- العراق
منذ سنتين

إسهاء المعصوم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الأطهار الميامين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . في الحقيقة هناك موضوع الشيخ الصدوق في مسألة إسهاء الرسول « صلى الله عليه وآله » . . والحقيقة أن بعض الروايات ؛ صحيحة السند - على ما قرأت في هذا الموضوع - وقد حملها العلماء الأفذاذ على التقية . وهنا يرد نفس الإشكال المذكور أعلاه هذا أولاً . أما ثانياً : إذا كان الإسهاء من الله وتعليم هذه الأمة كيف يصنعون إذا فاتهم وقت صلاة الصبح وأنها رحمة من الله عز وجل إذ لا يوجد تلازم في موضوع الدليل الذي يقول بأن سوف يسلب الثقة من المعصوم وبالتالي يحتمل السهو في موضوع آخر . بل العكس صحيح ، لأن إسهاء الله وأيضاً عندما أنامه الله عز وجل قد جعل الناس يعرفون ماذا صنع الرسول الأكرم في هذه الحالة . وأما رواية ابن بكير ، عن زرارة ، عن الصادق « عليه السلام » ، والتي مفادها : بأن الرسول لم يسجد سجدتي السهو قط ولا الفقيه أيضاً فهي ناظرة في الأحوال العادية للمعصوم عليه السلام لا إلى تعليم الأمة وعدم الغلو . . ما هو حكم ورأي المدرسة القمية في ذلك الوقت ؟ وما هو حكم القميين وعلمائهم في ذلك الوقت ؟ ما حكم من يعتقد بالإسهاء لا السهو ؟ هل يعتبر ناقص العقيدة أو مقصر ؟ ولماذا صار قول الشيخ الصدوق ينافي ضروريات المذهب ؟ ما هو الرد الشافي لهذا الموضوع ؟ أجيبونا مأجورين ونأسف على الإطالة وشكراً . وفي الختام نشكركم على المجهود الذي تبذلونه في نصرة الدين والمذهب .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . بالنسبة للسؤال نقول : 1 - إن مسألة الإسهاء إنما ذهب إليها الشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد . وقد ردها العلماء ومنهم الشيخ المفيد ، وناقشوا من قال بها . 2 - وقد قلتم : إن حمل روايات الإسهاء على التقية لا يحل الإشكال ، لأنه يرد عليه : أن هذا يوجب وقوع الناس في الخطأ في مجال العقيدة ، لأن من يسمع حديث التقية ، ويأخذ به ، ثم لا يسمع الحديث الصواب ، سوف يستمر على الأخذ بحديث التقية - أي أنه سيبقى على الخطأ في أمر عقائدي خطير وحساس . ونقول : إن قولكم هذا غير دقيق ، لأن على الإمام أن يهيئ للمؤمنين فرص الوصول للحق واكتشافه ، وتمييزه مما جاء على سبيل التقية . ولو ببيان آخر يصل إلى حد التواتر ، أو صيرورته من الضروريات ، كما هو الحال في مسألة سهو النبي « صلى الله عليه وآله » ، فإن صيرورتها من الضروريات يمنع من البقاء على الخطأ ، ويؤدي إلى معرفة الحق بصورة قطعية . ولو سلم وجود فرد نادر يموت قبل معرفته بالحق ، فإنه يكون معذوراً ، ولا يجب التضحية بالإمام ولا بالأمة من أجل هذا الفرد النادر . أما الشيخ الصدوق فإنما يقول بالإسهاء من أجل إعلام الأمة ببشرية الرسول « صلى الله عليه وآله » . . فإذا تحققت هذه المصلحة ، فإن الله تعالى لا بد أن يكشف للأمة أنه تعالى هو الذي أسهى نبيه ، ويعرفهم بالعقيدة الصحيحة برسول الله « صلى الله عليه وآله » . بل إنهم لو لم يكتشفوا أن الإسهاء كان من الله تعالى لم تحصل تلك المصلحة التي يدَّعيها الصدوق . وإذا اكتشفوا الإسهاء فسيعلمون أن الحكم الذي أخذوه لم يكن هو الحكم الواقعي ، وتكون النتيجة هي أنه لا بد لهم أن يتركوه ، ويأخذوا الحكم الآخر . . 3 - وأما رواية ابن بكير ، فإن ظاهرها عدم صدور السهو من المعصوم مطلقاً . 4 - وأما بالنسبة للمدرسة القمية ، فإنه لم يظهر لنا : أنها قد التزمت بقول الصدوق هذا . 5 - وأما حكم من يعتقد بالسهو أو بالإسهاء ، فهو يختلف من شخص إلى آخر ، من حيث قصوره ، أو تقصيره ، وكونه عالماً قادراً على التمييز بين صحيح الدليل وفاسده ، وبين غيره . كما أن خطأ القول بجواز السهو على المعصوم أبين وأظهر من خطأ القول بالإسهاء ، لأن الأدلة متضافرة على رفض القول بجواز السهو . 6 - وأما منافاة قول الصدوق لضروريات المذهب فإنما هو فيما إذا كان الصدوق يذهب إلى إثبات السهو على الأنبياء « عليهم السلام » ، أما إثبات الإسهاء لمصلحة إعلام الأمة ببشرية الرسول « صلى الله عليه وآله » ليمنع الغلو فيه ، فهو أمر آخر . وقد قلنا : إن ما ذكره الشيخ الصدوق لا يصح ، لأن إعلام الأمة ببشريته « صلى الله عليه وآله » ، ومنعهم من الغلو فيه يمكن أن يكون بأسلوب آخر لا يوجب وقوع الشبهة في الأحكام الصادرة عنه « صلى الله عليه وآله » . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .

1