وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ابنتي الكريمة، إن خيانة الزوج من أصعب الإبتلاءات التي قد تمر بها المرأة، وخاصة عندما تكون هذه الخيانة مع امرأة متزوجة أخرى، وتصل إلى حد إفشاء أسرار بيتكِ وصوركِ، وهذا الوضع يولد شعوراً عميقاً بالظلم والغضب، وهو أمر طبيعي في مثل هذه الظروف.
إن شعوركِ بالرغبة في فضح هذه المرأة نابع من شدة الألم الذي تعيشينه، ومن إحساسكِ بأنها قد سلبت منكِ زوجكِ.. ولكن، دعيني أوضح لكِ أن الإسلام، وإن كان ينهى عن الخيانة ويشدد على حرمتها، فإنه أيضاً ينهى عن فضح الناس وتتبع عوراتهم، حتى لو كانوا قد أخطأوا في حقنا، فالله سبحانه وتعالى أمر بالستر، وجعل لمن يستر على أخيه المسلم أجراً عظيماً، وإن فضح هذه المرأة قد يسبب لها ولأسرتها دماراً كبيراً، وقد لا يعود عليكِ بالنفع المرجو، بل قد يزيد الأمور تعقيداً ويفتح أبواباً لمشاكل أكبر، وقد تتحولين أنتِ من موقع المظلومة إلى موقع من ارتكبت ذنباً آخر.
إن الأولوية في هذه المرحلة هي لإنقاذ بيتكِ وزوجكِ، وحماية نفسكِ من المزيد من الأذى، ففكري في الخطوات التالية بعمق وحكمة:
أولاً: واجهي زوجكِ بهدوء وحزم، ولا تظهري له ضعفكِ أو غضبكِ الشديد في البداية، بل تحدثي معه بوضوح عن علمكِ بما يحدث، وعن مدى الألم الذي سببته لكِ أفعاله، وذكّريه بمسؤولياته تجاهكِ وتجاه بيته، وبحرمة ما يفعله في ديننا، فحاولي أن تفهمي منه الأسباب التي دفعته إلى هذا السلوك، فقد يكون هناك خلل في العلاقة بينكما يحتاج إلى إصلاح.
ثانياً: اطلبي منه قطع علاقته بهذه المرأة فوراً وبشكل كامل، ويجب أن يكون هذا شرطاً أساسياً لإستمرار الحياة الزوجية. وضحي له أن استمراره في هذه العلاقة يعني تدمير بيته بيده، وأنكِ لن تقبلي بهذا الوضع.
ثالثاً: اعملي على تقوية علاقتكِ بزوجكِ، وبعد المواجهة وقطع العلاقة المحرمة حاولي أن تعيدي بناء جسور الثقة والمودة بينكما، وقد يكون هذا صعباً جداً، ولكنه ضروري لإنقاذ زواجكِ، واهتمي بنفسكِ وبمظهركِ، وحاولي أن تجددي حياتكما الزوجية، وأن تملئي الفراغ الذي قد يكون قد دفعه إلى البحث عن علاقة أخرى.
رابعاً: استعيني بالله تعالى بالدعاء والتضرع، والجئي إلى الصلاة وقراءة القرآن، واطلبي من الله أن يهدي زوجكِ ويرده إليكِ رداً جميلاً، وأن يزيل عن قلبكِ الهم والحزن، والدعاء هو سلاح المؤمن، وهو قادر على تغيير القلوب والأحوال.
خامساً: إذا لم يستجب زوجكِ، أو إذا أستمر في خيانته، فلا تترددي في طلب المساعدة من أهل الخبرة والحكمة من أهلكِ أو أهله، وقد يكون تدخل طرف ثالث حكيم ضرورياً لإصلاح ذات البين.
تذكري يا ابنتي أن الله يرى ويسمع، وأنه ناصر المظلومين، فصبري واحتسبي، واعملي بما يرضي الله، وسيجعل الله لكِ مخرجاً.
أسأل الله أن يفرج همكِ، ويصلح حالكِ، ويهدي زوجكِ، ويجمع شملكما على خير بحق النبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين.