logo-img
السیاسات و الشروط
بثينة ( 24 سنة ) - العراق
منذ شهر

الابتعاد عن طاعة الله

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته لماذا يختار بعض الناس ذل المعصية و ذل عبادة الشيطان و يترك العزة والكرامة التي هي في طاعة الله و عبادته؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحباً بكم في تطبيق المجيب قال تعالى:( ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) اختي الفاضلة، إن اختيار بعض الناس طريق المعصية وعبادة الهوى والشيطان، وترك طريق العزة والكرامة في طاعة الله، يعود إلى عدة أسباب نفسية وروحية معقدة. أولاً: قد يكون السبب هو الجهل بحقيقة العزة والكرامة، فكثير من الناس يظنون أن العزة تكمن في تحقيق رغباتهم الدنيوية الفانية، أو في اتباع شهواتهم العاجلة، دون أن يدركوا أن هذه الأمور لا تجلب سوى الذل والندم في نهاية المطاف، قال الإمام علي (عليه السلام): "طهروا أنفسكم من دنس الشهوات تدركوا رفيع الدرجات" (١)، إن العزة الحقيقية هي في الاستغناء عن الخلق والتوكل على الخالق، وفي الشعور بالقوة الروحية التي تأتي من الاتصال بالله تعالى. ثانياً: ومنها الغفلة وهي من أكبر الأمور التي تؤدي بالإنسان تضر وتذل يقول امير المؤمنين(عليه السلام): "الغفلة أضر الأعداء" (٢) الإنسان قد يغفل عن عواقب المعصية في الدنيا والآخرة، وعن جمال الطاعة وثمارها الطيبة، وهذه الغفلة تجعله يرى اللذة العاجلة في المعصية، ولا يرى الألم الدائم الذي يتبعها، بينما يرى المشقة الظاهرية في الطاعة، ولا يرى السعادة الأبدية التي تنتج عنها، عن الإمام علي (عليه السلام): "فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه إلى الشقوة!"(٣) ثالثاً، ضعف الإرادة وقلة الصبر من العوامل المؤثرة، فالنفس البشرية تميل إلى الراحة والشهوات، وتحتاج إلى مجاهدة وصبر لتسلك طريق الطاعة الذي قد يبدو شاقاً في بدايته. ومن لا يمتلك إرادة قوية وصبرًا كافيًا، قد يستسلم لوساوس الشيطان وشهوات النفس، فيختار الطريق الأسهل ظاهراً، وهو طريق المعصية. رابعاً، قد يكون هناك تأثير للبيئة المحيطة والرفقة السيئة، فالإنسان يتأثر بمن حوله، وإذا كان محاطاً بأشخاص يزينون له المعصية ويشجعونه عليها، فقد يضعف أمام هذا التأثير ويتبعهم، ظناً منه أن في ذلك سعادة أو قبولاً اجتماعياً. وقد نهى اهل البيت عليهم السلام من معاشرة من فيه الصقات السيئة فإن له التأثير الواضح على الإنسان، فعن الإمام علي عليه السلام: "إيّاك وصحبة من ألهاك وأغراك فإنه يخذلك ويوبقك" (٤) وعن امير المؤمنين (عليه السلام): "إياك ومصاحبة أهل الفسوق، فإن الراضي بفعل قوم كالداخل معهم" (٥) خامساً، إن الشيطان له دور كبير في تزيين المعصية وتصويرها على أنها طريق السعادة والحرية، بينما يصور الطاعة على أنها قيد وحرمان، ولعل هذا يأتي من قسوة القلب وظلامه قال تعالى: (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)الانعام٤٣. بل ويعمل جاهداً على إبعاد الإنسان عن ربه، مستغلاً نقاط ضعف الإنسان وغفلته، إنّ طريق الله هو طريق العزة والكرامة الحقيقية، وهو طريق يمنح الإنسان السكينة والطمأنينة والقوة الروحية التي لا يمكن أن يجدها في أي طريق آخر. نسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم. ———————————————— (١) ميزان الحكمة ج ٤. (٢) ميزان الحكمة ج ٣. (٣) ميزان الحكمة ج ٣. (٤) ميزان الحكمة ج ٢. (٥) ميزان الحكمة ج ٢.