- العراق
منذ سنتين

عودة الرسول « صلى الله عليه وآله »

بعد عودة الرسول « صلى الله عليه وآله » من الحج مع القوافل عرَّج على غدير خم ، لماذا اختار النبي « صلى الله عليه وآله » هذا المكان للنزول فيه ؟ !


إن النزول في غدير خم قد كان لمتابعة المهمة ، التي أوكلها الله تعالى إلى رسوله « صلى الله عليه وآله » ، فإن ما جرى في عرفة قد يمكن الاعتذار عنه : بأنها مجرد غلطة صدرت ، قد ندم مرتكبوها وتابوا إلى الله تعالى مما صدر منهم ، وطلبوا السماح والعفو من رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فأنعم لهم به وعفا عنهم . . على أن ما جرى في عرفات قد أدى إلى عدم تمكن النبي « صلى الله عليه وآله » من التبليغ ، واضطره إلى السكوت . . ولم يستطع أن يوصل مراده للناس ، بل انقطع كلامه « صلى الله عليه وآله » ، ولعل الكثيرين لم يعرفوا ماذا يريد ، وإلى أي شيء يرمي . . وإذا تفرق جمع هذا الحجيج ، فقد لا يتمكن من جمعهم مرة أخرى ليبلغهم ما أراد الله سبحانه تبليغهم إياه . . وجاء التهديد الإلهي للمتجرئين على رسول الله « صلى الله عليه وآله » ليقول لهم : إنكم إن لم تكفوا عن معارضتكم هذه ، فإن القرار الإلهي سيكون هو الأمر بالدخول معكم في حرب طاحنة لا تبقي ولا تذر ، لأن إصراركم هذا سوف يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ، وسوف يؤدي إلى خوض حروب تشبه حرب بدر ، وأحد ، والأحزاب ، و . . و . . وهذا ما ألمح إليه قوله تعالى : * ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) * [1] . فبادر « صلى الله عليه وآله » إلى الخروج مع الناس الذين جاؤوا معه ، وعاد معه أولئك الذين خالفوه ومنعوه من إبلاغ ما يريد . . ولكنهم تركوا جماهيرهم ، ومؤيديهم خلفهم ، لأن أهل مكة سوف يبقون في بلدهم ، كما أن جميع الناس الذين يعيشون في محيط مكة سوف لا يشاركون في هذه المسيرة ، بل هم سوف يعودون إلى أهاليهم ، وقراهم القريبة والبعيدة . . وسار الركب الذي قد يزيد على المائة وعشرين ألفاً . وبلغ غدير خم - الذي كان قرب مفرق طرق ، لا بد أن يتوزع الناس إلى بلادهم فيه - فنزل هناك رسول الله « صلى الله عليه وآله » . وقد تمكن النبي « صلى الله عليه وآله » من تبليغ ما أمره الله تعالى بتبليغه ، وهو الإمامة التي ذكر أن عدم تبليغها بمثابة عدم تبليغ أصل الرسالة ، فسكت المتجرئون بالأمس في عرفات ، بل هم قد عبروا عن قبولهم ، وعن غبطتهم ، وهنئوا علياً « عليه السلام » ، الذي نصبه الله ورسوله ولياً للإمامة ، وبايعوه في جملة من بايع . .

1