سلام عليكم ممكن شرح معنى قول أمير المؤمنين علي عليه السلام
والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لاهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى. نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
في هذا الحديث بيان لمقدار نفرته عن الظلم و غايتها. و علّة ترجيحه أو اختياره لأحد الأمرين المذكورين على الظلم مع ما يستلزمانه من التألّم و العذاب
أنّ ما يستلزمه الظلم من عذاب اللّه أشدّ خصوصا في حقّ من نظر بعين بصيرته تفاوت العذابين،
مؤكّدا لذلك البيان بالقسم البارّ.
و الأقاليم السبعة: أقسام الأرض، و هو دليل منه على غاية العدل. و قوله: و إنّ دنياكم. إلى قوله: تقضمها. دليل على غاية الزهد منه في الدنيا كقوله في الشقشقيّة: و لألفيتم دنياكم هذه أهون عندى من عفطة عنز. و قوله: ما لعلىّ و لنعيم يفنى و لذّة لا تبقى. استفهام إنكار لملامته نعيم الدنيا و لذّاتها الفانية، و المعنى أنّ حال علىّ ينافي ذلك النعيم، و اختياره يضادّ تلك اللذّة. ثمّ تعوّذ باللّه من سبات العقل و هى اختياراته لتلك اللذّات و لذلك النعيم و ميله في مطاوعة النفس الأمّارة بالسوء، و من قبح الزلل و هو الانحراف عن سبيل اللّه الموقع في مهاوى الهلاك، و استعان به على دفع ما تعوّذ به منه.
فان هذا هو علامات حبِّ الله أن ينغمر في طاعة الله، ويبتعد عن معصيته، كما في الآية الشريفة:
﴿قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي ... المزید﴾
فإنَّ مَنْ يطيع الله طمعاً في الثواب، أو خوفاً من العقاب، قد تغلب عليه المغريات، أو تضعف نفسه أمام الشهوات، فيغلبه الهوى، ويرجّح كفة اللذائذ العاجلة على النعيم الآجل، أو على الاحتراز من العذاب الآجل.
أمَّا الذي ذاق طعم محبَّة الله فلا شيء أطعم عنده من تحصيل رضاه، حتّى ولو اجتمعت عليه المغريات جميعاً.
وسلام الله على إمامنا الذي قال: «... والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ...»
نعم، إنَّ مَنْ ذاق طعم محبَّة الله إلى حدّ العشق والهيام، أصبح معصوماً من الذنوب ما دام كذلك، ولذا ورد في دعاء كميل: «... واجعل لساني بذكرك لهجا، وقلبي بحبِّك متيَّما...» (يعني: معبَّداً مذلَّلاً).
ولا يفوتني أن أُشير إلى أنَّ الإيمان بالجنَّة والنار لو وصل إلى مستوى « ... فهم والجنَّة كمن قد رآها، فهم فيها منعّمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ...»
كان ـ أيضاً ـ موجباً للعصمة من الذنوب ما دام كذلك. وسلام الله على إمامنا الذي قال لأخيه: «... ثكلتك الثواكل يا عقيل ! أتئنُّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرُّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ! أتئنُّ من الأذى ).