تمحلات حول مقولة ضرب الوالدين
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . نشر أحد الأشخاص في أحد المنتديات هذه المقالة ، فما هو رد سماحتكم ، ونعتذر عن سوء الأدب فهو مجرد نقل ، نتمنى أن نحصل على الرد من سماحتكم لنقوم بنشره ، وموفقين إن شاء الله تعالى . . ‹ ما هذا يا سماحة العلامة الفهامة المتتبع التحقق المتبحر - تحية إلى عشاق جعفر مرتضى . . يقول سماحة العلامة الفهامة البحاثة المحقق المتتبع آية الله جعفر مرتضى العاملي في كتابه القيم ‹ خلفيات مأساة الزهراء عليها السلام › سئل البعض : ‹ كيف يتصرف المؤمن مع الأب أو الأم إذا صدر منهما المنكر ، أو ترك المعروف ، وذلك من جهة جواز أو وجوب الإغلاظ عليهما في القول . وجواز أو وجوب الضرب ، أو أن لهما مع الابن وضعاً خاصاً ؟ فأجاب : إذا توقف الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر على الإغلاظ في القول ، أو الضرب أو الحبس ، أو نحو ذلك ، جاز أو وجب القيام به ، لأنه من مصاديق البّر بهما ولكن لا بد من التدقيق في دراسة الوسائل من الناحية الواقعية في ضرورتها أو جدواها ، وعدم التسرّع في ذلك ، فلا يقدم على التصرفات السلبية ، قبل اقتناعه بها . بطريقة شرعية ، حتى لا يختلط عليه مورد البر بمورد العقوق › [1] . وسئل البعض : لقد ورد عنكم بأنه يجوز شرعاً أن ينهر الولد أباه بالعنف والضرب في سبيل الهداية ، إذا كان الوالد على ضلال ، فهل لكم أن توضحوا لنا هذا الأمر ؟ ! فأجاب : ‹ من أعظم موارد الإحسان إلى الوالدين هدايتهما إلى الصراط المستقيم ، وإبعادهما عن الضلال ، ومعصية الله . فإذا توقف ذلك على العنف بالطريقة المعتدلة ، بحيث يؤدي إلى هدايتهما ، ولا طريق غير ذلك جاز ، بل وجب . وقد ورد في الحديث عن الأئمة عليهم السلام : أن شخصاً جاء إلى أحد الأئمة ‹ عليهم السلام › وقال له : إن أمي لا تردّ يد لامس ، أي أنها تمارس الزنى ، أو ما أشبه ذلك مما فيه معصية لله ، فقال : ‹ احبسها فإن ذلك برٌّ بها › [1] . وقفة قصيرة : ونقول : 1 - إن المعروف الذي يؤمر به قد يكون هو صلة رحمه مثلاً ، فإذا قطع رحمه جاز ضربه لأجل ذلك . . والمنكر الذي لا يرتدع عنه قد يكون هو النظر للمرأة بشهوة أو الغيبة أو الكذب فيجوز الضرب والحبس للوالدين من أجل ذلك عند هذا البعض . . فهل ذلك مقبول يا ترى ؟ 2 - إن الله سبحانه يقول : * ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) * [2] . والشرك هو من أعظم الذنوب بل هو أعظمها ، حيث إن الله سبحانه يقول : * ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) * [1] . فلا بد من ضربه ليقلع عن هذا المنكر الذي ! هو فيه . فكيف إذا لم يكتف مرتكب هذا الذنب العظيم بشركه هذا ، بل زاد عليه بأن حاول أن يدعو الناس إلى هذا الشرك وإقناعهم به ؟ ! وكيف إذا زاد على ذلك بأن مارس التخويف للمؤمنين ، من أجل أن يحملهم عليه ؟ ! وكيف إذا بلغ به الأمر في ذلك إلى حد القتال عليه بالسلاح ، أو بغيره من أجل فرض ذلك على الناس المؤمنين المهتدين ؟ ! ومع ذلك فإن الله سبحانه يطلب من الولد - إذا كان فاعل ذلك هما أبواه - أن لا يستجيب لهما فيما يطلبانه منه ، ويجاهدانه عليه . ويلاحظ : أنه لم يأمره - بأن يعاملهما بالمثل ليدفعهما عن نفسه . . ولا أمره بأن يغلظ لهما في القول . . أو أن يظهر التنفّر منهما . . أو حتى أن يتركهما ويبتعد عنهما . . بل هو أمر بصلتهما ، وبمصاحبتهما . ثم يزيد على ذلك أن تكون هذه الصلة والصحبة على درجة من الإيجابية بحيث يعرف ذلك منه فيهما فيقول سبحانه : * ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) * [1] . . 3 - ورغم أن الله سبحانه لم يسجل في القرآن أية حالة سلبية يمكن للولد أن يمارسها تجاه والديه ، بل كل ما في القرآن قد جاء على النقيض من ذلك › . . تجدونه كاملاً في : http : / / www . alhadi . org / Data / books / Ht . . . htm # - Toc 1118763 ولا يخفى علينا كيف أن سماحة البحاثة يحاول أن يوهمنا أنه لا يصرح باسم البعض ، ولكنه يصرح بمؤلفاته : ولعمرك إن هذا لعين التصريح ! ما علينا ، هو يشكل على السيد فضل الله في فتواه التي ذكر ، ويهول ويجادل في الاجتهاد ناسياً أو متناسياً أن هذه الفتوى هي في باب استثنائي وهو مورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن البحاثة الفهامة ما تفرق عنده علق أحد الفضلاء على المسألة فقال : ‹ المسائل الفقهية لا يتعامل معها بطريقة انتقائية تقوم بفهم مطالبها بشكل جاهل ينطلق من قراءة مغرضة والتي لا ترى إلا السطح وتغفل عن العمق وتحاكمها وفق منطق يغلب عليه الفهم الشوارعي الساذج وطرحها بلغة محرضة ، فالفقه قائم على استدلالات خاصة وفق مصادر التشريع المعروفة لا بالمزاج الاعتباطي كما تتصور بالنسبة للمسألة المثارة فهي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . الباب السادس : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وفيه تمهيد ومباحث وخاتمة . لذلك فالمسائل المثارة في هذا الباب الفقهي الخاص تبحث الفروقات الفقهية في الحكم عليها انطلاقاً من المقام والباب الاستثنائي الذي ترد فيه وليس الباب المعتاد كما هي لذلك فهذه المسألة واردة في مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس في مقام التعامل مع الوالدين والفرق واضح ولا دخل للآية التي ذكرتها في المقام لأنها من أوليات الفهم لدى العوام قبل الفقيه ! لذلك فالسيد فضل الله في هذا الباب الفقهي يتعرض للمسائل المختلفة انطلاقاً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو الوارد في المبحث الرابع : في أحكام الأمر والنهي : فمثلاً ذكر : امتناع الزوجة عن حق الزوج من جهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‹ يجوز للزوجة منع نفسها جنسياً عن زوجها العاصي إذا كان المنكر الذي يمارسه ، والمعروف الذي يتركه من الأهمية بحيث يترك تأثيراً سلبياً كبيراً على واقع الشخص أو المجتمع ، وكان الامتناع من قبلها من الأساليب المؤثرة في التزامه بالمعروف وتركه للمنكر . وهكذا أمثالها من سائر الموارد . علاقة الأرحام من جهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ‹ في علاقة الأرحام ببعضهم البعض قد يستحلّ الأب أو الأخ أو الزوج شتم ولده أو أخته أو زوجته بهدف تربيته أو أمره بالمعروف ، وهو أمرٌ غير جائز - بالأصل - لا في حقّ القريب ولا في حقّ الغريب ، نعم إذا كان الإغلاظ في القول بهذا الحدّ مؤثراً في الارتداع جاز استخدامه إذا كانت المعصية المنهيّ عنها أهمّ وأعظم مفسدة › وغيرها من المسائل فارجع لها › . وقد أتانا الأخ الفاضل بالرد المفحم لسماحة البحاثة حيث تبين أن فتوى السيد فضل الله التي أشكل عليها البحاثة الغير مجتهد هي مطابقة في مضمونها فتوة مولاه التبريزي : 11 - السؤال : مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . هل تسري على الولد ووالديه ، بمعنى أنه يجوز له ضربهما لو توقف فعل المعروف ، أو ترك المنكر عليه ؟ الفتوى : الخوئي : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يختصان بغير الوالدين ، والله العالم . التبريزي : في دخول الضرب ونحوه في مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشكال ، ولكن لا بأس بالنسبة إلى الوالد والوالدة ، أو غيرهما من الأهل ، إذا توقف منعهم عن محارم الله على ذلك › . http : / / www . alseraj . net / ar / fikh / 1 / index . shtml ? gueFrCygDT 1074534907 & 1 & 30 & 1 في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سؤال رقم 11 فيا لله وللبحاثة . . ليكن عبرة لكل من ولج بحر الاجتهاد دون أن يكون قاربه سميكاً ليحميه من غمرات الموج فإن كان السيد فضل الله سفينة عملاقة ، فالعاملي زورق شراعي من الورق لا يصلح لشيء إلا للزينة . وهل يا ترى لا زال البحاثة على رأيه القديم أم أن المولى قد أنَّبه تأنيباً شديداً لتطفله على مراتب أعلى منه . إذا كان هذا بحاثتكم فالله العالم بجاهلكم والله يفضح كل المتطفلين على السيد أبي علي دام عزه ولو كره المتطفلون .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . 1 - بالنسبة للأسلوب الذي اعتمده هذا الأخ الكريم ، فيما كتبه آنفاً أقول : إنني أحب أن أطمئنه بصدق وبمحبة إلى أن أسلوبه المهين هذا لم يزعجني ، إذ إنني إن كنت من أهل النجاة ، فذلك لا يضرني شيئاً ، وإن كانت الأخرى ، فسأكون أهلاً لما هو أعظم من ذلك . غير أنني لا أحب لمن يوالي أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام ، أن يوقف للحساب ولو للحظة بسببي ، فضلاً عن أن أكون سبباً في إلحاق أي أذى به في يوم القيامة ، ولذلك ، فأنا أسامحه من أجلهم صلوات الله عليهم . 2 - وحول أن كلام وفتاوى السيد محمد حسين فضل الله واردة في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليست بصدد الحديث عن التعامل مع الوالدين . . أقول : لقد ذكرت في سياق كلامي حول هذا الموضوع : أن الشرك من أعظم الذنوب ، وأن جهاد الوالدين لابنهما من أجل حمله على الشرك ذنب عظيم أيضاً ، فلماذا لم يقل الله تعالى لولدهما فاضربهما ، بل قال فلا تطعهما ، ثم زاد على ذلك قوله : * ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً . . ) * [1] ، مع أن المقام مقام نهي عن المنكر ؟ ! وذكرت أن كلام ذلك البعض شامل للوالدين التاركين للمعروف مثل صلة الرحم فيجب على الولد أن يضربهما وأن يحبسهما من أجل أن هذا المورد هو من موارد الأمر بالمعروف الذي تحدث عنه . . 3 - وأما بالنسبة للتصريح بالاسم وعدمه ، فنحن لم نقصد أن نوهم أحداً فيه ، بل نحن نصرح به متى نشاء ، ونمسك عنه مكتفين بالإشارة إليه بكلمة ‹ البعض › متى نشاء . 4 - وأما بالنسبة لطرح المسائل الفقهية وفق الفهم الشوارعي الساذج ، وباللغة التحريضية ، فإن نفس ما أورده كاتب هذا المقال يبين بوضوح أين هو الفهم الشوارعي ، وأين هو التحريض ، فقد نقل من كتاب خلفيات فقرة طويلة ، فهل يجد أحد فيها فهماً شوارعياً ؟ ! ! أو أي نوع من أنواع التحريض ؟ ! . . وليقارن بينها وبين تعليقاتهم عليها في بقية فقرات المقال . . وبعدما تقدم نقول : كيف يمكن تمييز الفهم الشوارعي ، الاعتباطي ، الانتقائي ، والفهم بشكل جاهل ، والقراءة المغرضة ، واللغة التحريضية ، عن غيرها ؟ ؟ وكيف صار أسلوبهم علمياً ، ليس فيه شوارعية ولا اعتباطية ، ولا انتقائية ، ولا فهم جاهل ، ولا قراءة مغرضة ، ولا تحريض ! ! وصار الأسلوب الذي كتبت فيه الفقرة المنقولة عنا فيها هذه الصفات والسمات ؟ ! 5 - إن كلام السيد فضل الله قد جاء في المسائل الفقهية على شكل فتاوى ، وهو يطلب من المكلف أن يعمل بها كما وصلته ، وليس في مقام إجراء مقارنات علمية . . 6 - لقد قلتم : إن الآية المشار إليها لا دخل لها في المقام ‹ لأنها من أوليات الفهم لدى العوام ، قبل الفقيه › فهل تقصدون أنها في مقام بيان كيفية التعامل مع منكر عظيم هو شركهما أولاً ، ثم جهادهما لولدهما ليحملاه عليه ثانياً ، حيث قال تعالى : * ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) * [1] . فلماذا لم يجوِّز الله له ضربهما لمنعهما من هذين المنكرين ، وجوَّز له السيد محمد حسين فضل الله ضربهما لأجل أي منكر آخر يصدر منهما مهما كان بسيطاً ، ولو مثل كذبة ، أو نظرة إلى الأجنبية ، أو ضربهما بهدف حملهما على المعروف ، مثل صلة الرحم ، أو إلزامهما بالتصدق ونحو ذلك ، فإن كلامه شامل لجميع هذه الموارد ، كما قلنا . أخي الكريم : إنني أتمنى لكل موالٍ لأمير المؤمنين ‹ عليه السلام › كل سداد ورشاد ، وكل صلاح وفلاح ، وكل سعادة ونجاح . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .