سماحة الشيخ جعفر مرتضى ( رعاه الرب ) . .
أشكر لكم تعاونكم معي وإجابتي على الأسئلة التي أرسلتها لكم ، وأريد أن أتقدم منكم بإعجابي عن اطلاعكم على الدين المسيحي وعلى الكتاب المقدس إلا أنه قد بينتم لي الفرق الفارق بين المذاهب العديدة الموجودة في الدين الإسلامي والتي تختلف من حيث المعتقد إلا أنه يعود إلى الباحث أن يعتقد بالمذهب الحق ، وقد لحظت من خلال إجابتكم لي أنكم كنتم تقارنون بين ما حصل في التاريخ المسيحي وبين ما حصل في التاريخ الإسلامي كي تقربوا لي الفكرة من خلال المثال إلا أنه حضر لكم القليل وغاب عنكم الكثير وهذا ليس لنقص في علومكم التي أقدرها ولكن لأن الدين المسيحي أيضاً فيه مذاهب عديدة وأريد أن ألفت انتباهكم إلى مسألة أن هناك حروب حصلت بين المذاهب المسيحية على تفسير شخصية المسيح هل هو إنسان وحلت فيه الألوهية أم هو الله ونزل إلى الأرض ليكفر عن خطايا الناس .
وبعد صراع دام العديد من السنين أن اختلاف بذاته ليس بذي قيمة وتوحد المسيحيون من خلال الاجتماع للمجمع المقدس في
روما على تفسير شخص المسيح ، وقامت الاختلافات أيضاً على أن هل القديسة مريم أفضل من المسيح لأنها ولدته أم لا ؟ ولكن تم التوافق على هذا المعنى أيضاً .
أما بالنسبة لتفسير الآية الكريمة عن السيدة مريم لم يكن حاضر لي ما يمثله النبي في الدين الإسلامي من أن كلامه يكون مكملاً للكتاب المنزل من الله .
وأريد أن أتوجه إلى سماحة الشيخ حاتم إسماعيل بالشكر على مجهوده الذي بذله في الإجابة عن السؤالين اللذين أرسلتموهما لي ولكن أريد أن أقول لسماحة الشيخ :
« إن بعض المسيحيين هم الذين فسروا أن الأقانيم الثلاثة هي كما عند المسلمين . هي الصفات الذاتية ، فهناك اختلاف كبير بين السنة والشيعة في تفسير الذات الإلهية فأهل السنة يصفون الله على أن له يد وله عرش ويتنزل إلى السماء السابعة على حمار أبيض أعرج ليستجيب إلى العباد وهذا موجود في الصحاح التي يعترف بها السواد الأعظم من المسلمين وأنقل لكم ما حصل بين البابا شنودة وهو رأس الكنيسة الشرقية وبعض من علماء الأزهر وقد أقنعهم بتقارب بين المعتقد بذات الإلهية في الدين المسيحي والدين الإسلامي إلا أن رأيكم في الله يعود إلى معتقدكم الخاص بكم وهناك العديد من المذاهب الإسلامية الذين يختلفون معك ويتفقون في موارد أخرى ومنهم الأشاعرة والآخرين من المعتزلة ولا أريد أن
أذكركم بالوهابية الذين يقولون بالتجسيم فكما الاختلاف موجود في تفسير الذات الإلهية هو موجود بين المذاهب الإسلامية .
وعن الكلام الذي تم نقله من الكتاب المقدس أن السيد المسيح قد جاء بالسيف هذا صحيح لأن الدين الذي أتى به هو جديد وطبعاً هذا الدين سوف يوقع الخلاف بين الجيل القديم والجيل الجديد من الأناس الذين يتبعون الدين الجديد ، وقد جاء مثل هذا الكلام على لسان أبي سفيان حين سأل عن دين النبي محمد فقال :
« هذا الدين الذي يفرق بين الأب وابنه وبين عبد وسيده إنه لساحر مجنون » .
هذا عندما كان لا يزال على جاهليته كما تقولون فإن أي دين جديد سوف يخلق الفرقة في المجتمع ، وأما الخطب التي لم تجدها موجودة في الكتاب المقدس صحيح أنها ليست كثيرة كما تقولون لكن هناك أقوال كثيرة جاءت على لسان السيد المسيح كانت قواعد عامة لأن المسيح هو الرب ، كما في القرآن فإنه فيه العام ويأتي الحديث ليخصصه أو ليفسر الآية ، كذلك تكون أقوال المسيح عامة ويأتي دور التلامذة والرسل لبيان المقصود منها .
وأنا أعرف أن سماحة الشيخ حاتم إسماعيل قد حضر عنده بعض المعلومات وغاب عنه الآخر فذلك يعود أن لكل عالم هفوة ولكل حصان كبوة » .
وأشكر لكم تعاونكم . .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .
تحية طيبة . . وبعد . .
1 - فقد تلقيت رسالتكم التي ذكرتم فيها : أنه قد حضرنا القليل ، وغاب عنا الكثير . . لأن في الدين المسيحي العديد من المذاهب . .
ونحن نحب أن نعلمكم بأننا لا ندَّعي العلم بجميع العلوم ، ولا الوقوف على جميع المعارف . . كما أننا لم تغب عنا حقيقة أن في الدين المسيحي العديد من المذاهب . .
والذي ذكرناه لكم مما يرتبط بالتاريخ ، لم يكن يحتاج إلى أكثر من إيراد المثال . . ولم نكن بصدد استقصاء الأمثلة ، ولم يخطر على بالنا أنكم بحاجة إلى ذلك ، كما أننا لم نكن نظن أنكم تتخيلون أننا نجهل حقيقة وجود العديد من المذاهب في المسيحية .
2 - أما ما ذكرتموه من الاختلاف في تفسير شخصية المسيح « عليه السلام » عند النصارى ، فهو لا يفيد في حل إشكالاتنا حول الموضوع ، فإنها تحتاج إلى إجابة سواء أقلتم إن المسيح « عليه السلام » هو إنسان حلت فيه الألوهية ، أم قلتم إنه هو الله ، نزل على الأرض ، ليكفر عن خطايا الناس . .
3 - إن الحديث عن كون مريم « عليها السلام » أفضل من المسيح لأنها ولدته ، أو أنه هو الأفضل ليس له أي ارتباط بتلك
الإشكالات التي ذكرناها في جوابنا على رسالتكم .
4 - وأما بالنسبة لتعدد المذاهب في الإسلام أو في المسيحية ، فليس هو المعيار في البحوث والحوارات العلمية . . بل المعيار هو ما يتبناه المحاور ويرضاه لنفسه فكراً وعقيدة ؛ فأنت حين تسألني إنما تسألني عما أعتقده وتناقشني فيه . . وأنا أناقشك فيما تعتقده أنت . ولا أحتج عليك بما يؤمن به غيرك ، إن كنت أنت لا تؤمن به ، ولا ترضاه . لأننا نكون معاً متفقين فيه ، فلا معنى لجعله محوراً للنقاش . .
5 - إن أحداً لا ينكر وجود اختلاف بين المذاهب الإسلامية في كثير من القضايا ، ولولا هذه الاختلافات لم يكن هناك مبرر لوجود مذاهب ، كما أن الأمر بالنسبة للمسيحية أيضاً كذلك . ولكن المهم هو أن تناقشني فيما أرضاه وأتبناه وكذلك العكس كما قلنا .
6 - وأما الحديث عن الدين الجديد ، وأنه يخلق الفرقة بين المجتمع فذلك لا يحل الإشكال الذي يقول : إن المسيح قد جاء بالسيف والحرب أيضاً . وأن الأمر إذا كان كذلك ، فلا يحق للمسيحي أن يشنع على الإسلام بأمر يوجد نظيره أو أشد منه في دينه .
وقد ذكرنا : أن حروب هذا الفريق من المسلمين لا يجوز أن يحسب على الإسلام ، لأن المعيار هو تعاليم دين الإسلام ، كما أننا لا نحاسب المسيحية على تجاوزاتهم ، لأن المعيار هو تعاليم المسيحية ، وذلك ظاهر لا يخفى على أمثالكم . .
7 - وأما الحديث عن أن في القرآن ما هو مطلق وما هو عام . .
وأن كلام الرسول هو الذي يخصص هذا ، أو يقيد ذاك . . فهو لا ينفع ولا يفيد بالنسبة لتفسير كلام المسيح « عليه السلام » ، أو تقييد مطلقاته ، وتخصيص عموماته . . باعتبار أن هذا مبني على إثبات ألوهيته ، أو حلول الله فيه .
وقد قلنا : إن ذلك موضع إشكال ، ولم نسمع إجابة مقنعة في هذا المجال . .
8 - وأما حديثكم حول ما أجاب به الشيخ حاتم إسماعيل ، فالأمر يرجع إليه فيما يريد أن يقوله أو أن يعرض عنه . .
وشكراً لكم . .