logo-img
السیاسات و الشروط
حسين الجنابي ( 30 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

مدى صحة هذه الرواية في استشهاد مسلم بن عقيل عليه السلام

الحقيقة في مسلم بن عقيل بن أبي طالب لا يخفى شيء عن السيد الفارس المغوار الهاشمي وفيه الكثير من الصفات لعمه علي بن ابي طالب ..ع وفضله على الأسلام والمسلمين بعد ان حوصرَ بيت طوعة الذي كان يعد ثكنة عسكرية لثورة مسلم بن عقيل بقيادة عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث الكندي حيث ارسل الى عبيد الله بن زياد بزيادة اربعة مئة فارس ارد عليه قد ارسلتك على مسلم بن عقيل وهل انت بحاجة الى الف فارس ...؟ قال ابن الأشعث : هذا صنديد من صناديد بني هاشم ولم يكن شرشوح من شراشيح الكوفة او بقال حتي اطال الحصار عليه مستخدم الحيلة والمكر والنار والحديد لم يستسلم


نقلت لنا المصادر التأريخية الأحداث التي مرّ بها سيدنا مسلم بن عقيل (ع) عندما خذله أهل الكوفة والتجأ إلى بيت طوعة وبات عندها فلما انفلق عمود الفجر وانفتل من صلاته ودعائه ونوافله تأهب لمجاهدة من مرق عن الدين وأعرض عن وصايا النبي في أهله وذويه وقال لطوعة : « قد اديت ما عليك من البر والإحسان ، وأخذت نصيبك من شفاعة رسول الله » وقص عليها الرؤيا. أما ابن العجوز فذهب الى القصر وأعلم عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث بمكان مسلم ـ عليه السلام ـ في بيتهم ، فأخبر عبدالرحمن أباه ، ووضح الأمر لابن زياد ، فدعا الغلام وطوقه بطوق من ذهب وأمر ابن الأشعث أن يذهب اليه في سبعين من قيس ليأتيه به. فلما سمع مسلم ـ عليه السلام ـ وقع حوافر الخيل ولغط الرجال علم أن هذا طليعة الشر (، فخرج اليهم بجأش طامن ، وجنان راسخ بهضب يهزأ الرواسي وحشو الردى منه فروسية وشجاعة ، وملء اهابه بشر ومسرة فاستقبلهم كمي آل أبي طالب في جحفل مجر من عزمه ، أو حشد لهام من بأسه والقوم سبعون دارعا وهو واحد في ذلك المأزق الحرج من نواحي البيت فلم يفتأوا يرجفوا عليه الدار وهو يكردهم غير مكترث بعددهم ولا بعدّتهم. الا تعجب من مكثور أطلعت عليه أعداؤه حيث لا متسع فيه لكر أو فر في مضائق الشوارع ومرتبك الأزقة والجراح يؤلمه والعطش يرمضه ، وهناك جلبة الصاخبين وتشجيع المنشطين ، وهلهلة النساء كما يقتضيه طبع الحال عند العرب ، وهم على يقين بالمدد أن أعزوتهم القوة . ولم يشعروا أهو مسلم ينساب عليهم بصارمه الذكر ، أو عمه أمير المؤمنين يشق الصفوف ويطرد الألوف ، أو أن زورعة الحمام أخذتهم من نواحيهم فقتل من السبعين أربعين وهو يرتجز : هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع * فأنت بكـأس الموت لاشك جــارع فصبـرا لأمر الله جــل جلالــه * فحكم قضــاء الله في الخلـق ذايع وكان من قوته يأخذ الرجل من محزمه ويرمي به فوق البيت ، والمرأة الطاهرة « طوعة » تحرّضه على القتال فاضطرهم البؤس واليأس من الظفر الى الاستمداد ، فأنفذ ابن الأشعث الى ابن مرجانة يستمدّه الرجال فبعث اليه : إنا أرسلناك الى رجل واحد لتأتينا به فثلم في أصحباك هذه الثلمة فكيف لو أرسلناك الى غيره ؟ فأرسل إليه ابن الأشعث : « أيها الأمير أتظن أنك أرسلتني الى بقّال من بقّالي الكوفة ، أو جرمقان من جرامقة الحيرة ؟ وإنما وجّهتني الى سيف من أسياف محمد بن عبدالله » فأمده بخمسمائة فارس . إن ابن مرجانة يعجب من هذه البسالة الطالبية وما لهم من القسط الأوفر منها ، ولا تزال أنباء مواقفهم في الحروب ترنّ في مسامعه كما أن صداها لم ينقطع عن اذن الدهر ومسامع الأجيال والاندية تلهج بحديث النبي : « لو ولد الناس كلهم أبوطالب لكانا شجعانا » لكن طيش الملك وغرور الحاكمية أخذا به الى الاستخفاف بسرّي مضر من أنه لكان واحد فكيف يثلم ذلك الجمع. نعم هو واحد بالذات كثير في العزم والبأس. فتجمهروا عليه من كل الجهات وصرخة آل أبي طالب لا يكترث بجمعهم ولم ترعه كثرتهم ، فأوقع فيهم الموت الزوام ، واختلف هو وبكير بن حمران الأحمري بضربتين ، ضرب بكير فم مسلم ـ عليه السلام فقطع شفته العليا وأسرع السيف الى السفلى ونصلت لها ثنيّتان ، وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة ، واخرى على حبل العاتق كادت أن تطلع الى جوفه فمات منها. وأخذ يقاتلهم وحده في ذلك المجال الضيّق حتى أكثر القتلى والناس من أعلى السطوح يرمونه بالحجارة ، ويقلبون عليه القصب المضرم بالنار وهو يرتجز في حملاته : أقسمت لا أقتـل إلا حـرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا كل امرئ يوما ملاق شـرا * ويخلط البـارد سخنا مـرا رد شعاع النفس فاستقـرا * أخـاف أن أكـذب أو أغرا ولما أثخنته الجراح وأعياه نزف الدم استند الى جنب تلك الدار فتحاملوا عليه يرمونه بالسهام والحجارة فقال : « ما لكم ترموني بالحجارة كما ترمى الكفار وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ألا ترعون حق رسول الله في عترته ». وحيث أعوزتهم الحيل والدابير الحربية لالقاء القبض عليه أو التوصل الى قتله ، أو تحرّي منجاة من سيفه الرهيف قابلوه بالأمان عساه يكف عن القتال فيتسنى لهم بعض ما يرومونه ، فقال له ابن الأشعث : أنت آمن ، إلا عبيد الله بن العباس السلمي فغنه تنحى وقال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل. أما ابن عقيل ـ عليه السلام ـ فلم تفته خيانتهم ونقضهم العهود وأنهم لايرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة فلم يعبء بأمانهم فقال : « لا والله لا أؤسر وبي طاقة ، لايكون ذلك أبداء » وحمل على ابن الأشعث فهرب منه ، ثم تكاثروا عليه وقد اشتد به العطش فطعنه رجل من خلفه فسقط الى الأرض وأسر. وقيل : أنهم عملوا حفيرة وستروها بالتراب وانكشفوا بين يديه حتى إذا وقع فيها أسروه.