وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إنّ كل ما يحصل لك فهو بقدر من أقدار الله التي يجريها بحكمته البالغة، ورحمته الواسعة، وأنّ الله قد يصرف عنك شيئاً عاجلاً، ويدّخر لك خيرًا منه، فهو سبحانه أعلم بمصالح العبد من نفسه، وأرحم به من أبيه وأمه. قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}. (البقرة: آية216). ورُوي الإمام الصادق (عليه السلام): "لا يستغني المؤمن عن خصلة وبه الحاجة إلى ثلاث خصال: توفيق من الله (عزّ وجلّ)، وواعظ من نفسه، وقبول مَن ينصحه".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٧٢،ص١٠٣). فالتَّوْفِيقُ لطف من الله للعبد: ويعني تسهيلُ طريق الخير، وبعبارة أخرى: جعل الله تعالى قول العبد وفعله موافقين لأمره ونهيه؛ ولذا قال الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى على لسان نبيِّ الله شُعَيب (عليه السّلام): {وما تَوفيقي إلاّ باللهِ}- : إذا فعَلَ العبدُ ما أمَرَه اللهُ (عزّوجلّ) به من الطاعة، كان فعلُه وفْقاً لأمر الله (عزّ وجلّ)، وسُمِّيَ العبد به مُوفَّقاً".(الصدوق،التوحيد:ص٢٤٢). فعلينا أن نلتفت إلى كيفية الحصول على التوفيق من الله تعالى، وهناك أسباب للتوفيق الإلهي، منها: أ- النيّة الصادقة والإخلاص إلى الله تعالى. 1ـ عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: "لا عمل إلّا بنيّة".(المازندراني،شرح أصول الكافي:ج٢،ص٣٥٠). 2ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٦٧،ص٢٠٩). 3 ـ عن أبي ذر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وصيته له قال: "يا أبا ذر، ليكن لك في كل شيء نيّة، حتى في النوم والأكل".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج٤،ص٣٤١٨). ب - التقوى والإيمان، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .(الأعراف:آية٩٦). ج- كثرة الدعاء إلى الله بتوفيق الطاعة: اللهمّ ارزقنا توفيق الطاعة وبُعد المعصية والاعتراف بالضعف أمامك. عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال سألته عن معنى ( لا حول ولا قوة إلّا بالله ) فقال : "معناه لا حول لنا عن معصية الله إلّا بعون الله، ولا قوة لنا على طاعة الله إلّا بتوفيق الله (عزّ وجلّ)" .(المجلسي،بحار الأنوار:ج٥،ص٢٠٣). هـ- الاستغفار الدائم كما كان رسول الله وأهل البيت (صلوات الله عليهم) يستغفرون. وأفضل استغفار هو الوارد عن الصادق (عليه السلام): "استغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، بديع السموات والأرض من جميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه".(الكفعمي،المصباح:ص٦٣). ح ـ رعاية الأبناء والأهل والعيال كما في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله): خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".(الحر العاملي،وسائل الشيعة:ج٢٠،ص١٧١). ط – ولاية أولياء الله والبراءة من أعدائهم، وأهل البيت (عليهم السلام) أفضل مصداق لأولياء الله تعالى في الأرض والعالم؛ لذا يجب معرفتهم ومولاتهم والبراءة من أعدائهم.