ناصر علي ( 22 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ما هو حقيقة النسيان الذي ذكره القران الكريم للنبي ادم و عيسى عليهم السلام وهل معنى النسيان في الاية الثالثة هو الترك للخلق


( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) "النسيان" هنا فمن المسلم أنّه ليس بالمعنى المطلق، لأنّه لا معنى للعتاب والملامة في النسيان المطلق، بل إنّه إمّا بمعنى الترك كما نستعمل ذلك في مكالماتنا اليوميّة، فقد نقول لمن لم يف بعهده: أنسيت عهدك؟ أي إنّك كالناسي. (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) هذه الاية في قصة موسى مع المعلم العبد الصالح الخضر عليه السلام ، يعني لقد اخطئت ونسيت الوعد فلا تؤاخذني بهذا الإشتباه. "لا ترهقني" مُشتقّة مِن "إِرهاق" وتعني تغطية شيء ما بالقهر والغلبة، وتأتي في بعض الأحيان بمعنى التكليف، وفي الآية - أعلاه - يكون معناها: لا تصعِّب الأُمور عليَّ، ولا تقطع فيضك عنّي بسبب هذا العمل. وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم) المقصود من ضرب المثل هنا، نفس المعنى بدون التشبيه والكناية. فالمقصود هو الإستدلال وذكر مصداق لإثبات مطلب معيّن. نعم فإنّ (اُبيّ بن خلف أو اُميّة بن خلف. أو العاص بن وائل) كان قد وجد قطعة متفسّخة من عظم لم يكن معلوماً لمن؟ وهل مات موتاً طبيعياً؟ أو في واحدة من حروب العصر الجاهلي المهولة؟ أو مات جوعاً؟ وظنّ أنّه وجد فيه دليلا قويّاً لنفي المعاد! فحمل تلك القطعة من العظم وذهب حانقاً وفرحاً في نفس الوقت وهو يقول: لأخصمن محمّداً. فذهب إلى الرّسول الأكرم (ص) وهو في عجلة من أمره ليقول له: قل لي من ذا الذي يستطيع أن يلبس هذا العظم البالي لباس الحياة من جديد؟ وفتّ بيده قسماً من العظم وذرّه على الأرض، واعتقد بأنّ الرّسول (ص) سيتحيّر في الجواب ولا يملك ردّاً!! والجميل أنّ القرآن الكريم أجابه بجملة وجيزة مقتضبة وهي قوله تعالى: (ونسي خلقه). وإن كان قد أردف مضيفاً توضيحاً أكثر. فكأنّه يقول: لو لم تنس بدء خلقك لما إستدللت بهذا الإستدلال الواهي الفارغ أبداً. أيّها الإنسان الكثير النسيان، عد قليلا إلى الوراء وانظر في خلقك، كيف كنت نطفة تافهة وكلّ يوم أنت في لبس جديد من مراحل الحياة، فأنت في حال موت وبعث مستمرين، فمن جماد أصبحت رجلا بالغاً، وبكميّة من عالم النبات الجامد، ومن عالم الحيوان الميّت أيضاً أصبحت إنساناً، ولكنّك نسيت كلّ ذلك وصرت تسأل: من يحيي العظام وهي رميم؟ ألم تكن أنت في البدء تراباً كما هو حال هذه العظام بعد تفسّخها؟! لذا فإنّ الله سبحانه وتعالى يأمر الرّسول (ص) بأن يقول لهذا المغرور الأحمق الناسي (قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة).

1