- العراق
منذ سنتين

لقب آية الله واجتهاد السيد فضل الله

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة العلامة الكبير السيد جعفر مرتضى العاملي أعزه الله . . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . هل تنفون أن يكون السيد فضل الله مجتهداً ينتفع بعلمه وبكتبه ؟ وقد صرح بذلك آية الله العظمى الشيخ المنتظري حفظه الله عندما سُئل عن اجتهاد السيد فضل الله فأجاب بالنص : إن الحاج السيد محمد حسين فضل الله في لبنان عالم مجتهد ينتفع بعلمه وبكتبه . . وبإمكانكم التأكد من ذلك بالاتصال بمكتبه أو الدخول على موقعه على الإنترنت ، والاستفتاء حديث لم يمض عليه عشرون يوماً . هذا مضافاً إلى ما شهد به أهل الخبرة من الفضلاء والعلماء باجتهاد السيد فضل الله . . فما رأيكم بذلك وحتى أنتم في بعض رسائلكم له خاطبتموه بآية الله وهذا لقب حسب العرف الحوزوي لا يخاطب به إلا المجتهدون . جواب هذا السؤال مهم جداً عندي فأنا أنوي تقليد السيد ولكن كلمات بعض العلماء تشككني في ذلك . فهنا تعارض بين علماء كبار ومراجع أمثال المنتظري وبين علماء من أهل الخبرة أمثالكم والشيخ المالكي . . أرجو تعليقكم على كلام الشيخ المنتظري . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فقد تضمن السؤال المذكور عدة جهات ، نشير إليها فيما يلي : لقب آية الله : بالنسبة إلى كتابتي أنا شخصياً كلمة « آية الله » في الرسالة الأولى التي أرسلتها إلى السيد محمد حسين فضل الله للاستفسار عن موضوع ما كان قد قاله حول السيدة الزهراء « عليها السلام » ، فهو لا يفيد شيئاً ولا يثبت صفة الاجتهاد لذلك الرجل ، لأسباب عديدة نذكر منها : 1 - إنكم تعرفون أن المراسلات إلى أهل العلم تتخذ صفة المجاملة بصورة عامة ، فتكتب كلمة « ثقة الإسلام » للطالب المبتدئ ، مع أن هذا الوصف قد أطلق على الكليني ، وتطلق صفة « العلامة » على من يدرس السطوح ، أو ابتدأ بدرس الخارج لتوِّه ، مع أن هذا اللقب يطلق على الحلي ، والمجلسي ، والطباطبائي وأضرابهم . . ويطلق لقب « حجة الإسلام » على من درس قليلاً من الخارج . وكذلك الحال بالنسبة إلى لقب « حجة الإسلام والمسلمين » ، أو لقب « آية الله » . وأهل العلم في إيران هم أعرف الناس بهذا الموضوع . . 2 - يختلف الأمر حين يكون الحديث عن الشخص مع غير المعني باللقب ، فإنك تجد أن هذه الألقاب ينزل مستواها . . ولعل السبب في ذلك هو : أنهم حين يكاتبون الشخص المعني نفسه ، فإنهم يلاحظون ما يدَّعيه هو لنفسه ، وحينما يتحدثون عنه مع غيره ، فإنما يلاحظون نظرة ذلك الغير إلى هذا الشخص . . فهم إذن لا يعبرون عن آرائهم في مراسلاتهم تلك . . بل هم يراعون رأي من يخاطبونه . . 3 - إن كلمة « آية الله » في الرسالة الأولى قد أضيفت إلى الرسالة بصورة لاحقة كما يظهر من ملاحظة النص المكتوب باليد ، وهو الذي أرسل إليه . ثم إن الرسائل اللاحقة قد خلت عن هذا اللقب بالكلية . . واكتفت بلقب « حجة الإسلام والمسلمين » أو نحو ذلك . 4 - إذا كنت لم تختبر علم شخص ، فلا بد لك حين تراسله أن تخاطبه بما يخاطبه به الناس ، فإذا قربت منه ، واختبرته وعرفت مكانته العلمية ، فإن النظرة إليه قد تتبدل . . وهذا بالفعل هو حالنا مع السيد محمد حسين فضل الله ، فإننا لم نكن قد اطلعنا على مقدار خبرته بالفقه بصورة تكفي لإطلاق صفة الاجتهاد عليه ، فكان لا بد لنا من الجري على وفق ما احتملناه في حقه . . ثم حين قرأنا شطراً من كتبه ، ومن مقولاته ظهر لنا ما كان خافياً عنا ، وصار لزاماً علينا أن نعامله وفق هذه الرؤية الجديدة التي توفرت لنا . فسلخنا عنه جميع الألقاب التي تليق بالعلماء والفقهاء . والاغترار بالأشخاص القريبين برهة من الزمن ثم تبدل الرأي فيهم - بعد ظهور قصورهم ، أو عوارهم - أمر شائع بين الناس ، ومنهم أهل العلم أيضاً . . فكيف إذا كانوا بعيدين عنك ، ولا تلتقيهم إلا مرات قليلة ومتباعدة ، ويفصل بين كل مرة ومرة السنوات أو الأشهر ، ويكون لقاؤك بهم ذا طابع مجاملاتي لا مجال فيه للدخول في خصوصياتهم ، وهم لا يظهرون لك إلا ما هو لطيف وجميل . . الشيخ المنتظري : أما بالنسبة لما ذكرتموه عن الشيخ المنتظري ، فنقول فيه : أولاً : إن آراء أي كان من الناس لا تجدي نفعاً بعد ظهور أمر الرجل في مقولاته التي سجلها في مؤلفاته ، وإعلانه عنها في مختلف وسائل الإعلام ، كالكتب ، والجرائد ، والمجلات ، والإذاعات ، والخطابات ، في المناسبات وعلى شاشات التلفاز المحلية منها والفضائية . . وعلى هذا الأساس نقول : إذا كان أمامك كوب ماء ، فهل تقبل مني ومن غيري من البشر كلهم إن قالوا لك : هذا لبن ، وليس ماء ؟ ! ثانياً : إنني لم أطَّلع على النص المنسوب للشيخ المنتظري ، فهل هو بخطه وبتوقيعه ، أو هو بيان من مكتبه ؟ ! وهل سأله السائل عن اجتهاده ، أو سأله عن صحة مقولاته وفسادها ، فأجاب بجواب آخر . إذ إنه حتى لو كان يظن أو يقطع بأن السيد فضل الله مجتهد . فذلك لا يعني ضرورة أن يكون معتقداً بصحة مقولاته العقائدية . . ثالثاً : لعل الشيخ المنتظري لا يزال يمر بالمرحلة التي مررنا جميعاً بها ، فهو مثل الشيخ النوري الهمداني ، ومثل سائر العلماء والمراجع الذين كانوا يظنون بهذا الرجل الاستقامة على جادة الصواب في أموره الاعتقادية والإيمانية ، ولكنهم حين ظهر لهم خلاف ذلك واجهوه بما فرضه الله تعالى عليهم من التصدي لأمثال هذه الحالات . . غير أننا لا نجرؤ على الظن : بأن الشيخ المنتظري يوافق هذا الرجل في بعض ما يراه ، فضلاً عن أن يصوبه في جميع آرائه . . فنحن نجل هذا الرجل ، ونربأ به عن هذا الأمر الخطير . رابعاً : إن موضوع التقليد لا يتوقف على ثبوت الاجتهاد فقط ، فإنه حتى لو كان شخص أعلم أهل الأرض ، ثم ظهر فساد في عقيدته فلا يصح تقليده ، وكذا لو ظهر الفساد في استقامته على جادة الشرع ، بحيث تسقط عدالته . . هذا بالإضافة إلى شروط أخرى لا بد من توفرها في موضوع جواز التقليد . . خامساً : إن جميع مراجع الدين قد أصدروا فتاواهم التي تدين السيد محمد حسين فضل الله في مقولاته ، مثل الشيخ الوحيد ، والميرزا التبريزي ، والسيد محمد سعيد الحكيم ، والشيخ بهجت ، وسائر المراجع الذين أورد صاحب كتاب : « الحوزة العلمية تدين الانحراف » الأسئلة الموجهة إليهم ، وأجوبتهم عليها موشحة بأختامهم الشريفة ، فلماذا لم يشر كاتب هذه الرسالة إلى هؤلاء ، وأشار فقط إلى جعفر مرتضى ، وإلى الشيخ المالكي ؟ ! سادساً : بالنسبة إلى الذين يدَّعون اجتهاد ذلك الرجل . . فإن الأسماء التي نشرت لا يقر كثير من أصحابها بصحتها . . والقسم الأكبر من الباقين هم من تلامذته السائرين في خطه ، وأكثرهم لا يصح أن يتوهم في حقه أنه من أهل الفضل ، فضلاً عن أن يكون من أهل الخبرة . . وهل يُقَابل هؤلاء بالشيخ التبريزي ، والوحيد الخراساني ، والسيد كاظم الحائري ، والسيد محمد سعيد الحكيم ، والشيخ بهجت ، والشيخ الفاضل اللنكراني ، والسيد السيستاني ، والمقدس الشيخ الغروي و . . و . . وسائر مراجع الدين ؟ ! وفي الختام ، على صاحب هذه الرسالة وعلى محبيه مني ألف تحية وسلام ، مع مزيد من المحبة والاحترام . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .

1