بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .
السلام عليكم . .
سؤالي هو : ما مدى صحة هذا الدعاء إلهي عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء . . يا محمد يا علي ، يا علي يا محمد , اكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران , يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث الغوث أدركني أدركني الساعة الساعة العجل العجل . .
وهل هذا الدعاء من شخص قد رآه في عالم الرؤيا ؟
وإن كان صحيحاً فهل طلب الكفاية من الرسول « صلى الله عليه وآله » وعلي « عليه السلام » وطلب الغوث من صاحب الزمان نوع من الشرك والعياذ بالله ؟ . في حال أن معظم الأدعية المتعلقة بالمعصومين بالأخص الصحيفة السجادية لم يكن من نمط هذا الدعاء وأما أدعية التوسل بالأئمة الأطهار فكان الطلب منهم التقرب إلى الله كما في دعاء التوسل ( إنا توسلنا واستشفعنا بكم إلى الله وقدمناكم بين يدي حاجاتنا . . ) فكان التوسل بالأئمة إلى الله ولم يكن فيها نوع من طلب من الأئمة أو الرسول الكريم بالكفاية والغوث .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
أما بالنسبة للدعاء الذي ذكرتموه في السؤال ، فهو منسوب إلى الإمام الحجة قائم آل محمد « عليه السلام » ، وقد رواه على هذا النحو غير واحد من أعلامنا فراجع [1] .
وقال الشهيد : في سياق زيارة صاحب الزمان « عليه السلام » ، ثم تصلي صلاة الزيارة اثنتي عشرة ركعة ، كل ركعة بتسليمة . ويستحب أن تدعو بهذا الدعاء بغير صلاة الزيارة ، فإنه مروي عنه « عليه السلام » . . ثم ذكره [1] .
وأما إجابتنا على السؤال ، فهي : أن الأنبياء والأوصياء « عليهم السلام » أحياء عند ربهم يرزقون ، وهم بعد مماتهم لا ينقطعون عن الناس ، بل لهم معهم اتصال من نوع ما ، وقد أوضحت الروايات والمأثورات عنهم صلوات الله وسلامه عليهم بعض جوانبه لنا . .
ولعل أقرب شيء إلى الأذهان في هذا المجال ، هو : ما نقرؤه في الزيارات المرسومة : « وأعلم أن رسلك وخلفاءك أحياء عندك يرزقون ، يرون مكاني في وقتي هذا وزماني ، ويسمعون كلامي في وقتي هذا ، ويردون عليّ سلامي ، وأنك حجبت عن سمعي كلامهم ، وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم . . » [2] .
وفيها : « أشهد أنك تسمع الكلام ، وترد الجواب » [3] . أو « أشهد.
أنك تسمع كلامي ، وتشهد مقامي » [1] .
وفي زيارة أمير المؤمنين « عليه السلام » : « أشهد يا موالي أنكم تستمعون كلامي ، وترون مقامي ، وتعرفون مكاني ، وتردون سلامي » [2] .
وقد صرحت الروايات أيضاً : بأن الأعمال تعرض على الأئمة « عليهم السلام » ولا يختص هذا العرض بالأئمة الأحياء ، بل هو يشمل الأموات والأحياء على حد سواء [3] .
وعن أمير المؤمنين « عليه السلام » أنه قال : يموت من مات منا وليس بميت ، ويبقى من بقي منا حجة عليكم [4] .
وعن الإمام الكاظم « عليه السلام » ، عن أبيه ، عن جده ، عن الإمام السجاد « عليه السلام » : أن رسول الله « صلى الله عليه وآله » قال : من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليَّ في حياتي ، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليَّ بالسلام فإنه يبلغني [5] .
وذكر ابن طاووس صلاة الحجة القائم « عليه السلام » , وأنها ركعتان تقرأ في كل ركعة إلى : إياك نعبد وإياك نستعين ، مكرراً هذه الآية مائة مرة ثم تكمل الفاتحة والإخلاص بعدها . . ثم تدعو بهذا الدعاء [1] .
مضمون الدعاء في سائر النصوص :
وهناك نصوص كثيرة ذكرت في الصلوات ، والأدعية والأذكار ، والزيارات ، قد أوردت نفس هذه التعابير الواردة في هذا الدعاء ، أو هي تصب في نفس الاتجاه ، وهذا يدل على أن علماءنا لم يجدوا إشكالاً في مضمون هذا الدعاء أيضاً . .
ونحن نذكر منها ما يلي :
1 - عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار : أن كتابة الخاتم الذي أعطاه إياه الإمام الحسن العسكري « عليه السلام » كانت : « يا الله ، يا محمد ، يا علي » [2] .
ومن الواضح : أن المقصود هنا خطابهما بهذا لطلب الحاجات منهما .
2 - وكان القاسم بن العلاء قد عمر مائة وسبع عشرة سنة ، منها
ثمانون سنة صحيح العينين ، وقد لقي مولانا أبا الحسن ، وأبا محمد العسكريين « عليهما السلام » ، وحجب بعد الثمانين ، وردت عيناه قبل وفاته بسبعة أيام ، بسبب توسله بالأئمة « عليهم السلام » حيث شفي حين بالغ في توسله بالإمام الرضا « عليه السلام » . . ثم يذكر قصة ذلك . .
وقد قال فيها : « اشتدت به في ذلك اليوم العلة ، واستند في فراشه إلى الحائط ، إلى أن قال : إذا اتكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول : يا محمد , يا علي ، يا حسن , يا حسين ، يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عز وجل وقالها الثانية ، وقالها الثالثة .
فلما بلغ في الثالثة : يا موسى يا علي ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان ، وانتفخت حدقته ، وجعل يمسح بكمه عينيه ، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ، ثم مد طرفه إلى ابنه فقال : يا حسن إليَّ , يا أبا حامد إليَّ ، يا أبا علي .
فاجتمعنا حوله , ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين ، فقال له أبو حامد : تراني . وجعل يده على كل واحد منا , وشاع الخبر في الناس والعامة , وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه » [1] .
3 - وعن أبي عبد الله « عليه السلام » : إذا كانت لأحدكم استغاثة
إلى الله تعالى فليصل ركعتين ، ثم يسجد ويقول : يا محمد , يا رسول الله ، يا علي , يا سيد المؤمنين والمؤمنات , بكما أستغيث إلى الله تعالى ، يا الله , يا محمد , يا علي ، أستغيث بكما , يا غوثاه بالله , وبمحمد , وعلي , وفاطمة - وتعد الأئمة - بكم أتوسل إلى الله عز وجل ، فإنك تغاث من ساعتك بإذن الله تعالى [1] .
4 - وعن الإمام الصادق « عليه السلام » :
تصلي ركعتين ، وتسلم ، وتسجد ، وتثني على الله تعالى وتحمده ، وتصلي على النبي محمد وآله ، وتقول : يا محمد ، يا جبرئيل ، يا جبرئيل يا محمد ، اكفياني مما أنا فيه فإنكما كافيان ، احفظاني بإذن الله فإنكما حافظان , مائة مرة [2] .
5 - وروى الكليني عن عدة من أصحابنا , عن سهل بن زياد , عن علي بن أسباط ، عن إسماعيل بن يسار , عن بعض من رواه قال : قال [3] : إذا أحزنك أمر , فقل في آخر سجودك : يا جبرئيل يا محمد , يا جبرئيل يا محمد - تكرر ذلك - اكفياني ما أنا فيه فإنكما كافياني , واحفظان بإذن الله فإنكما حافظان [4] .
6 - وجاء في زيارة الإمام الحسين « عليه السلام » : وعليك تحيتي وسلامي ، ألقيت رحلي بفنائك , مستجيراً بك وبقبرك مما أخاف من عظيم جرمي . وأتيتك زائراً ألتمس ثبات القدم في الهجرة [ إليك ] . .
إلى أن قال : . . وقد توجهت إلى ربي بك يا سيدي في قضاء حوائجي ، ومغفرة ذنوبي ، فلا أخيبن من بين زوارك ، فقد خشيت ذلك إن لم تشفع لي ، ولا ينصرفن زوارك يا مولاي إلا بالعطاء والحباء ، والخير والجزاء ، والمغفرة والرضا ، وأنصرف أنا مجبوهاً بذنوبي . .
ويقول : أنا يا مولاي وليك اللائذ بك في طاعتك ، ألتمس ثبات القدم في الهجرة عندك .
7 - وفي زيارة أمير المؤمنين « عليه السلام » يقول مخاطباً الأئمة « عليهم السلام » : فاذكروني عند ربكم ، وأوردوني حوضكم ، واسقوني بكأسكم ، واحشروني في جملتكم ، واحرسوني من مكاره الدنيا والآخرة ، فإن لكم عند الله مقاماً محموداً ، وجاهاً عريضاً , وشفاعة مقبولة [1] .
8 - وروى محمد بن جرير بن رستم الطبرسي ، عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب ، قال : تقلدت عملاً من أبي منصور بن الصالحان . . . ثم ذكر أنه التقى بالإمام صاحب الزمان « عليه السلام » , وأرشده إلى صلاة ركعتين ، وعلَّمه بما يدعو به بعدها ، وقال : . . ثم تضع خدك الأيمن على
الأرض , وتقول مائة مرة في سجودك : « يا محمد يا علي ، يا علي يا محمد ، اكفياني فإنكما كافياي ، وانصراني فإنكما ناصراي » .
وتضع خدك الأيسر على الأرض ، وتقول مائة مرة : « أدركني » . وتكررها كثيراً ، وتقول : « الغوث الغوث » , حتى ينقطع النفس [1] .
9 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن زياد القندي ، عن عبد الرحيم القصير قال : دخلت على أبي عبد الله « عليه السلام » ، فقلت : جعلت فداك ، إني اخترعت دعاء .
فقال : دعني من اختراعك .
إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » .
قلت : كيف أصنع ؟
قال : تغتسل , وتصلي ركعتين , تستفتح بهما افتتاح الفريضة ، وتشهَّد تشهُّد الفريضة ، فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت : اللهم أنت السلام .
إلى أن قال : ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك وقل : يا محمد يا رسول الله أشكو إلى الله وإليك حاجتي ، وإلى أهل بيتك الراشدين حاجتي ، وبكم أتوجه إلى الله في حاجتي الخ . . [2] .
10 - وفي زيارة السيدة الزهراء « عليها السلام » تقول : يا ممتحنة ، امتحنك الله الذي خلقك . .
إلى أن قال : فإنَّا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما ( أي لأبيها « صلى الله عليه وآله » ووصيه « عليه السلام » ) لنبشر أنفسنا بأنَّا قد طهرنا بولايتك [1] .
11 - وفي رواية أخرى تحدَّثت عن صلاة الحاجة , وفيها : « ثم ضع خدك الأيمن على الأرض ، ثم قل مائة مرة يا محمد يا علي ، يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافيان ، وانصراني فإنكما ناصران ، ثم ضع خدك الأيسر ، وقل مائة مرة : أدركني أدركني ، ثم قل : الغوث الغوث حتى ينقطع النفس » [2] .
12 - قال الشيخ الطوسي رحمه الله : « ويستحب أيضاً أن يدعو بدعاء المظلوم عند قبر أبي عبد الله « عليه السلام » , وهو : اللهم إني أعتز بدينك , وأكرم بهدايتك , وفلان يذلني بشره , ويهينني بأذيته , ويعيبني بولاء أوليائك , ويبهتني بدعواه . وقد جئت إلى موضع الدعاء , وضمانك الإجابة .
اللهم صل على محمد وآل محمد , وأَعْدِني عليه الساعة .
ثم ينكب على القبر ويقول : « مولاي , إمامي ، مظلوم استعدى على ظالمه , النصر النصر . . حتى ينقطع النفس » [1] .
13 - وروى المفضل بن عمر , عن أبي عبد الله « عليه السلام » , قال : « إذا كانت لك حاجة إلى الله , وضقت بها ذرعاً , فصل ركعتين , فإذا سلمت كبر الله ثلاثاً , وسبح تسبيح فاطمة « عليه السلام » , ثم اسجد , وقل مائة مرة : يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني .
ثم ضع خدك الأيمن على الأرض , وقل مثل ذلك , ثم عد إلى السجود وقل مثل ذلك مائة مرة وعشر مرات . واذكر حاجتك , فإن الله يقضيها [2] .
14 - وفي كتابة رقعة للإمام « عجل الله تعالى فرجه » لأجل حاجة , يطلبها منه يقول فيها : « كتبت إليك يا مولاي , صلوات الله عليك مستغيثاً , وشكوت ما نزل بي مستجيراً بالله عز وجل ثم بك من أمر قد دهمني , وأشغل قلبي , وأطال فكري . .
إلى أن قال : فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف
وقدِّم المسألة في أمري قبل حلول التلف » [1] .
نصوص القسم على الله بهم « عليهم السلام » :
وأما النصوص التي تقسم بهم « عليهم السلام » على الله تعالى ، أو تقسم بحقهم عليه , فهي كثيرة جداً لا مجال لاستقصائها ، غير أننا نختار هنا نماذج مما يشبه النصوص المتقدمة , من حيث اشتماله على الخطاب المباشر ، وذلك مثل :
1 - ما جاء في قنوت الوتر المستحبة ففيه : يا محمد يا علي ، أتقرب بكما إلى الله ربي وربكما , ليسمع دعائي , ويعطيني سؤلي [2] .
2 - وجاء في الدعاء بعد الوتيرة : يا محمد يا علي , بكما , بكما [3] .
وعن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضريراً أتى إلى النبي « صلى الله عليه وآله » ، فقال : ادع الله أن يعافيني .
فقال « صلى الله عليه وآله » : إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت , وهو خير .
قال : فادعه .
فأمره أن يتوضأ ويحسن وضوءه ، ويصلي ركعتين ويدعو بهذا
الدعاء : « اللهم إن أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى ، اللهم شفعه فيَّ . . » [1] .
3 - في أدعية الشهور ، دعاء اليوم السادس عشر المروي عن الإمام الصادق « عليه السلام » , وعن علي « عليه السلام » ، قوله : « وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة عليه وآله الصلوات المباركة ، يا محمد ، بأبي أنت وأمي ، أتوجه بك في حاجتي هذه ، وفي جميع حوائجي إلى ربك وربي » [2] .
4 - وفي حديث عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ذكر فيه صلاة أربع ركعات , ثم ذكر ما يفعله بعدها إلى أن قال : ثم يقلب خده الأيسر على الأرض ، ويقول : يا محمد , يا علي , يا جبرئيل , بكم أتوسل إلى الله [3] .
5 - وتقول بعد صلاة استجلاب الرزق - في جملة دعاء - يا محمد يا رسول الله ، إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك , ورب كل شيء
الخ . . [1] .
6 - وروى الكليني عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عبد الله بن عثمان أبي إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن شرحبيل الكندي ، عن أبي جعفر « عليه السلام » ، قال : إذا أردت أمراً تسأله ربك ، فتوضأ وأحسن الوضوء ، ثم صل ركعتين ، وعظم الله ، وصل على النبي « صلى الله عليه وآله » .
وقل بعد التسليم : اللهم إني أسألك بأنك ملك , وأنك على كل شيء قدير مقتدر ، وأنك ما تشاء من أمر يكون ، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد يا رسول الله ، إني أتوجه بك إلى الله ربك وربي , لينجح لي بك طلبتي ، اللهم بنبيك أنجح لي طلبتي , بمحمد ، ثم سل حاجتك [2] .
وبعدما قدمناه ، نقول :
1 - إذا كان هذا الدعاء حسبما صرح به الشهيد الأول ، « رحمه الله » ، وغيره مروي عن الإمام الحجة عليه « عليه السلام » . .
وكانت مضامينه مؤيدة بمضامين أربعة عشر نصاً آخر ، ورد بعضها في نصوص الزيارات المروية عنهم « عليهم السلام » ، وبعضها في أدعية ،
وفي أعمال عبادية وفي غيرها ، مما روي عنهم « عليهم السلام » .
وإذا كان كبار علماء الطائفة وأساطينها هم الذين دوَّنوها في مصنفاتهم ، وكان تدوينها لأجل العمل بها ، لا لمجرد النقل لها ، والتحفظ عليها .
وإذا كانوا قد صرحوا في عدد منها : بأن مضمونها مما يستحب فعله . وإذا كان لم يعترض أحد من هذه الطائفة على مضامين هذه الروايات : بأنها تتضمن إيحاءات شركية ، مع كونهم يرون كيف أن الناس يتداولونها ، ويلتزمون بمضامينها ، وسيستمر ذلك منهم , فلو كان فيها أدنى إشكال من هذه الناحية لبادروا إلى التنبيه إليه والتحذير منه ، والنكير عليه . .
ولم يقتصر الأمر على المتقدمين , فها هم علماء الطائفة في أيامنا هذه يباركون العمل بهذه الزيارات , والأدعية , والعبادات ، ولا يرون بها أي شيء يوجب الاعتراض . .
فما معنى أن يدَّعي هؤلاء : أن دعاء الفرج - الذي ورد السؤال عنه - أساسه منام . . وأنه جاء من عالم الأحلام ! !
2 - وأما القول : بأن طلب الكفاية من الرسول « صلى الله عليه وآله » ومن علي « عليه السلام » ، وطلب الغوث من صاحب الزمان « عليه السلام » نوع من الشرك . . فهو غير صحيح ، وقد تقدمت الروايات الدالة على صحة طلب الكفاية والنصرة منهم « عليهم السلام » , وقد صرحت روايات كثيرة : بطلب الغوث من الأئمة « عليهم السلام » , وقد أشار القرآن
الكريم إلى وقوع الاستغاثة بالأشخاص وذلك في قوله تعالى : * ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) * [1] .
3 - وحين نطلب الكفاية والغوث من غير الله سبحانه ، فلا يعني ذلك : أننا نعطي ذلك الكافي والمغيث نفس صفات الله سبحانه . . بل نحن نطلب ذلك منه ، ونحن نعلم أن قدرته ليست ذاتية فيه , بل هي منه تعالى .
قال السيد محسن الأمين « رحمه الله » : إن الدعاء والاستغاثة بغير الله يكون على وجوه ثلاثة :
الأول : أن يهتف باسمه مجرداً مثل أن يقول : يا محمد يا علي يا عبد القادر يا أولياء الله يا أهل البيت ونحو ذلك .
الثاني : أن يقول : يا فلان كن شفيعي إلى الله في قضاء حاجتي أو ادع الله أن يقضيها أو ما شابه ذلك .
الثالث : أن يقول : اقض ديني أو اشف مريضي أو انصرني على عدوي وغير ذلك .
وليس في شيء من هذه الوجوه الثلاثة مانع ولا محذور . . انتهى [2] .
4 - وأما ما ذكره السائل من أن أدعية التوسل بالمعصومين « عليهم السلام » ليس فيها طلب منهم « عليهم السلام » بالكفاية والغوث ، فقد ظهر
من النصوص المتقدمة : أن طلب الكفاية وارد في نصوص كثيرة لا يبعد دعوى تواترها إجمالاً . . كما أن طلب الحاجات المختلفة منهم « عليهم السلام » ، لا مجال لإنكاره . .
5 - إن التوسل بهم « عليهم السلام » بأي معنى فُرض ، إنما يشير : إلى أنهم « عليهم السلام » , يقدرون على أمر لا يقدر عليه غيرهم ، ألا وهو الشفاعة عند الله عز وجل ليقضي الحاجات ، أو ليغفر الذنوب . .
فإذا كان الإمام « عليه السلام » يقدر على قضاء هذه الحاجة عند الله تعالى ، فلماذا لا يكون قادراً على قضاء سائر الحاجات بشفاعته ، فيتوسط عند الله تعالى ليشفيه ، ويرزقه ، و . . و . . ويكون بذلك قد كفى هذا الإنسان كثيراً من الأمور ، أو كفاه الأمور كلها . .
6 - وأخيراً . . فقد صرح القرآن بأن الرسول « صلى الله عليه وآله » يعطي الناس , وأنه يغنيهم , فقد قال سبحانه : * ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ) * [1] .
وقال تعالى : * ( وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ ) * [2] .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .