( 16 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الطموح الدنيوية

هل يجوز الطموح في الدنيا؟


إن يكون للإنسان طموحاً يريد أن يحققه، أو شيئاً ما يريد أن ينجزه في هذه الحياة، أمرٌ ضروري ومهم، وكما يقول أحد المفكرين: إن لم تصنع شيئا زائداً في هذه الحياة، فوجودك زائد فيها. فالبعض من الناس يأتي إلى الدنيا ويخرج منها دون أن يصنع شيئاً، وهناك من يعيشون في الدنيا ويخرجون وقد حققوا اكتشافاً أو اختراعاً أو إنجازاً أو تقدماً على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو العلمي أو المعرفي أو الثقافي. إذن ينبغي أن يكون للإنسان طموحاً، وبه تكون عنده همة عالية، ولذلك ورد في الحديث عن رسول الله أنه قال : «علو الهمة من الإيمان»، «إن المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه». لا أن يكون محدود الأهداف والتفكير. قال الأصمعي: دخلت البيت الحرام، فرأيت رجالاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يبكي ويتضرع، فاقتربت منه لأرى ماذا يطلب من الله، وإذا به يسأل الله تعالى: يا رب أسألك ميتةً كميتة أبي خارجة. يقول: فلما انتهى من توسله وتضرعه، سألته: يا هذا كيف كانت ميتة أبي خارجة؟ قال: لقد أكل حتى شبع، وشرب حتى روى، ونام في الشمس؛ فمات شبعاناً رياناً دفآه. مع الأسف كثير من الناس هكذا، تجده ينتمي إلى مجتمع مستضعف، وأمة متخلفة، ويعيش واقعاً سيئاً، ولا يكون عنده طموحاً لتغيير واقع شعبه، ولقدم مستوى أمته، ولإنهاض مجتمعه، وهمه في حياته أن يعيش لنفسه فقط. وقد يُصاب البعض بالإحباط خصوصاً إذا عاش في مجتمعٍ تكثر فيه المشاكل، فيرى نفسه عاجزاً عن تقديم أي شيءٍ لتغيير الواقع المعاش. وهذه الحالة خاطئة لأن الكثيرين ممن أنجزوا وممن تقدموا لم يكونوا يعيشون في حالة رفاهية، وإنما من وحي التحدي والمعاناة والصعوبات فجروا طاقاتهم وقدراتهم. ومهما كانت الصعوبات التي تحيط بالإنسان لا ينبغي أن تفقده الأمل، أو أن تزرع في نفسه اليأس، بل يجب أن يتجه للتحدي ولتفجير طاقاته وقدراته. هكذا ينبغي أن تكون حياة الإنسان المؤمن مليئةٌ بالطموح. ر ونحن نقرأ عن طموحات الآخرين وكيف حققوا أهدافاً عالية، وماذا أنجزوا وعملوا. تتحدث الجرائد عن بيل جيتس رئيس شركة مايكروسوفت المشهورة في عالم الكمبيوتر خصوصاً هذه الأيام إذ يتجول في الشرق الأوسط. يتحدثون عن دخله: في كل ثانية يُضاف إلى دخله (250) ألف دولار، وفي الساعة يُضاف إلى دخله (900) ألف دولار. خلال يومين كان دخله: (000,200,43) دولار، أما ثروته فتقدر بـ (43) مليار دولار. كيف حصل على هذه الثروة؟ وكيف وصل إلى هذه الموقعية؟ هل بالوراثة؟ أم بالسلطة والحكم؟ كلا! وإنما فجر طاقته وكفاءته، وعن طريق العلم المعرفة قدم هذا الإنجاز الضخم للبشرية. لذلك ينبغي أن يكون عند الإنسان طموحاً، ولذا يُخاطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أصحابه فيقول: «ما داؤكم؟ ما دواؤكم؟ ما طبكم؟ القوم رجالٌ أمثالكم». الطاقات والأجسام والعقول التي لدى الآخرين نملكها، ولكننا مع الأسف جمدنا هذه الطاقات والقدرات. وينبغي للإنسان أن لا يستسلم أمام موجة الأفكار السلبية، فالعلماء المتقدمون والمتفوقون لم يعشوا في ظروف حريرية ناعمة، وإنما واجهوا التحديات و الصعوبات، وفجروا طاقاتهم وكفاءاتهم ووصلوا إلى ما وصلوا إليه.

2