logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

متى قتل عمر بن الخطاب ؟

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم . . سماحة السيد جعفر مرتضى . . لقد ذكرتم في كتابكم ‹ عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني › أنكم تشكون في صحة الادعاء القائل : إن أبا لؤلؤة قاتل عمر بن صهاك كان مجوسياً , لذلك نود من سماحتكم أن تجيبونا على الأسئلة التالية : ما الدليل على قولكم ؟ وما هو دينه ؟ كيف كانت علاقته بأمير المؤمنين عليه السلام ؟ ما رأيكم في الترحم عليه ، أو القول ‹ رضوان الله عليه › ؟ هل صحيح أن له قبراً في كاشان ؟ ما رأيكم في اعتبار اليوم التاسع من ربيع الأول عيداً بمناسبة استجابة الله دعاء مولاتنا الزهراء عليها السلام على ابن صهاك ؟ أيدكم الله للدفاع عن آله الأطهار . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . هل كان أبو لؤلؤة مجوسياً ؟ : فقد سألتم عن الدين الذي كان يلتزم به أبو لؤلؤة فيروز النهاوندي ، الذي كان أخاً لذكوان ، والد أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض ، والشعر ، والنحو ، والحديث ، والفقه . . [1] . وفي مقام الجواب عن ذلك ، أقول : إنني كنت قد أعربت عن شكي بما ينسبونه إليه من أنه كان مجوسياً . . ومنشأ هذا الشك هو الأمور التالية : 1 - إن في كلمات المؤرخين اختلافاً في خصوص هذه النقطة ، إذ إن هناك من يدعي أنه كان نصرانياً [1] . وهناك من يرميه بالمجوسية [2] . وهناك من يقول بأنه كان مسلماً [3] . فالجزم بمجوسيته من دون تحقيق في هذا الأمر يصبح مجازفة ، لا يليق بالإنسان العاقل والمنصف ، أن يلجأ إليها . . 2 - ولعل ابن كثير ، يوافقنا على هذا الرأي ، حيث إنه يرى : أنه كان في الأصل مجوسياً ، فقد قال ، وهو يتحدث عن عمر : ‹ فاتفق له أن ضربه أبو لؤلؤة فيروز ، المجوسي الأصل ، الرومي الدار › [1] . 3 - قال الميرزا عبد الله الأفندي : إن فيروز قد كان من أكابر المسلمين ، والمجاهدين ، بل من خُلَّص أتباع أمير المؤمنين عليه السلام [2] . وقال : ‹ والمعرف كون أبي لؤلؤة من خيار شيعة علي › [3] . 4 - وروي عن أمير المؤمنين علي السلام ، أنه قال لعمر بن الخطاب : ‹ إني أراك في الدنيا قتيلاً ، بجراحة من عبد أم معمر ، تحكم عليه جوراً ، فيقتلك توفيقاً › [4] . فهو عليه السلام وفق ما ورد في هذا الحديث يعتبر : أن ما فعله أبو لؤلؤة كان من التوفيقات التي نالته ، وفي هذا نوع من المدح له ، كما هو ظاهر . 5 - ويمكن تأييد ذلك بما روي من أنه بعد قتل عمر بن الخطاب بادر عبيد الله بن عمر ، فقتل الهرمزان ، وجفينة ، وبنتاً صغيرة لأبي لؤلؤة ، فأشار الإمام علي عليه السلام على عثمان أن يقتله بهم ، فأبى . . [1] . فإن هذا يشير إلى أن أمير المؤمنين عليه السلام يعتبر ابنة أبي لؤلؤة في جملة أهل الإسلام ، ويطالب بقتل قاتلها ، ولا يقتل المسلم بكافر ، مع كونها صغيرة لم تبلغ سن التكليف ، فإن لحوق حكم الإسلام بها إنما يكون من أجل تبعيتها لأبويها المسلمين ، أو لأحدهما إذا كان مسلماً . . وهذا يثير احتمال أن يكون أبوها مسلماً ، وقد لحقت هي به ، مع احتمال أن تكون أمها هي المسلمة وقد ألحقت بها . . بل إن إسلام أمها يكفي لإثبات إسلام أبيها . فإن إسلام أمها يفرض أن يكون أبوها مسلماً أيضاً . إذ إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يقر كافراً على مسلمة . والشواهد المتقدمة تؤيد أن يكون أبوها مسلماً أيضاً . . والظاهر : أن الآخرين قد تنبهوا لهذا الأمر ، فحاولوا التعمية على الناس بمثل قولهم : ‹ كانت صغيرة تدَّعي الإسلام › [1] . مع أن من الواضح : أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام ، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء . . ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر : أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين ، حتى إنهم يذكرون : أنه لما طعن عمر قال لابن عباس : ‹ لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، وكان العباس أكثرهم رقيقاً ، فقال : إن شئت فعلت . أي إن شئت قتلنا . قال : كذبت ، بعدما تكلموا بلسانكم ، وصلوا قبلتكم ، وحجوا حجكم . . › [2] . وحسب نص ابن أبي شيبة : أنه قال : ‹ إن شئنا قتلناه › فأجابه عمر بما ذكر . . وهذا معناه أن عمر قد أقر بإسلام أبي لؤلؤة . 6 - وقال عيينة بن حصين لعمر : إني أرى هذه الأعاجم قد الناس بمثل قولهم : ‹ كانت صغيرة تدَّعي الإسلام › [1] . مع أن من الواضح : أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام ، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء . . ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر : أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين ، حتى إنهم يذكرون : أنه لما طعن عمر قال لابن عباس : ‹ لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، وكان العباس أكثرهم رقيقاً ، فقال : إن شئت فعلت . أي إن شئت قتلنا . قال : كذبت ، بعدما تكلموا بلسانكم ، وصلوا قبلتكم ، وحجوا حجكم . . › [2] . وحسب نص ابن أبي شيبة : أنه قال : ‹ إن شئنا قتلناه › فأجابه عمر بما ذكر . . وهذا معناه أن عمر قد أقر بإسلام أبي لؤلؤة . 6 - وقال عيينة بن حصين لعمر : إني أرى هذه الأعاجم قد الناس بمثل قولهم : ‹ كانت صغيرة تدَّعي الإسلام › [1] . مع أن من الواضح : أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام ، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء . . ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر : أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين ، حتى إنهم يذكرون : أنه لما طعن عمر قال لابن عباس : ‹ لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، وكان العباس أكثرهم رقيقاً ، فقال : إن شئت فعلت . أي إن شئت قتلنا . قال : كذبت ، بعدما تكلموا بلسانكم ، وصلوا قبلتكم ، وحجوا حجكم . . › [2] . وحسب نص ابن أبي شيبة : أنه قال : ‹ إن شئنا قتلناه › فأجابه عمر بما ذكر . . وهذا معناه أن عمر قد أقر بإسلام أبي لؤلؤة . 6 - وقال عيينة بن حصين لعمر : إني أرى هذه الأعاجم قد كثرت ببلدك فاحترس منهم ، قال : إنهم قد اعتصموا بالإسلام . قال : أما والله لكأني أنظر إلى أحمر أزرق منهم قد جال في هذه ، في بطن عمر ، فلما طعن عمر قال : ما فعل عيينة الخ . . [1] . 7 - قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : ‹ لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ، وروي أيضاً أن عمر لما سمع بهذا الحديث بادر إلى إخراج غير المسلمين من جزيرة العرب › [2] . ونحن وإن كنا نشك في صحة هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، ونستقرب أن يكون عمر نفسه هو الذي قال : لا يجتمع بأرض العرب دينان . كما أوضحناه في موضع آخر [1] ، وكما يشير إليه نسبة الحديث إلى عمر فقط ، من قِبَل القاسم بن سلام [2] . غير أن ذلك لا يضر في صحة الاستدلال به على ما نحن بصدده ، لأن مفاده أن عمر بن الخطاب كان يرى أنه لا يصح أن يبقى أي إنسان غير مسلم في جزيرة العرب . 8 - قد ورد في حديث عن الإمام الهادي عليه السلام ، أن حذيفة رحمه الله روى قضية قتل أبي لؤلؤة لعمر ، ثم قال حذيفة في أواخر كلامه : فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام . . إلى أن قال : وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه [1] . فالترحم على أبي لؤلؤة سواء أكان من حذيفة ، أم من الإمام ‹ عليه السلام › ، أم من الراوي ، يدل على أن من فعل ذلك يرى هذا الرجل مسلماً ، وليس مجوسياً ولا نصرانياً . . 9 - روي عن جابر الأنصاري ، أنه قال : لما طعن أبو لؤلؤة عمراً فقال عمر : يا عدو الله ، ما حملك على قتلي ؟ ومن الذي دسك إلى قتلي ؟ ! قال : اجعل بيني وبينك حكماً حتى أتكلم معك . فقال عمر : بمن ترضى بيننا حكم عدلٍ ؟ ! قال : بعلي بن أبي طالب عليه السلام . . فلما جاءه الإمام علي عليه السلام ، قال عمر لأبي لؤلؤة : تكلم ، فقد حكم بيننا حكم عدل ! فقال : أنت أمرتني بقتلك يا عمر . قال : وكيف ذلك ؟ ! قال : إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنت تقول : كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة وقانا الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، وقد عدت أنت إلى مثلها . فقال له : صدقت . ثم أغمي عليه ومات . . [2] . تاريخ قتل عمر : وعن تاريخ قتل عمر نقول : إننا نريد أن نتعامل مع مختلف الأقوال : ونقيس بعضها إلى بعض ، وسوف نجد فيما نعرضه من افتراضات مختلفة ، أن ثمة انسجاماً فيما بينها يجعل الباحث يقف متعجباً من مؤدياتها وهي تتوافق على نفس الأمر الذي يحاولون تحاشيه وتلافيه ، فإذا رجعنا إلى أقوال المؤرخين فسنجد أن معظم مؤرخي أهل السنة يصرون على أنه قد قتل في السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة . . [1] ، أو نحو ذلك . . بل لقد ادعي الإجماع على ذلك . . [2] . وقيل : بل قتل في التاسع من شهر ربيع الأول . وهذا القول كان متداولاً ومعروفاً من زمن ابن إدريس المتوفى في القرن السادس الهجري . وعلى كل حال ، فقد قال المجلسي : ‹ المشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا ، هو أنه اليوم التاسع من ربيع الأول › [1] . وقال الكفعمي : ‹ جمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب › [2] . وقد أنكر ابن إدريس ذلك وتابعه الكفعمي عليه ، قال ابن إدريس : من زعم أن عمر قتل فيه ، فقد أخطأ بإجماع أهل التواريخ والسير ، وكذلك قال المفيد رحمه الله في كتاب التواريخ الشرعية . . [3] . ونحن لا نوافق ابن إدريس على تشدده في إنكاره لهذا الأمر ، وذلك لما يلي : أولاً : إن عمر بن الخطاب قد تولى الخلافة لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة 13 للهجرة [4] ، وقد صرح اليعقوبي بأن مدة ولاية عمر كانت عشر سنين وثمانية أشهر [5] . وهذا يدل على أن وفاة عمر قد تأخرت عن شهر ذي الحجة حوالي شهرين ، الأمر الذي يشير إلى صحة قولهم : إنه توفي أوائل شهر ربيع الأول ، خصوصاً إذا لاحظنا أنهم يسقطون الزيادات اليسيرة في مثل هذه الموارد . . ولا يلتفت هنا إلى التناقض الذي وقع فيه اليعقوبي ، حين ذكر أن عمر قد قتل في ذي الحجة أيضاً [1] . فإن هذه الغفلة قد نشأت من ارتكاز لديه نشأ عن قراءته لأقوال المؤرخين الذين يصرون على مقولتهم حول تاريخ قتله . ثانياً : إن مما يشير إلى عدم التسليم بصحة قولهم : ‹ إن قتله كان في ذي الحجة › ، قول ابن العماد ، واليافعي : إن مدة خلافة عمر هي عشر سنين وسبعة أشهر وخمس ليال ، وقيل غير ذلك . . [2] . فإذا قارنا ذلك بما يقولونه من أن أبا بكر قد مات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله بسنتين ونصف ، كما روي عن عائشة بسند حسن ، وروي مثله عن الهيثم بن عمران ، عن جده بسند رجاله ثقات [3] . فإن النتيجة تكون هي التالية : إذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد توفي في آخر شهر صفر ، وبدأت خلافة أبي بكر منذئذٍ ، واستمرت سنتين وستة أشهر ، فذلك يعني أن أبا بكر قد توفي في آخر شهر شعبان ، فبدأت خلافة عمر منذئذٍ ، واستمرت عشر سنين وستة أشهر وأيام كما يقولون [1] ، وانتهت في آخر شهر صفر ، أو أوائل شهر ربيع الأول . . وقد قلنا : إنهم يسقطون الزيادات والأيام اليسيرة في حالات كهذه ، فكيف إذا كان المسعودي يقول : إن خلافة عمر قد استمرت عشر سنين وستة أشهر وثمانية عشر يوماً [2] . وعند ابن إسحاق : وخمس ليال [3] . وعند أبي الفداء : وثمانية أيام [4] . وذلك كله . . إنما يناسب القول بأنه قد قتل في شهر ربيع الأول ، لأننا إذا أضفنا سنتين ونصفاً ( مدة خلافة أبي بكر ) إلى عشر سنوات وستة أشهر وأيام : ( خمسة ، أو ثمانية ، أو . . ) ( وهي مدة خلافة عمر بن الخطاب ) فالمجموع هو ثلاث عشرة سنة وأيام ، فإذا بدأنا العد من حين وفاة النبي صلى الله عليه وآله في 28 صفر ، فإن النتيجة هي أن قتله قد كان في أوائل شهر ربيع الأول . . ثالثاً : إذا أخذنا بما أخرجه الحاكم عن ابن عمر ، قال : ولي أبو بكر سنتين وسبعة أشهر [1] ، فإن معنى ذلك : أن ولاية عمر قد بدأت في آخر شهر رمضان المبارك ، سنة ثلاث عشرة للهجرة ، فإذا أضفنا إليها عشر سنوات وستة أشهر ، هي مدة ولاية عمر ، فإن تاريخ قتله يكون آخر ربيع الأول . . رابعاً : إن الطبري يقول : إن مدة ولاية عمر هي عشر سنين ، وخمسة أشهر ، وإحدى وعشرين ليلة ، من متوفى أبي بكر ، على رأس اثنتين وعشرين سنة ، وتسعة أشهر ، وثلاثة عشر يوماً من الهجرة [2] . فإذا انضم ذلك إلى قولهم : إن مدة ولاية أبي بكر هي سنتان وسبعة أشهر ، أو ستة أشهر ، كانت النتيجة هي رجحان القول بأنه قتل في شهر ربيع الأول أيضاً . . خامساً : ومما يدل على أن قتل عمر قد كان في شهر ربيع الأول ، رواية مطولة رواها أحمد بن إسحاق القمي رحمه الله ، عن الإمام الهادي عليه السلام ، مفادها : أن حذيفة بن اليمان دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم التاسع من ربيع الأول ، وعنده علي والحسنان عليهم السلام ، وهم يأكلون مع النبي صلى الله عليه وآله . . وهو يخبرهم بمقتل رجل في هذا اليوم تصدر منه أمور هائلة تجاه أهل البيت عليهم السلام ، منها : أنه يحرق بيت الوحي ، ويرد شهادة علي عليه السلام ، ويكذب فاطمة صلوات الله وسلامه عليها ، ويغتصب فدكاً ، ويسخن عين الزهراء ، ويلطم وجهها ، ويدبر على قتل علي عليه السلام ، ويغصب حق أهل البيت ‹ عليهم السلام › ، وأن فاطمة عليها السلام تدعو عليه ، ويستجيب الله لها في مثل هذا اليوم . قال حذيفة : فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام . . إلى أن قال : وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه [1] . قال المجلسي : ‹ قال السيد : نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طي رحمه الله . . ووجدنا فيما تصفحنا من الكتب عدة روايات موافقة لها ، فاعتمدنا عليها › [2] . وقال المجلسي أيضاً معلقاً على ما ورد في الإقبال : ‹ ويظهر من كلام خلفه الجليل ورود عدة روايات دالة على كون قتله ( يعني عمر ) في ذلك اليوم ، فاستبعاد ابن إدريس ، وغيره رحمة الله عليهم ، ليس في محله . . إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة ، سلفاً وخلفاً ، لا يقصر عما ذكره المؤرخون من المخالفين . . ويحتمل أن يكونوا غيَّروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة الخ . . › [1] . هل انتحر أبو لؤلؤة ؟ : وقد ذكرت مصادر كثيرة : أن أبا لؤلؤة قد وجأ نفسه فقتلها ، حين تكاثروا عليه ، وأخذوه [2] . وفي رواية أخرى : أنهم قالوا لعمر عن قاتله : ‹ إنه والله قد قتل وقطع › [1] . ونص آخر : ‹ فصلى بالناس عبد الرحمن بن عوف ، وقتل العبد [2] ويفهم من هذا : أنه لم يقتل نفسه . ولكن ذلك أيضاً موضع ريب وشك ، وذلك لما يلي : 1 - روى ابن أعثم : أن أبا لؤلؤة جرح عمر ‹ ثلاث جراحات : جراحتين في سرته ، وجراحة فوق سرته ، ثم شق الصفوف ، وخرج هارباً . قال : وعلم عمر : أنه مقتول ، فأمر عبد الرحمن بن عوف أن يصلي بالناس ، فصلى في الركعة الأولى بأم الكتاب ، وقل يا أيها الكافرون ، وفي الركعة الثانية بأم الكتاب ، وقل هو الله أحد . فلما سلَّم وثب الناس يتعادون خلف أبي لؤلؤة ، وهم يقولون : خذوه ، فقد قتل أمير المؤمنين . فكان كلما لحقه رجل من المسلمين ليأخذه وجأه أبو لؤلؤة بالخنجر ، حتى جرح من المسلمين ثلاثة عشر رجلاً ، فمات منهم ستة نفر . قال : ولحقه رجل من ورائه ، فألقى عليه برنساً ، فأخذه ، فلما علم أبو لؤلؤة أنه قد أخذ وجأ نفسه وجأة ، فقتل نفسه . . › [3] . ونقول : إنه إذا كان قد مضى هذا الوقت الطويل ، الذي صلى فيه الناس ركعتين على النحو الذي ذكرته الرواية ، وكان أبو لؤلؤة قد ولى هارباً ، فإنه لا بد أن يكون قد قطع مسافات طويلة ، أو تمكن من أن يغيِّب نفسه في مكان لا يصل إليه فيه أحد . . خصوصاً ، وأن ظلمة الليل كانت لا تزال قائمة ، وتمنع من الرؤية لمسافات بعيدة . . فما معنى أن تقول هذه الرواية : إنهم بعد أن أتموا صلاتهم لحقوا به ، وأخذوه ؟ ! . . إلا أن يكون أبو لؤلؤة على درجة كبيرة من البطء في مشيه ، أو كان معاقاً بسبب عاهة أو غيرها ، مع أن التاريخ لا يشير إلى شيء من ذلك فيه ، بل هناك ما يدل على عكس ذلك ، كما سنرى . . 2 - ورد في رواية أخرى : ‹ فطعنه طعنتين ، واحدة في قلبه ، وأخرى في سرته ، وولى هارباً ، فوثب الناس خلفه ، وهم يقولون : خذوه ، خذوه . فلم يقدروا عليه . . وكان أبو لؤلؤة رجل شجاع ( الصحيح : رجلاً شجاعاً ) سريع الركض . وكان كل من لحقه من الناس ضربه بذلك المنقار ، حتى قتل ثلاثة عشر رجلاً ، ونجى هارباً › [1] . 3 - ويمكن تأييد ذلك أيضاً بما روي عن ابن عباس : أنه لما أخبر عمر بقاتله قال له : ‹ أصابك أبو لؤلؤة وأصيب معك ثلاثة عشر ، وقتل كليب الجزار عند المهراس › [1] . وفي نص آخر : ‹ فيمر عليه أبو لؤلؤة وهو يتوضأ عند المهراس فطعنه ، فقتله . حين قتل عمر ( رض ) › [2] . وصرح آخرون : بأن كليب بن البكير الليثي قد قتل على يد أبي لؤلؤة فراجع [3] . ومن الواضح : أن المهراس هو ماء بجبل أحد ، في أقصاه ، يجتمع من المطر في نقر كبار وصغار هناك ، والمهراس اسم لتلك النقر [4] . فإذا كان أبو لؤلؤة قد وصل إلى هناك ، واستطاع أن يتخلص من كليب هذا إذ كان يلاحقه ، أو صادفه هناك ، فقتله حتى لا يدل عليه ، فإن روايات انتحاره في المسجد ، أو القبض عليه أو نحو ذلك تصبح موضع ريب كبير . . 4 - إن رواية البخاري تفيد أن الناس في المسجد لم يعرفوا بما حصل ، وأن من عرف ذلك هم أفراد قليلون جداً ، وهم الذين كانوا قرب عمر ، فقد قال عمرو بن ميمون بعد أن ذكر أن أبا لؤلؤة قد طعن عمر ، وطعن معه ثلاثة عشر رجلاً . . مات منهم سبعة ، ثم نحر نفسه : ‹ وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدَّمه ، فمن يلي عمر ، فقد رأى الذي أرى . وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون ، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر ، وهم يقولون : سبحان الله ، سبحان الله ، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف الخ . . [1] . 5 - وجاء في رواية أخرى : أنه بعد قتل عمر ، وحمله إلى بيته : ‹ ثم صلى بالناس عبد الرحمن ( أي ابن عوف ) فأنكر الناس صوت عبد الرحمن › [2] . وهذا يدل على أن الناس لم يعرفوا بما جرى ، وأنهم يتوقعون أن يسمعوا صوت عمر في الصلاة . وبهذه الرواية ورواية البخاري السابقة يجمع بين الرواية القائلة : إنهم لحقوه بعد صلاتهم وبين التي تقول : إنه جرح ثلاثة عشر رجلاً ، مات منهم ستة . . لكن يبقى سؤال يحتاج إلى جواب ، هو أنه إذا كان ذلك قد حصل في صلاة الصبح ، فإن المتوقع أن يكون الحضور قليلاً ، ومع قتل هذا العدد الكبير من المصلين وجرحهم ، كيف بقي سائر أهل المسجد غافلين عما يجري ، مع أن المسجد لم يكن آنئذ كبيراً كما هو عليه الآن ؟ ! . . 6 - تقدمت رواية جابر الأنصاري التي تقول : إنه لما طعن أبو لؤلؤة عمراً ، قال له عمر : يا عدو الله ، ما حملك على قتلي ، ومن الذي دسك إلى قتلي . . إلى أن تقول الرواية : إنه قال له : أنت أمرتني بقتلك يا عمر . قال : وكيف ذلك ؟ ! قال : إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنت تقول : كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة ، وقانا الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، وقد عدت أنت إلى مثلها . . فقال له : صدقت ، ثم أغمي عليه ومات [1] . وهذا معناه : أن أبا لؤلؤة قد أخذ حياً ، وأنه عاش إلى ما بعد موت عمر ، فإن صحت الرواية التي تقول : إنه قد ولى هارباً ، ولم يقدروا عليه . فلعله قد أفلت منهم حين انشغالهم ودهشتهم بموت عمر ، فاغتنمها أبو لؤلؤة فرصة ، ونجا بنفسه . . والله هو العالم بحقيقة الحال ، وإليه المرجع والمآل . . لماذا يقتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب ؟ ! ونقول أخيراً : إن ما يذكرونه سبباً لإقدام أبي لؤلؤة على قتل عمر ، لا نراه صالحاً لذلك ، بل هو يصلح مبرراً لأن يقتل مولاه المغيرة بن شعبة ، وأن يشكر الخليفة عمر . . لأن السبب الذي يذكرونه هو أنه شكا مولاه المغيرة إلى عمر بن الخطاب بسبب ثقل الخراج الذي وضعه عليه المغيرة [1] . وتذكر بعض النصوص أن عمراً قد تعاطف معه . . فسواء قبل الخليفة شكواه أم ردها ، فإن حقده ونقمته يجب أن يتوجها نحو ظالمه ، الذي يستغله ، ويرهقه بالضرائب . . فكيف وهم يزعمون أن عمر قد كلم مولاه المغيرة في أمره ، فوعده بأن يفعل ما طلبه منه ، ثم عاد أبو لؤلؤة إلى عمر ثانية ، وثالثة ، فأخبره عمر بأنه قد أوصى مولاه به [2] . فلماذا يحقد عليه أبو لؤلؤة والحال هذه ؟ ! ، ولماذا يقتله ؟ ! ويترك المغيرة ؟ ! ملاحظة : قد دلت الروايات العديدة : أن عمر كان يخشى من أن يكون الصحابة هم الذين دبروا أمر قتله . بل في بعضها : أنه قال لعبد الله بن عباس : أخرج ، فنادِ في الناس : أعن ملأ منكم كان هذا ؟ . فخرج ابن عباس ، فقال : أيها الناس ، إن أمير المؤمنين يقول : أكان هذا عن ملأٍ منكم ؟ ! فقالوا : معاذ الله ، ما علمنا ولا اطلعنا [1] . < فهرس الموضوعات > التاسع من ربيع الأول . . يوم عيد ! ! < / فهرس الموضوعات > التاسع من ربيع الأول . . يوم عيد ! ! وأما بالنسبة لاعتبار اليوم التاسع من شهر ربيع الأول يوم عيد ، فقد قيل : إن سبب ذلك هو أن عمر بن سعد قد قتل في هذا اليوم ، أو أنه يوم ورود رأسه إلى المدينة من الكوفة ، بخدمة مولانا السجاد عليه السلام [2] . واحتمل العلامة المجلسي أن يكون سبب تعظيم تاسع ربيع الأول هو أنه أول يوم بدأت فيه ولاية الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ، بعد استشهاد أبيه الإمام الحسن العسكري في الثامن منه [3] . < فهرس الموضوعات > قبر أبي لؤلؤة : < / فهرس الموضوعات > قبر أبي لؤلؤة : وأما بالنسبة للسؤال عن القبر الذي في بلدة كاشان ، فقد سمعت عنه ، ولكنني لم أره ، فيرجى من السائل الكريم أن يتحقق بنفسه منه ، ومن صحة نسبته إلى هذا الرجل ، أو إلى غيره . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .

28