- العراق
منذ سنتين

الحسين « عليه السلام » والشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . الصلاة والسلام على أفضل المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحبه الأكرمين . . السلام على من اتبع الهدى . . أنا جزائري من منطقة صحراوية بالجنوب الجزائري منطقة أولاد نائل الذي هو محمد بن عبد الله المنتسب إلى سلالة فاطمة الزهراء والحسن والحسين « عليهم السلام » من إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب . سؤالي : أين كان شيعة الحسين عندما حوصر يوم كربلاء يا شيعة آل البيت ؟ !


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإننا نبارك لك هذا النسب الشريف ، المتصل بأهل البيت الذين أوجب الله سبحانه مودتهم ، وفرض على الناس حبهم ، وركوب سفينتهم ، والتزام نهجهم . ونسأل الله سبحانه لك التوفيق والتسديد ، والعمر المديد ، والعيش الرغيد ، إنه هو الولي الحميد . . أخي الكريم : إن للبشر حالات ، وأخلاقاً ، وتصرفات . . وإقداماً وإحجاماً ، وقوة وضعفاً . . وما إلى ذلك . . وقد سار الحسين « عليه السلام » إلى العراق ليغيث العراقيين ، بعد أن طلبوا منه أن يغيثهم ويعينهم . إذ لا يصح أن يستغيث مكروب بأهل النجدة ، ثم لا يغيثونه ، فضلاً عن أنه لا يجوز لهم أن يتهموا ذلك المستغيث بأنه كاذب وماكر . . ولكن أهل العراق الذين كانوا مكروبين ، ويقاسون البلاء والمصائب من حكم الأمويين وعمالهم ، من أمثال المغيرة ، وزياد ابن أبيه . . قد تراجعوا عن موقفهم ، ونكثوا عهودهم ، وكانوا إلى جانب عدو من جاء ليغيثهم وعدوهم ، وحاربوه وقتلوه . . وقد بين « عليه السلام » لهم ذلك في يوم عاشوراء ، فقال : « تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً ، أحين استصرختمونا والهين ، فأصرخناكم موجفين ، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم ، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدونا وعدوكم ، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ؟ فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم ، والجأش طامن ، والرأي لما يستحصف الخ . . » [1] . والحقيقة هي : أن هؤلاء الذين وصفنا حالهم ، وخاطبهم « عليه السلام » بهذا الخطاب ما كانوا من شيعة الحسين « عليه السلام » ، وإنما كانوا من الناس الذين دخلوا في الإسلام في عهد الخلفاء قبل علي « عليه السلام » ، وقد استفاد منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في فتح بلاد فارس . . وقد حصلوا بسبب ذلك على الكثير من الامتيازات ، فيما يرتبط بالغنائم والسبايا ، والهيمنة والتأثير على البلاد التي افتتحوها . . كما أن لهذه الفتوحات ، ولكثير من الأمور الأخرى آثاراً سلبية عميقة على جهات كثيرة من حياتهم ، وعلى تفكيرهم ، وعلى ارتباطاتهم ، وعلاقاتهم ، وسياساتهم ، وعلى التزامهم الديني ، وما إلى ذلك . . كما أن سياسات الخلفاء قبل علي « عليه السلام » ، وكذلك سياسات معاوية بعده قد تركت آثارها على كثير من شؤونهم الحياتية والفكرية والإيمانية وغيرها . . والنتيجة التي نخرج بها من ذلك كله هي : أن الشيعة الحقيقيين كانوا أفراداً قليلين ، وقد تتبعهم معاوية بعد استشهاد علي « عليه السلام » ، ومارس في حقهم أقسى أنواع العسف والاضطهاد ، ورصدهم تحت كل حجر ومدر ، حتى أخلى منهم البلاد ، واستوحش منهم العباد . وقد أظهرت النصوص التاريخية : أن عدداً من هؤلاء الأفراد بقوا في المدينة وفي غيرها ، لمتابعة مهمات أنيطت بهم من قبل الحسين « عليه السلام » . . وقد كان لبعضهم الآخر عذره . وربما لم يوفق الباقون للحاق به « عليه السلام » لأسباب مختلفة ، ونحن لا نتحرج من القول : بأن من الممكن أن يكون بعضها هو الضعف والخوف أو التردد . . ربما بسبب عدم توفر النضج الفكري ، أو لعدم اكتمال نعمة الإيمان لديهم . . وإذا تأكد : أن معظم الأمة قد تخاذل ، وأن الذين استغاثوا بالإمام « عليه السلام » لم يكتفوا بالتخلي عنه ، بل انقلبوا عليه ، وحاربوه ، وقتلوه بتلك الصورة المفجعة والفظيعة . . فإنه لا يبقى مجال للسؤال عن شيعة أهل البيت « عليهم السلام » . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .