logo-img
السیاسات و الشروط
حسين صادق ( 13 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الغضب

متا يكون الغضب حلال


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الغضب الممدوح: هو الغضب الَّذِي ينتظر إشارة العقل والدّين، فينبعث حيث تجب الحميّة، وينطفي حيث يحسن الحلم، وحفظه على حدّ الاعتدال هو الاستقامة الَّتي كلَّف الله تعالى بها عباده، وهو الوسط الَّذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: "خير الأمور أوساطها" ومن خلال الضوابط التي نصّ عليها التعريف نستظهر مصاديق الغضب الممدوح من غيره. كالغضب في سبيل الله، وللدفاع عن النفس والعرض والدين والشرف والوطن. فالغضب إن كان غضباً لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ولنصرة الدين وأهله، أو لانتزاع حقٍّ مغصوب، أو لرفع ظلم، أو للدفاع عن أرض المسلمين المستباحة من العدو، فهو غضبٌ محمود ومشروع وواجب عند تعيّنه، وهو ما تؤكّده جملة من الآيات والروايات. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ وقال: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ﴾ والغلظة والشدّة على أعداء الإسلام والأمّة من مصاديق الغضب المحمود الَّذِي لا ينبغي تركه, لأنّه انتصار للحقّ. وعن أمير المؤمنين عليه السلام أَنَّه قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وآله لا يغضب للدنيا، فإذا أغضبه الحقّ لم يصرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيءٌ حتّى ينتصر له" وقال عليه السلام لأبي ذر عليه السلام لمَّا أخرج إلى الربذة‌: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِله فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وَخِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ ... المزید وتعلّمنا الشريعة السمحة أَنَّ من سمات المؤمن وأخلاقه الرساليّة إذا ما غضب للحقّ، وهبّ له بكلّ ما أُوتي من قوّة، أنْ لا يتجاوز غضبه إشارة العقل والدين، ولا يخرجه عن صوابه، وهو يبادر إِلَى إعمال فضيلة العفو عند المقدرة والصفح والحلم، بحسب ما تقتضيه طبيعة الموقف الَّذِي يواجهه، متأسّياً في ذلك بسيرة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله ومن الأمثلة على رجحان العفو ومطلوبيّته ما قام به النبيّ صلى الله عليه وآله من عفوه عن بعض أُسارى مكّة يوم الفتح، على الرغم مِمّا اقترفوه من جنايات بحقّ المؤمنين والدين, وذلك لمّا تشفّع لهم عددٌ من المسلمين ولمّا سأل صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً وقتئذٍ قائلاً: "يا معشر قريش، ما ترون أَنِّي فاعلٌ بكم؟" قالوا: أخٌ كريمٌ، وابن أخ كريم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاء" ومن معين سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وأخلاقه العظية، نهلت المقاومة الإسلامية في لبنان، فبعد انتصارها على العدوّ الصهيوني عام ألفين، عفت عن كثيرٍ مِمّن تعاملوا مع الكيان الغاصب ولم تتلوّث أيديهم بدم الأبرياء، وتركت أمر البقيّة الباقية للقضاء اللبناني. بينما نجد بعض الثوارت التي لا تمتُّ إِلَى الإسلام بصلةٍ، كالثورة الفرنسية بعد انتصارها أقامت حفلات الإعدام لكلّ من تعامل مع العدو في الشوارع والساحات. وكم هي أَخلاق الإسلام وضوابطه القتالية عادلة وفي قمّة السمو والإنسانية، عندما تحظّر على المقاتلين الغاضبين للحقّ في الحرب قَتْلَ النساء والأطفال، والإجهاز على الجرحى والمستسلمين، وتمنع التمثيل بالقتلى، واستباحة دور العبادة، وما شاكل من ضوابط مسلكية حضارية, ذلك لأنّ الإنسان المؤمن برسالات ربّه، العامل بشريعته السَّمْحةِ لا يتحوّل إِلَى همجيّ، لا تحكمه ضابطة أو تزجره أخلاق, فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "المُؤْمِنُ إِذَا غَضِبَ، لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ" وفي وصيّته لقائد جيشه مالك الأشتر، لمّا ولّاه على مصر: "امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَسَوْرَةَ حَدِّكَ وَسَطْوَةَ يَدِكَ وَغَرْبَ ‌لِسَانِكَ، وَاحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ‌ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَتَأْخِيرِ السَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ"…

5