه النعمة التي أنعمها الله عليه ، ذلك ان التفكير هنيهة في مراحل تكون هذه النعمة ( فاكهة كانت أو طعاما ) يوقف الإنسان على قدرة الله و عظمته الذي سخر كل شيء في الحياة له ، ﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴾ ، و كذلك الأذكار كالبسملة في البدء ، و الحمد في الختام ، فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) إذا وضعت المائدة بين يديه قال : ( بسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعم الجنة ) و عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( اذكروا الله عز و جل عند الطعام و لا تلغوا فيه فانه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها شكره و حمده و أحسنوا صحبة النعم قبل فراغها ) . و أوصى ( عليه السلام ) ابنه الحسن : يا بني لا تطعمن لقمة من حار و لا بارد و لا تشربن جرعة إلا و أنت تقول قبل أن تأكله و قبل أن تشربه : ( اللهم أنني أسألك في أكلي و شربي السلامة من وعكه ( مرضه ) و القوة به على طاعتك و ذكرك و شكرك فيما أبقيته في بدني و أن تشجعني بقوته على عبادتك و ان تلهمني حسن التحرز من معصيتك ) . فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه ( مشقته ) و غائلته . 2 ـ الآداب الاجتماعية بالرغم من أن الأكل عملية فردية عادة ، إلا أن لها جهات اجتماعية . لذلك أحيطت ببعض الآداب في هذا الجانب ، فكرهت الأحاديث أن تكون آثار الاطعمة ـ و روائح بعضها ـ غير المحبذة سابقة في الحضور لصاحبها ، فقبل وصوله للناس تصل تلك الروائح ، و هذه الأحاديث و إن لم تحرم هذه الاطعمة ، إلا ان المسلم عندما ينظر إلى هذه الأحاديث يستشعر الكراهة منها لهذه الحالة ، و مما يؤسف له أن بعض المسلمين يحضرون في المساجد و المحافل و المجتمعات دون ملاحظة لهذه المسألة ، فإذا بك تحضر إلى المسجد راجيا أن تشم العطور و الروائح الطيبة باعتبارها احد مصاديق الزينة في ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) و لكنك بدلا من ذلك تشم ( عطور ) الثوم و البصل و الكراث و ما إلى ذلك . فالرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لا يأكل الثوم تحريما له و إنما لأنه يناجي الملك ، و سئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أكل الثوم فقال : لا بأس بأكله بالقدر و لكن إذا كان كذلك فلا يخرج إلى المسجد . و كذلك فإن من الآداب الاجتماعية التي يقررها الإسلام تجنب ما يزري بالشخصية ، كالأكل في السوق مثلا بالنسبة لأشراف الرجال ، و يعتبره ( دناءة ) ، و بالفعل فإن تناول الطعام في السوق و إن كان غير محرم في ذاته إلا انه يكره لما يخلفه من آثار اجتماعية سيئة على شخصية الآكل . . فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ( الأكل في السوق دناءة ) . و إذا اشترك الأكل مع قوم آخرين فإن عليه أن يراعي جملة من الآداب أيضا كأن لا ينظر إلى أكلهم و ان يأكل مما يليه ، و لا يقوم بحركات ـ في أكله ـ يثير اشمئزاز الجالسين معه كالعادة القبيحة المستحكمة من بعض الناس ( التجشؤ ) فتراهم بعد كل وجبة يبدؤون ( العزف ) على هذه النوتة !! مع تقزز الجالسين و نفورهم فقد نهى الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أبا جحيفة عن ذلك ، لما يسببه من آثار أخروية إضافة إلى الآثار الاجتماعية الدنيوية فعن أبي جحيفة قال : أتيت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و أنا أتجشأ ، فقال : يا أبا جحيفة اخفض جشاءك فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في يوم القيامة . 3 ـ الآداب ا لحياتية كما في الجانب العبادي و الاجتماعي ، فقد ندب المعصومون إلى الآداب الحياتية و هي تلك التي ترتبط ( بالكيفيات ) ، و قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا ليس من شؤون المعصوم ( عليه السلام ) بل من شؤون الطبيب ، لكن لما كانت توجيهات المعصومين تهدف إلى سعادة الدنيا و الآخرة فقد كان لديهم توجيهات ترتبط بالعباديات ، و أخرى ترتبط بكيفيات الأعمال الدنيوية ، مما يضمن سلامة الإنسان و صحته . ما ستعرض إليه في الأسطر التالية هو من هذا النوع . ففن تلك الآداب التأكيد على غسل اليد ، و بالرغم من أن هذا العمل اليوم أصبح من البديهيات لدى الكثير من الناس ، إلا انه بملاحظة الظروف التي جاء فيها هذا الحديث حيث البيئة العربية في الجاهلية التي لم تكن تقيم للنظافة وزنا كبيرا ، و كانت تعاني من شحة الماء ، فقد روي أن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يقول : من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام و بعده فإنه من غسل يده عند الطعام و بعده عاش ما عاش في سعة و عوفي من بلوى في جسده ، و عن الصادق ( عليه السلام ) رواية قريبة من ألفاظ هذه الرواية . و من هذه الآداب تجويد المضغ ، ذلك أن احد مسببات المرض سوء مضغ الطعام ، و قد كتبت بعض المجلات الطبية مؤخرا أن الذين يأكلون . عادة في مطاعم الوجبات السريعة المنتشرة اليوم في الغرب هم أكثر تعرضا للإصابة بأمراض المعدة من غيرهم ، ذلك أن إجادة المضغ تعني تقليل العبء الواقع على المعدة في هضم الطعام ذلك لأنه يأتي مطحونا و شبه مهضوم بعصارات الفم ، بينما عندما يتناول الآكل طعامه مسرعا فإنه لا يتيح المجال لذلك الطعام ليستقر في فمه حتى يهضم أو يطحن !! و كذلك من الآداب الاعتدال في الأكل ، و أخيرا تخليل الأسنان لإخراج بقايا الطعام من بين الأسنان ، فقد روى الصادق ( عليه السلام ) عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : ( تخللوا على اثر الطعام فإنه مصحة للفم و النواجذ و يجلب الرزق على العبد ) . و من المعلوم ان بقايا الطعام ـ خصوصا اللحوم ـ إذا استقرت بين الأسنان لساعات فإنها تصبح آنئذ بؤرة للبكتريا و الجراثيم المضرة ، مما يؤدي إلى إصابة اللثة و تسوس الأسنان . . ونختم بحثنا هذا بالتيمن بذكر حديثين يحتويان على آداب جامعة : فعن الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه عن الحسن السبط ( عليه السلام ) قال : ( في المائدة اثنتا عشر خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، و أربع منها سنة ، و أربع منها تأديب ، فأما الفرض : فالمعرفة و الرضا و التسمية و الشكر ، و أما السنة : فالوضوء 35 قبل الطعام و الجلوس على الجانب الأيسر ، و الأكل بثلاث أصابع و لعق الأصابع ، و أما التأديب فالأكل مما يليك و تصغير اللقمة و المضغ الشديد و قلة النظر في وجوه الناس ) . و عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه و لا يتناول مما بين يدي جليسه و لا يأكل من ذروة القصعة فإن من أعلاها تأتي البركة و لا يرفع يده و إن شبع فإنه إن فعل ذلك خجل جليسه و عسى أن يكون له في الطعام حاجة .

17