السلام عليكم
لماذا حذره أهل البيت عليهم السلام
بعدم اتباع هوى النفس او بتعبير اخر اتباع نفس الإنسان
وماهيه مخاطرها عله الإنسان
وكيف يعرف الإنسان بأنه ينجر نحو الهوى
وهل يقدر الإنسان أن يسيطر عليها
كما ورد في القرآن الكريم
قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [سورة الشمس:9، 10]
فد شرح مفصل جزاكم الله خير الجزاء
عن ال محمد
أطال الله في اعماركم بحق محمد وال محمد لخدمة اهل البيت عليهم السلام
انتم فخرا لنا
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الهوى هو حبّ الشيء والميل إليه والتعلّق به واشتهاؤه، من دون فرقٍ بين أن يكون متعلّقه أمراً حسناً أو قبيحاً. وهوى النفس هو عبارة عن حبّ النفس وميل الإنسان إلى اتّباع الأوامر الصادرة عنها، سواء كانت خيراً أم شراً. واتّباع أوامر النفس يعدّ شركاً بالله، لأنّ المطاع فيه هو النفس وليس الله. فالأمر الصادر عن النفس، إن كان خيراً ولم يكن في طاعة الله ولأهدافٍ إلهية فهو مخالفٌ لإرادة الله، وبالتالي باطل، وإن كان شراً فهو صادرٌ عن النفس الأمّارة بالسوء التي تأمر الإنسان بالسوء دائماً وتدفعه إلى معصية الربّ ومخالفة أمره. وقد تحدّث الله تعالى عن هذه الحقيقة وأشار إلى أنّ المتّبع لهواه في الحقيقة عابدٌ لغير الله: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾، فأشار بشكلٍ واضحٍ إلى أنّ الإنسان يمكن أن يتسافل إلى الحدّ الذي تصبح فيه نفسه هي المعبودة والمطاعة وليس الحقّ عزّ وجلّ.
والمؤمن الصادق يكفيه أن يعرف الأضرار والمساوئ الناجمة عن اتّباع الهوى وحبّ النفس، وما وعد الله به الذين يخافونه في الغيب من الجنان، حتى يقلع عنه: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.
ومن آثار اتّباع هوى النفس:
أ- عدم الإيمان بالآخرة: اتّباع الهوى يمكن أن يحول بين الإنسان والإيمان الصحيح بالآخرة: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى﴾.
ب- أسوأ الضلال: اتّباع الهوى أسوأ الضلال، فهو يخرج الإنسان عن طريق الله: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
ج- انتفاء العدالة: اتّباع الهوى مانعٌ من العدل والإنصاف: ﴿فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُو﴾.
د- فساد الكون: إنّ نظام السماء والأرض خاضعٌ لإرادةٍ حكيمة وعادلة، فلو دار حول محور أهواء الناس وشهواتهم لعمّ الفساد كلّ ساحة الوجود: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾.
هـ مصدر الغفلة: اتّباع الهوى يحجب عن سبيل الحق ويورث الغفلة: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً﴾.
و- فساد العقل: اتّباع الهوى يفسد العقل ويضعفه ويمنعه من التمييز بين الحق والباطل: عن الإمام علي عليه السلام، قال: "طاعة الهوى تفسد العقل"، وفي حديثٍ آخر عنه، قال: "الهوى عدوّ العقل".
ز- التلوّث بالكبائر: إنّ الإفراط في طلب اللذّة وعبادة الهوى يسوق الإنسان نحو منزلقات الإثم وارتكاب الذنوب، كما حدث مع بني إسرائيل: ﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾.
ح- أسّ المحن: اتّباع الهوى سببٌ أساسي للمحن والبلاءات التي تصيب الإنسان في هذه الحياة كما أخبر بذلك أمير المؤمنين عليه السلام: "الهوى أسّ المحن".
علاج اتّباع الهوى
إذا عرفنا أنّ اتّباع الهوى يكون باتّباع أوامر النفس دون الله والانصياع التام لتلبية رغباتها، فإنّ العلاج الأساس يكون بمخالفة هذه الأوامر النابعة من النفس والاحتكام عوضاً عنها إلى أحكام الشريعة في كافّة شؤون حياتنا، لأنّه ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، بالإضافة إلى تقوية رادع الإيمان والتقوى في النفس. فمن يشعر بوجود الله دائماً في حياته ويره حاضراً وناظراً إلى سلوكياته وأفعاله، ويرَ محكمة العدل الإلهية يوم القيامة بعين البصيرة، لا يمكن أن يتجرّأ على كسر طوق الحدود الإلهية ويتجاوز التشريعات الدينية ويتلوّث بمفاسد الشهوات والرذائل، فعن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "خالف نفسك تستقم، وخالط العلماء تعلم". فمخالفة النفس وإشغالها دائماً بالطاعات والواجبات الشرعية بحيث لا يعود لها منفذٌ للجري وراء تلبية الأهواء والشهوات هو السبيل الوحيد للتكامل والرقيّ الإنساني. كما إنّ معاشرة الصالحين وترك صحبة رفاق السوء لهما الأثر الأكبر في توجيه الإنسان نحو معالي الأخلاق وعدم التلوّث في مستنقع الرذائل.