( 20 سنة ) - العراق
منذ سنتين

سليمان بن صرد

سليمان بن الصرد الخزاعي كان مع الحسين عليه السلام في كربلاء ومعه تسعة آلاف مقاتل . قال بن حبان : سليمان بن صرد الخزاعي أبو مطرف أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأقام عندهم ثلاثا وقتل مع المختار بن أبي عبيد بعين الوردة في رمضان سنة سبع وستين وكان مع الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فلما قتل الحسين انفرد من عسكره تسعة آلاف نفس فيهم سليمان بن صرد . كتاب الثقاة لابن حبان ج٣ص١٦١ ملاحظه: انسحاب سليمان بن صرد الخزاعي من معسكر الحسين عليه السلام بعد أستشهاده ومعه تسعة آلاف فارس بمعية الأمام السجاد عليه السلام للحفاظ على ما تبقى من آل البيت عليهم السلام علما كانوا يسموهم بالترابيين وليس التوابين نسبة للأمام علي عليه السلام ابو تراب


يمكن لنا أن نجيب على سؤالكم بعدة نقاط وهي: ١/إن هذا الكلام المنقول عن ابن حبان لا أعتبار له كون الرجل لم ينقل كلامه من مصادر معتبرة عندنا. ٢/لم نعثر على رواية تفيد بأن سليمان بن صرد الخزاعي كان حاضرا في كربلاء ثم أنسحب بعد شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) بل الوارد من أخبار تذكر عكس هكذا الكلام وننقل لكم جواب مركز الأبحاث العقائدية عن شخصيته وعدم مشاركته في كربلاء وحاصله لم يرد في الكتب التاريخية التي بين أيدينا ما يدلّ على أنّ سليمان بن صرد الخزاعي قد سجن أو منع منعاً خاصّاً من المشاركة في كربلاء. فما يذكره المامقاني في (تنقيح المقال) من أنّ عبيد الله بن زياد سجنه لا دليل عليه ولم يذكر مصدره ، وربّما كان نظره إلى  ما ورد في (حكاية المختار في الأخذ بالثار) المطبوع في نهاية (اللهوف في قتلى الطفوف) لابن طاووس، حيث ورد فيه أنّ سليمان بن صرد كان في حبس ابن زياد ثم خرج بعد موت يزيد ، ولكن هذه الحكاية من أوّلها إلى آحرها نسجت على منوال القصص، وفيها من الخرافة والتزويق ما لا يخفى، وفيها ما هو مخالف للمثبت في المصادر المعروفة، من أنّ سليمان وإبراهيم الأشتر وصعصة العبدي وغيرهم كانوا في سجن ابن زياد من زمن معاوية مع أنّه لا يوجد أثر لهذا في المصادر المعتبرة، بل لا يوجد ذكر لسجن إبراهيم بن الأشتر، وأمّا صعصعة بن صوحان العبدي فلم يكن موجوداُ ذلك الوقت، فقد توفي في زمن معاوية. نعم، كان هناك منع عام لكلّ أهل الكوفة من الخروج ومساعدة الحسين(عليه السلام)، كما يذكر ذلك في كيفية خروج حبيب بن مظاهر من الكوفة . وكان سليمان قد كاتب الإمام الحسين(عليه السلام) قبل قدوم مسلم بن عقيل، وحثّه على القدوم إلى الكوفة . ثمّ إنّ في كون سليمان بن صرد من التوّابين، بل هو رأسهم، وأنّه كان يدعو في أصحابه بضرورة القتال من أجل التوبة والغفران، دلالة على أنّه كان مقصّراً في عدم مشاركته في نصرة الحسين(عليه السلام). اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ إطلاق هذا الاسم عليه وهو كونه توّاباً ودعوته للقتال من أجل التوبة كانت من أجل غيره ممّن قصّر في نصرة الحسين(عليه السلام)، فإطلاق العنوان عليه بلحاظ أصحابه، أمّا هو فهو في عذر من ذلك، لعدم قدرته على نصرته من خلال عدم القدرة على الوصول إليه، ولكن هذا ما يحتاج إلى ما يثبته. بل توجد في أقواله كلمات ينسب التقصير فيها إلى نفسه، إذ قال في خطبته في مجموعة التوّابين لمّا اجتمعوا في داره: ((...إنا كنّا نمد أعناقنا إلى قدوم آل نبيّنا ونمنيهم النصر ونحثّهم على القوم، فلمّا قدموا ونينا وعجزنا وأدهنا وتربّصنا وانتظرنا ما يكون، حتى قتل فينا ولدينا ولد نبيّنا وسلالته... إلى أن قال: كونوا كالأولى من بني إسرائيل إذ قال لهم نبيّهم: (( إِنَّكُم ظَلَمتُم أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ العِجلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُم فَاقتُلُوا أَنفُسَكُم ذَٰلِكُم خَيرٌ لَكُم عِندَ بَارِئِكُم )) (البقرة:54)...)) . فانظر إليه كيف يصف حاله وحال أصحابه بدقّة بالغة بالعجز والادهان والتربّص وانتظار ما يكون، بل يشبه نفسه ومن معه ببني إسرائيل وعصيانهم بعبادة العجل. وقال في خطبة أخرى: ((حتى بلى الله خيارنا، فوجدنا كذّابين في نصر ابن بنت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا عذر دون أن نقتل قاتليه، فعسى ربّنا أن يعفو عنّا)) . وارتجز لمّا استقتل يوم عين الورد: إليك ربّي تبت من ذنوبي ***** وقد علاني في الورى مشيبي فارحم عبيداً غير ما تكذيبي***** واغفر ذنوبي سيّدي وحوبي وقال ابن سعد في (الطبقات): ((كان فيمن كتب إلى الحسين بن عليّ أن يقدم الكوفة، فلمّا قدمها أمسك عنه ولم يقاتل معه، كان كثير الشكّ والوقوف، فلمّا قتل الحسين ندم هو والمسيب بن نجية الفزاري وجميع من خذل الحسين ولم يقاتل معه)) . وقال ابن أثير: ((وكان فيمن كتب إلى الحسين بن عليّ(رضي الله عنهما) بعد موت معاوية يسأله القدوم، فلمّا قدمها ترك قتال معه)) . نعم، يشهد لحسن حال سليمان بن صرد ما ورد من قول عليّ(عليه السلام) له: (( فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلًا )) (الاحزاب:23) ، وأنت ممّن ينتظر وممّن لم يبدّل ، فشهادة عليّ(عليه السلام) هذه بعد ثبوتها تدلّ على حسن حاله، وعلوّ شأنه وصحة توبته، وأنّ عاقبته كانت عل خير. وقد جعله الحسين(عليه السلام) في كتابه إليه وإلى صحبه المسيّب ورفاعة وعبد الله بن وال - الذين أصبحوا قادة التوّابين بعد ذلك - من جماعة المؤمنين ، وقد  عدّه الفضل بن شاذان من كبار التابعين وزهادهم . ٣/لم نعثر على مصدر يذكر ان التوابين كانوا يسموا بالترابيين نعم ممكن يطلق على كل من يحب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالترابي نسبة إلى أبي تراب. وقد وردت عدة روايات في بيان سبب تسمية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأبي تراب ومنها: عَبَايَة بن ربْعِيٍّ قال: قلتُ لعبد الله بن عبَّاس لم كنَّى رسول اللَّه (ص) عليّاً أَبا تُراب؟ قال: لأَنَّهُ صاحبُ الأَرض وحُجَّةُ اللَّه على أَهلهَا بعدهُ وبه بقَاؤُها وإِلَيه سكونها. فجعل الحديث بقاء الأرض واستقرارها متعلّقاً بوجوده (ع). ثم قال: ولقد سمعتُ رسول اللَّه (ص) يقولُ: إِنَّهُ إِذا كان يوم القيامة، ورأَى الكافرُ ما أَعدَّ اللَّهُ تبارك و تعالَى لشيعة عليٍّ من الثواب والزُّلفَى والكرامة يقول: «يا ليتني كنت ترابيّا».