- العراق
منذ سنتين

كيف ظهرت المذاهب مع وجود النص ؟ !

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجه يا كريم . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . كيف تفرق مذهبنا إلى فرق خصوصاً مع وجود الأئمة « عليهم السلام » ومع وجود الروايات الصحيحة الدالة على أسماء الأئمة وعددهم وظهر لدينا الإسماعيلية ، الزيدية ، الهاشمية ، الفطحية ، الغلاة . . وقد قرأت رواية تدل على أن أبا بصير ( رض ) صاحب الإمام الصادق « عليه السلام » شك في الإمامة بعد الإمام فقد اختبر الإمام موسى الكاظم « عليه السلام » وأخوه عبد الله ابن الإمام جعفر « عليه السلام » ليتبين من اللاحق بالإمامة وذلك أنه مقرب ولديه الروايات الدالة على الإمام الحق ؟


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . بالنسبة لهذا السؤال نقول : أولاً : إن مذهبنا لم يفترق إلى فرق بل بقي واحداً ، وهو سبيل الله . . ولكن الناس قد تركوا هذا السبيل وسلكوا سبلاً أخرى ، وأصبحوا فرقاً ومذاهب ، وسنة ، وزيدية ، وإسماعيلية . . وهذا هو نفس مضمون قوله تعالى : * ( وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) * [1] . وكما اتبع الذين في قلوبهم زيغ ما تشابه من آيات القرآن ابتغاء الفتنة ، وابتغاء تأويله ، ولم يرضوا بإرجاع المتشابه إلى المحكم . . فضلوا بذلك وأضلوا ، اتباعاً منهم لأهوائهم . . كذلك الحال بالنسبة لحديث رسول الله « صلى الله عليه وآله » فإن الذين في قلوبهم زيغ قد حرفوا وتلاعبوا ، واخترعوا ووضعوا من عند أنفسهم أموراً كثيرة ، ثم جاء الذين من بعدهم ، من أهل الزيغ أيضاً . فأصروا على الأخذ بهذا الزيغ ، وروَّجوا لهذا الباطل انقياداً منهم لأهوائهم ، وطلباً للدنيا ، ولغير ذلك من أسباب . ثانياً : إن فرقة الهاشمية لم تذكر فيما بين أيدينا من كتب الفرق . . فلا أدري ماذا تقصدون بها ؟ وأما قصة أبي بصير ، فهي تدخل في سياسات الأئمة الطاهرين « عليهم السلام » في تربية شيعتهم ، حيث يريدون « عليهم السلام » : أن يعطوا الشيعة الضابطة التي تمكنهم من معرفة الإمام بأنفسهم دون أن يشيعوا أسماءهم « عليهم السلام » في الناس ، ثم يختارون أناساً بعناية فائقة ، ولهم مواصفات معينة ليطلعوهم على أسماءهم « عليهم السلام » ، ليكونوا هم الضمانة لسلامة إجراء وتطبيق تلك الضوابط حين تمس الحاجة إلى ذلك . . ولتوضيح ذلك نقول : لقد أخبر النبي « صلى الله عليه وآله » المسلمين جميعاً : « أنه سيكون بعده اثنا عشر أميراً ، أو خليفة ، أو إماماً ، كلهم من قريش . . » . ثم حدد لهم أوَّلهم ، وثانيهم ، وثالثهم بأسمائهم ، ودلهم على أعيانهم ثم ضيقت الدائرة فأخبر أشخاصاً بأعيانهم بأسماء سائر الأئمة الذين يأتون بعد هؤلاء الثلاثة ، حتى لقد حمَّل جابراً سلامه إلى الإمام الباقر « عليه السلام » [1] . وصار كل إمام أيضاً ينص على الإمام بعده بطريقة لا تلفت نظر الحكام ، ولا تعطيهم المبرر لملاحقته ، وإلحاق الأذى به ، وإحداث إخلال خطير يضر بالمسار العام ، ويحتم الخروج عن المألوف لحفظ المسيرة بحفظ الأئمة الطاهرين « عليهم السلام » . . فإذا ادلهمت الخطوب ، وقست الأيام ، أو إذا اقتضت المصلحة دفع الأمة نحو ممارسة مسؤولياتها ، وترشيد وعيها العقائدي بصورة عملية ، فإن أمر تطبيق القواعد العامة ، التي تمكنهم من التعرف على الإمام الواقعي بأنفسهم . يعود إليهم ، ويصبح في عهدتهم كما أنها تساعدهم على اكتشاف من يدَّعي الإمامة لنفسه كذباً وزوراً . وتكون معرفة جماعة من الخواص بأسماء الأئمة « عليهم السلام » بمثابة ضمانة تؤدي إلى تصويب ذلك التطبيق للقاعدة ، أو تخطئته . . فالضابطة هي أن يمتلك الإمام « عليه السلام » علم الإمامة ، وأن يكون له مقام الشاهدية على الناس . . فإذا أظهر علم الإمامة . ولو بأن يصرح لهم بعلوم دقيقة ، وعميقة ، وهو في سن لا يمكن لمثله أن ينالها . . أو عرَّفهم بصورة عملية بأن لديه علم الشاهدية ، كما لو أخبرهم ببعض ما يدور في خلدهم مما لم يتفوهوا به ، فإن ذلك يكون دليلاً على أنه هو الإمام المفترض الطاعة . . وبالنسبة لاطلاع بعض الأشخاص على أسماء الأئمة ، نقول : إنه ربما يكون أبو بصير من الذين يطلب منهم معرفة الإمام اللاحق بواسطة علم الإمامة ، أو اطلاعه على مقام الشاهدية للإمام ، أو نحو ذلك . . أو يكون مكلفاً بإظهار إمامة الإمام بهذه الطريقة ، لا بطريقة رواية النص على الاسم ، إذ ربما يتعرض النص للتشكيك في سنده أو في دلالته ، أو ربما لم يفد الناس اليقين ، حيث لا بد من نيل الناس لدرجة اليقين في الإمامة . . ومما يذكر هنا : أن يونس بن عبد الرحمن رغم أنه من الفقهاء الكبار ، ومن المرموقين من أصحاب الأئمة « عليهم السلام » ، فإنه لم يكن في مستوى الحدث في موضوع إمامة الإمام الجواد « عليه السلام » ، الذي كان بعمر سبع سنين . فقام إليه الريان بن الصلت ، ووضع يده في حلقه . ولم يزل يلطمه ويقول : أنت تظهر الإيمان لنا وتبطن الشك والشر ، إن كان أمره من الله ، فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ وقوته ، وإن لم يكن من عند الله ، فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس . هذا مما ينبغي أن يفكر فيه ؟ فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبخه [1] . فلعل أبا بصير أراد أن يبين للناس : أن الإمام الحقيقي هو الإمام موسى الكاظم « عليه السلام » ، وليس غيره . والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .