logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

الفرقة الناجية

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة السيد جعفر مرتضى . . السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته . . لقد سمعت الكثير عن الشيعة والتشيع في بلدي وأنا أدرس في الجامعة وصل لي بعض الكتب التي تذم في الشيعة ولقد دعاني البعض من الأخوات إلى الدخول في صفحة البال التوك كي أشاهد المناظرات التي تحصل بين مشايخ من أهل السنة وبعض الشيعة أو من يدَّعي أنه سني ولكن تحول إلى مذهب الشيعة كما يدَّعون ، وبالفعل دخلت منذ شهر إلى الصفحة وبدأت أشاهد تلك المناظرات وقد لفت انتباهي مشترك يدافع عن مذهب الشيعة بشكل غير طبيعي ويقول إنه مستبصر . ولقد تشوقت كثيراً للتعرف عليه ، وذلك بسبب استشهاده الكثير بالكتب من تأليفك أو بمقتطفات منها ، فلذلك بحثت عن اسمك في ( google ) ، وتعرفت على عنوانك البريدي ، ولقد تحاورت مع هذا المشترك ولم أستطع الرد على حججه ، عنده معلومات كثيرة عن كتب أهل السنة ، فأحسست من كثرة توثيق ردوده بمصادر أهل السنة كأنه سني وليس شيعياً ، وأحسست أنه من هؤلاء الذين تحولوا إلى مذهب الشيعة ، وقد سألته الكثير الكثير من الأسئلة ، وبالفعل صدقت أنه من أهل السنة ، ولكن لم يظهر منذ فترة على الشبكة لا أعرف لماذا لذلك اخترت أن أبحث عن موقعكم كما ذكرت لكم لكي أطرح بعض الأسئلة ، وأرجو من الله التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه : 1 - حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( تنقسم أمتي من بعدي 73 فرقة ، واحدة من هذه الفرق هي الناجية ) . فمن هي الفرقة الناجية وما الدلائل ؟ ! ولكم الأجر والثواب . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإن الانتساب إلى أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً شرف عظيم ، وعز شامخ ، ومجد راسخ . . لأن لهذا النسب الطاهر أثره العميق في طهارة النفس وصفائها ، وفي صيانتها من المعايب والنقائص ونقائها ، إلا إذا جنى الإنسان على نفسه ، ولم يسع إلى تطهيرها وتزكيتها . وأسأل الله أن يكون صاحب هذا النسب الطاهر على خط الاستقامة والهدى ، ومن الذين حفظوا واحتفظوا ببركات ذلك النسب الشريف ، واستحقوا المزيد من الفيوضات الربانية ، والألطاف والعنايات الإلهية . . أما بالنسبة للأسئلة التي وردت في الرسالة ، فإنني أقول : لقد سألتم عن الفرقة الناجية ، من هي ؟ . . والجواب : أولاً : روي أن علياً « عليه السلام » ، سأل رسول الله « صلى الله عليه وآله » عن الفرقة الناجية ، فقال « صلى الله عليه وآله » : « المتمسك بما أنت وأصحابك عليه . فأنزل الله عز وجل * ( ثَانِيَ عِطْفِهِ ) * [1] » [2] . ثانياً : لو سألتم جميع أهل الأرض هذا السؤال لزعموا : أن فرقتهم هي الناجية ، وأن طريقهم هي طريق الحق والخير والهدى . . ولكن ذلك لا يعني : أن معرفة الفرقة الناجية غير ممكن . فإن الله سبحانه قد يسَّر للناس الوصول إلى الحق ، فزودهم بهدايات توصلهم إليه . . وهذه الهدايات تبدأ بالهداية التكوينية ، ثم الفطرية ، ثم العقلية ، ثم الشرعية ، فإذا نظرنا إلى الهداية العقلية فسنرى : أنها تقود الإنسان إلى معرفة الله تعالى ، وإلى لزوم إرسال الأنبياء « عليهم السلام » ، الذين تدل المعجزات ، وغيرها على صدق من يدَّعي النبوة منهم . . فتؤخذ الشرائع والحقائق الإيمانية منهم صلوات الله وسلامه عليهم . . كما أنها هي التي تقود العقول إلى لزوم اتباعهم ، والانقياد لأوامرهم ونواهيهم بصورة تامة . . فالفرقة التي تلتزم بذلك بصورة دقيقة . . ولا تخالف ولا تتخلف عن أحكام العقل القطعية ، وعن موجبات الفطرة ، وعن أحكام الشرع الصحيح ، تكون هي الفرقة الناجية قطعاً . وهذا يحتم على المسلمين جميعاً البحث عن ما يدَّعيه الشيعة في أمر الإمامة ، والنظر في جميع الأدلة التي قدموها ، وفي كل الروايات والآيات التي استدلوا بها على هذا الأمر . . كما أنه لا بد من النظر بعمق في حديث : « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وهوى » [1] . وفي حديث : « إني تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي » [1] . . وكذلك سائر الأحاديث التي تأمر بأخذ الدين منهم « عليهم السلام » ، وتؤكد مرجعيتهم للأمة في ذلك . . وقد ذكر صاحب خلاصة عبقات الأنوار أن حديث الثقلين رواه عن النبي « صلى الله عليه وآله » أكثر من ثلاثين صحابياً ، وما لا يقل عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السنة ، في مختلف العلوم والفنون ، وفي جميع الأعصار والقرون ، بألفاظ مختلفة وأسانيد متعددة ، وفيهم أرباب الصحاح والمسانيد وأئمة الحديث والتفسير والتاريخ . فهو حديث صحيح متواتر بين المسلمين [1] . ولا بد أيضاً من حسم الأمر في ما جرى على الزهراء « عليها السلام » بعد وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، من ضرب ، وإسقاط جنين . وهل تصح إمامة وخلافة من فعل ذلك بها ؟ أو هل يصح تقديس من يحتمل في حقه أن يكون قد فعل ذلك ؟ ! . . كما لا بد من حسم الأمر في موضوع غصب فدك من فاطمة « عليها السلام » أيضاً . . وفي موضوع غضبها من أبي بكر وعمر ، حتى لقد ماتت وهي مهاجرة لهما ، وأوصت أن يعفى أثر قبرها ، فدفنت ليلاً ، وعفي موضع قبرها بالفعل ، فلا يعرف لها قبر إلى يومنا هذا . ولا بد من البحث في تاريخ وسلوك كل من يدَّعى له أي مقام ، أو يكون له أي دور في أمور الدين . . وفي شؤون المسلمين . . وذلك ليحيا من حيي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة . . ولا بد من معرفة الأئمة ، أو الخلفاء ، أو الأمراء الاثني عشر ، الذين يقول النبي « صلى الله عليه وآله » : إنهم سوف يكونون بعده ، حسبما روته كتب الصحاح ، مثل البخاري ومسلم . . وغيرهما . ولا بد من البحث في دلالة الآيات القرآنية التي يدَّعون : أنها تدل على عدالة كل صحابي . . ولا بد من حسم الأمر فيما يدَّعونه من اجتهاد لهذا الصحابي ، ولذاك الصحابي ، وذلك كلما وجدوا منه مخالفة في الفكر ، أو في السلوك ، أو في الموقف . . ولا بد أن نعرف كيف اكتشفوا : أن معاوية ، وطلحة ، والزبير ، وعائشة ، و . . و . . و . . قد بلغوا رتبة الاجتهاد . . وكيف يجوز للمجتهد أن يجتهد على خلاف النصوص الصريحة الموجودة في كتاب الله تعالى ، وعلى خلاف ما ثبت عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . وكيف يجوز أن يكون الخارج على إمام زمانه ، والناكث لبيعته مجتهداً ومعذوراً ؟ ! ويدخل الجنة ؟ وكيف ؟ وكيف ؟ إننا إذا أجبنا على هذه الأسئلة وسواها بطريقة علمية ، ووفق قواعد البحث الموضوعي المنصف والنزيه ، ولم نبادر إلى شتم ولعن بعضنا البعض . . فإننا نعرف الفرقة الناجية بسهولة ويسر . . على قاعدة : الجدال بالتي هي أحسن ، وعلى قاعدة فسح المجال للبحث في كل القضايا . . وآخر كلمة أقولها هي : إن القرآن قد خاطب العقل ، وأمر بالتفكر والتدبر فيه ، وذلك يدل على أنه لا يخاف من العلم ، ومن المعرفة . . وقد سار شيعة أهل البيت « عليهم السلام » على هذا النهج ، فتجد المكتبات العامة ودور النشر ، ومواضع بيع وشراء الكتب في بلادهم ، وكذلك بيوت علمائهم ، وكذلك بيوت سائر الناس مملوءة بكتب غير الشيعة ، بل إن القليل منها يكون لمؤلفين من الشيعة ، ولا حرج على أحد في اقتنائها ولا في قراءتها . . ولا يخافون على أحد من أن ينساق معها ، أو أن يتأثر بها ، بل هم يقولون : إن علينا أن نستفيد من الحق ، وأن نتعرف عليه ، أينما وجد ، ولدى أية فئة كان . . ولكننا لا نجد هذه الحالة لدى الآخرين . بل ربما يلاحظ : فقدان كتب الشيعة حتى من مكتبات العلماء في تلك الطوائف . . كما أن هناك من يمنع بشدة عن قراءة ما فيها ، فضلاً عن روايته . . ومما يثير عجبنا : أننا نجد العلماء من غير الشيعة ليس فقط لا يذكرون للناس كثيراً من الحقائق . . بل هم يتعمدون إخفاءها وإهمالها . فلم يسمع الكثيرون من أهل السنة أي شيء جرى لفاطمة « عليها السلام » بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، بل إن بعضهم لم يسمع بحرب الجمل ، ولا بِسَمِّ الحسن « عليه السلام » ، ولا . . ولا . . الخ . . فكيف يصل هؤلاء إلى الحقيقة . . ولماذا يحرمون أهل نحلتهم من معرفة جانب كبير من تاريخهم ، ومن أحاديثهم ؟ ! والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .

4