أبي مريض نفسي دائما يسوي مشاكل ويانا وحتى امي تمرضت بسببه وصار بيها حالة نفسيه بسبب سوء تعاملها معها ودائما يصيح عليها وهي صار بيها هيج بسببه هل يجوز لي الدفاع عن امي عندما يسمعها كلام سيء و يضربها
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، أسأل الله أن يشرح صدركم، ويشفي والدكم، ويحفظ والدتكم من كل سوء، ويجعل ما تتحمّلونه في ميزان حسناتكم.
اعلمي أنَّ الله تعالى عظَّم حقّ الوالدين وجعل برّهما من أعظم القربات، فقال عزّ من قائل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: ١٤).
وقال تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً} (الإسراء: ٢٣)،
وفي روايات أهل البيت عليهم السلام، شدّد الأئمة على عظم هذا الحق، فروي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فِي كَلاَمٍ لَهُ: إِيَّاكُمْ وَعُقُوقَ اَلْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ رِيحَ اَلْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَلاَ يَجِدُهَا عَاقٌّ وَلاَ قَاطِعُ رَحِمٍ ... المزید» (الکافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٣٤٩).
ابنتي، بما أن والدكم يعاني من حالة نفسية، فوظيفتكم الصبر عليه، واحتمال ما يصدر منه، مع الحرص على صون الأم من الأذى، بالأسلوب الشرعي الصحيح.
النصائح التربوية والشرعية:
١. يجب احترام الوالدين معًا، فلا يُتجاوز على حقّ أيٍّ منهما، فلا يجوز لكم عقوق الأب أو إهانته مهما صدر منه.
٢. يجوز الدفاع عن الأم إن مدّ يده عليها، لكن بقدر دفع الأذى فقط، مع المحافظة على حرمة الأب.
٣. بما أن الوالد مريض، فالصبر عليه من أعظم القربات، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ( لقمان: ١٥)،
٤. إن رفع صوته أو أساء، فذكّروه بلطف بالآيات والروايات التي تنهى عن الظلم وتبين عقاب الأذى للأم، لعلّه يتعظ.
٥. يمكن تجنّب ما يثير غضبه، والابتعاد عن أسباب الانفعال ما أمكن.
٦. على الأم أن تراعي حالته المرضية، وتحاول التعامل معه بالهدوء والأسلوب الذي يقلّل من حدّة انفعاله.
٧. اطلبوا من أحد الأقارب أو الكبار التدخل عند الحاجة ليخفّف من التوتر ويحافظ على السكينة.
٨. لا تغفلوا عن الدعاء له بالشفاء، فإن الدعاء يفتح أبواب الرحمة والفرج.
لتعلموا أن كل ما تصبرون عليه دين عند الله تعالى، قال أمير المؤمنين عليه السلام: «كلُّ شيءٍ دينٌ وكلّما تزرعُ تحصد»؛ فما تغرسونه اليوم من صبرٍ واحتمالٍ ستجدونه عند الله أجرًا وثوابًا.
ختامًا:
ابنتي، اصبري واحتسبي، وأحسني صحبة والديكِ ما استطعتِ، وكوني عونًا لأمك في شدّتها، واعلمي أنَّ ما تتحمّلونه من صبرٍ وإحسان هو دينٌ عند الله تعالى، وسيعود إليكم ثوابه. وتذكّري دائمًا قول أمير المؤمنين عليه السلام: «…كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ وَكَمَا تَصْنَعُ يُصْنَعُ بِكَ وَمَا قَدَّمْتَ إِلَيْهِ تَقْدَمُ عَلَيْهِ غَداً لاَ مَحَالَةَ» (تحف العقول، ج١، ص١٥٤) أي أنَّ أفعالك الطيبة ستعود إليك يومًا ما، وستُجازين عليها، فكل ما تزرعينه اليوم من برٍّ وصبرٍ وإحسان، ستحصدينه غدًا نورًا ورحمةً في الدنيا والآخرة.
أسأل الله أن يرفع عنكم البلاء، ويبدلكم راحة وسكينة، ويجعل صبركم في ميزان حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ودمتم في رعاية الله حفظه.