logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

موقف الشيعة من عمر وعائشة

بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . أنا فلسطيني من القدس أريد أن أطرح على حضرتكم بعض الأسئلة : ما هو موقفكم من عمر بن الخطاب ، وعائشة أم المؤمنين ؟


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . بالنسبة للسؤال عن موقف الشيعة من عائشة وعمر بن الخطاب ، فيمكن توضيح الإجابة عليه على النحو التالي : إن أعظم خلاف وقع في الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية ، مثل ما سل على الإمامة في كل زمان ، على حد تعبير الشهرستاني في الملل والنحل . وقد بدأ الخلاف في هذا الأمر منذ وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فقد بادر أبو بكر وعمر إلى الاستتار بأمر الخلافة لأنفسهم ، ورفض علي « عليه السلام » وبنو هاشم ، وآخرون معهم ، الاعتراف بصحة البيعة لأبي بكر ، وجرت أمور وصبت مصائب عظيمة على علي والزهراء « عليهما السلام » ، سجلها التاريخ ، وقد استمر هذا الخلاف عبر العصور والدهور ، وإلى يومنا هذا . . فأيد أهل السنة صحة خلافة أبي بكر ، وما ترتب عليها من الوصية بها لعمر بن الخطاب . ثم حصر عمر لها في ستة من بعده . . وأنكر ذلك الشيعة تبعاً لعلي « عليه السلام » ، وبني هاشم ، ومن كان على رأيهم . وجرت بين الفريقين نزاعات فكرية ، واستدل كل فريق لصحة ما ذهب إليه بما توفر لديه من نصوص قرآنية ، وحديث وتاريخ . وما إلى ذلك . وانجر البحث بصورة طبيعية إلى البحث عن صفات من يصلح لهذا الأمر ، من العلم ، والعدالة ، والشجاعة ، وغير ذلك . . وقد جمع الشيعة من كتب أهل السنة نصوصاً كثيرة ، تتكفل بإثبات عدم صلاحية غير علي « عليه السلام » للخلافة بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » . ووجد أهل السنة في هذه النصوص ما يعتبر انتقاصاً من مقام الصحابة ، فاتهموا الشيعة بأنهم يتقصدون ذلك ، وتطورت الأمور حتى صار أهل السنة ، أو كثير منهم يعتبرون مجرد ذكر هذه القضايا التاريخية ، والأقوال النبوية سباً وشتماً ، وأكثر ما يثير حفيظتهم من ذلك ذكر الشيعة ، لقول عمر : إن النبي ليهجر ، وضربه لفاطمة الزهراء ، وإسقاط جنينها ، وما إلى ذلك . وذلك لما يسببه من إحراج شديد لهم لا مجال للخروج منه . . . وصادر أهل السنة عن هذا الطريق حرية الرأي والبيان لدى الشيعة . . ولم يسمحوا لهم ببيان : أن المقصود من إيراد ذلك هو بيان عدم توفر الصفات المطلوبة في الخلفاء ، الذين حكموا الناس بعد وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . ولعل مما زاد الطين بلة ، والخرق اتساعاً . . أن أهل السنة قد توهموا : أن بعض الآيات القرآنية تدل على عدالة كل من رأى رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وكان مميزاً . . فاتهموا الشيعة الذين يذكرون أفعال الصحابة المخالفة للشرع والدين بأنهم يخالفون نص القرآن في ذلك . . مع أن الشيعة - خصوصاً الإمامية منهم - قد أثبتوا أن الآيات القرآنية لا تدل على شمولية العدالة لكل من رأى النبي « صلى الله عليه وآله » . كما أنه ليس في الحديث الشريف ما يصلح لإثبات ذلك . . ثم إن الغوغاء والهمج الرعاع قد أسهموا - بدورهم - في تعمية الأمور ، وانتهى الأمر إلى ما ترى من التمزق والتفرق . وأما عائشة ، فإن الشيعة ينتقدون حربها لعلي بن أبي طالب « عليه السلام » في يوم الجمل ، حيث قتل بسببها الألوف من المسلمين ، مع أنه كان إمام زمانها . وهذا النقد لها يغضب أهل السنة ، وفقاً لما ذكرناه من سعيهم لتعديل الصحابة في كل فعل وقول ، وفي اعتبارهم قد بلغوا درجات الاجتهاد ، وفي اعتبار اجتهادهم المدَّعى مبرراً لارتكابهم ما يحلو لهم . إذ لا عقاب عليهم في الآخرة حسب زعمهم . وكل ذلك لا يرضاه الشيعة ، ويوردون الأدلة الكثيرة على بطلانه ، ويقولون : إن في الصحابة العلماء والجهلاء ، والأذكياء والأغبياء ، والأتقياء وغير الأتقياء ، فيغضب أهل السنة لذلك ، ويتهمونهم بأنهم يسبون عائشة . وليس الأمر كذلك . . فإنا لله وإنا إليه راجعون . والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى ، محمد وآله الطاهرين . .

11