logo-img
السیاسات و الشروط
حسين ( 25 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

المنتصر العباسي

السلام عليكم ما هو رأي الشيعة بالمنتصر العباسي الذي حكم بعد ابيه المتوكل ، فأنه يُنقل أنهُ كان مواليًا لاهل البيت ( ص ) وكان مخالفًا تمامًا لسياسة أبيه المتوكل في التعامل مع العلويين ، حيث أنهُ كان يعتقد بإمامة الامام الهادي ( ص ) ، وحتى ان أبيه المتوكل كان يلقبه ب( الرافضي ) لإنه كان يوالي اهل البيت ( ص ) ! فهل هذا الكلام صحيح ، وهل هو ممدوح ام مذموم في مذهبنا وعند أئمة اهل البيت ( ص ) ؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ذكر الشيخ علي الكوراني في كتابه (الإمام علي الهادي عليه السلام): لم أجد مديحاً من الأئمة عليهم‌السلام للمنتصر ، ولا أنه كان يراجع إمامه الهادي عليه‌السلام في أموره أو مشكلاته ، والمرجح عندي أن تشيعه كان ناقصاً ، وأنه كان يعمل برأيه وكأنه كان لايرى ضرورةً لأخذ توجيه الإمام عليه‌السلام ! فقد ورد أنه لما سمع من أبيه المتوكل شتم الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام استشار أستاذه أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي الكوفي الديلمي ، المعروف بأبي عصيدة ، فأفتى له بوجوب قتل أبيه « الكنى والألقاب : ١ / ١٢٤ » وهذا عجيبٌ منه ، لأنه إن كان شيعياً فلماذا لم يستشر الإمام الهادي عليه‌السلام . وقد يكون المنتصر كبعض من كان في محيطه ممن يعتقد بأن الإمام الهادي عليه‌السلام ولي الله ، كأم المتوكل ، وكانت تنذر له النذور ليقضي الله حاجتها ، والمسيحي الذي خاف من المتوكل فنذر للإمام عليه‌السلام وقال : اشتريت نفسي بهذا النذر . والمفروض أن يكون تدين المنتصر حسناً ، لكن لم نجد دليلاً عليه من سلوكه ، ولا من شهادة الإمام عليه‌السلام ، بل كثرت الرواية عن مجالس لهوه وشربه الخمر ! وتُشعر الرواية التالية ببعده عملياً عن الإمام عليه‌السلام ، فعن المعلى بن محمد قال : « قال أبوالحسن علي بن محمد عليه‌السلام : إن هذا الطاغية يبني مدينة يقال لها سامرا ، يكون حتفه فيها على يد ابنه المسمى بالمنتصر ، وأعوانه عليه الترك » . « الهداية الكبرى / ٣٢٠ » . فقوله عليه‌السلام : المسمى بالمنتصر ، يشعر بنقد التسمية وصاحبها . وقال أبوالفرج في مقاتل الطالبيين / ٤١٩ : « وكان المنتصر يظهر الميل إلى أهل هذا البيت ، ويخالف أباه في أفعاله . فلم يجر منه على أحد منهم قتل أو حبس ، ولا مكروه فيما بلغنا ، والله أعلم » . أي لم يبلغه أنه آذى أحداً منهم ، وقد يكون فعل ! ننقل بعض المصادر التي تكلمت عن سيرة الحاكم العباسي المنتصر بالله ومنها : قال الطبري « ٧ / ٣٩٩ » : « وفيها « سنة ٢٤٧ » بويع للمنتصر محمد بن جعفر بالخلافة في يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال وهوابن خمس وعشرين سنة .. حضر الناس الجعفرية من القواد والكتاب والوجوه والشاكرية والجند وغيرهم ، فقرأ عليهم أحمد بن الخصيب كتاباً يخبر فيه عن أمير المؤمنين المنتصرأن الفتح بن خاقان قتل أباه جعفر المتوكل فقتله به ، فبايع الناس. وحضر عبيد الله بن يحيى بن خاقان فبايع ، وانصرف ». وقال الطبري « ٧ / ٤٠٨ » : « ذكر أن محمداً المنتصر بالله لما استقامت له الأمور قال أحمد بن الخصيب لوصيف وبغا : إنا لا نأمن الحَدَثَان وأن يموت أمير المؤمنين فيلي الأمر المعتز ، فلا يُبقى منا باقية ويُبيد خضراءنا ، والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا ، فَجَدَّ الأتراك في ذلك وألحُّوا على المنتصر وقالوا : يا أمير المؤمنين تخلعهما من الخلافة وتبايع لابنك عبد الوهاب ، فلم يزالوا به حتى فعل ، ولم يزل مكرماً المعتز والمؤيد على ميل منه شديد إلى المؤيد ». وقال المسعودي في التنبيه / ٣١٤ : « وتوفي بسرمن رأى لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ٢٤٨ ، وله ثمان وعشرون سنة ، مسموماً فيما قيل ، وإن الموالي لما علموا سوء نيته فيهم وأنه على التدبير عليهم بادروه بذلك ، فكانت خلافته ستة أشهر ويوماً. وكان مربوعاً ، حسن الوجه ، أسمر ، مسمناً ، ذا شهامة ومعرفة. كان المنتصر أظهر الإنصاف في الرعية ، فمالوا إليه مع شدة هيبته. وقال علي بن يحيى المنجم : ما رأيت مثل المنتصر ، ولا أكرم فعالاً بغير تبجح ، لقد رآني مغموماً فسألني فوريت ، فاستحلفني فذكرت إضاقة في ثمن ضيعة ، فوصلني بعشرين ألفاً. وكان قد أبعد وصيفاً في عسكر إلى ثغر الروم ، وكان قد ألح عليه هووبغا وابن الخصيب في خلع إخوته ، خوفاً من أن يلي المعتز فيستأصلهم .. فقال المنتصر : أترياني خلعتكما طمعاً في أن أعيش بعدكما حتى يكبر ابني عبد الوهاب وأعهد إليه! والله ماطمعت في ذلك ، ولكن هؤلاء ألحوا عليَّ وخفت عليكما من القتل. فقبَّلا يده ، وضمَّهما إليه ». ٢. بادر المنتصر الى تطبيق سياسته المخالفة لسياسة أبيه ، فمنع اضطهاد العلويين ورفع حظر زيارة كربلاء وبنى مشهد الحسين (ع) ردَّ فدك الى ورثة فاطمة (ع). وأمر قاضي البصرة بالإمساك عن إصدار الأحكام. وعزل والي المدينة ومكة. وأكد على الوالي الجديد احترام العلويين. قال الطبري « ٧ / ٤١٦ » : « كان أول شئ أحدث من الأمور عَزْلُ صالح عن المدينة وتوليةُ علي بن الحسين بن إسماعيل بن العباس بن محمد إياها ، فذكر عن علي بن الحسين أنه قال : دخلت عليه أودعه ، فقال لي : يا علي إني أوجهك إلى لحمي ودمي ، ومد جلد ساعده وقال : إلى هذا وجهتك ، فانظر كيف تكون للقوم وكيف تعاملهم ، يعني آل أبي طالب. فقلت : أرجوأن أمتثل رأي أمير المؤمنين أيده الله فيهم إن شاء الله ، فقال : إذاً تسعد بذلك عندي ». وقال المسعودي في مروج الذهب « ٤ / ٥١ » : « وكان آل أبي طالب قبل خلافته في محنة عظيمة وخوف على دمائهم ، قد مُنعوا زيارة قبر الحسين ، والغري من أرض الكوفة ، وكذلك منع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد .. فأمن الناس ، وتقدم بالكف عن آل أبي طالب ، وترك البحث عن أخبارهم ، وأن لا يمنع أحد زيارة الحِير ، لقبر الحسين رضي الله تعالى عنه ، ولا قبر غيره من آل أبي طالب ، وأمر برد فدَكَ إلى ولد الحسن والحسين ، وأطْلَقَ أوقاف آل أبي طالب ، وترك التعرض لشيعتهم ودفع الأذى عنهم ». وفي مناقب آل أبي طالب « ٢ / ٥٣ » : « فأحسن المنتصر سيرته ، وأعاد التربة في أيامه. والمعتز حرق المشهد بمقابر قريش على ساكنه السلام ». وفي مستدرك سفينة البحار « ٢ / ٤٧٦ » : « تاريخ عمارة الحائر الحسيني في كربلاء ، على ما رأيته في بعض المكاتيب واستنسخته في كربلاء : أوله بناء بني أسد لما دفنوا الشهداء مع مولانا الإمام السجاد (ع) ، بنوا على قبورهم الشريفة رسوماً لكي يعرف الزائرون مواضع الزيارة. ثم إن المختار بن أبي عبيدة الثقفي شيد المشهد ، وأسس قرية صغيرة حوله وبقي معموراً. وكان للحائر الحسيني بابان شرقي وغربي يزوره المؤمنون. هكذا إلى أيام خلافة هارون الرشيد ، وهوهَدَمَ البناء حتى أمر بقطع السدرة التي كانت في وسط المشهد الشريف. ولما تولى المأمون الخلافة ، أمر بإعادة البناء ، وبقي معموراً إلى زمان المتوكل. وفي سنة ٢٣٧ جرى من المتوكل ما جرى على حائر الحسين (ع) وأرسل ديزج اليهودي ، فأمر بهدم البناء الشريف ، ومنع من زيارته ، كما هوالمشهور. ولما تولى ابنه المنتصر سار على منهج المأمون ، فأمر بإعادة البناء ، وأقام عليه ميلاً لإرشاد الزائرين.

3