بسم الله الرحمن الرحيم آية الله السيد جعفر مرتضى العاملي . .
السلام عليكم سيدنا حفظكم الله . .
لدي سؤال وهو : هل كان في جيش الخوارج أناس من الصحابة بحسب مفهوم أهل السنة للصحابة ؟ !
إذا كان هناك ، هل لهم تراجم وإثباتات أنهم شاركوا في جيش الخوارج ؟
وإذا أمكن سيدنا أسماؤهم والمصدر الذي يذكر مشاركتهم . .
ولكم جزيل الشكر سيدنا المحقق وأسأل الله لكم العافية والتوفيق للدفاع عن مذهب الحق . .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
< فهرس الموضوعات > من هو الصحابي ؟ :
< / فهرس الموضوعات > من هو الصحابي ؟ :
هناك جماعة من أهل السنة يقولون : إن الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله ، مؤمناً به ، ومات على الإسلام ، سواء روى عنه أم لم يرو ، وسواء أكان أعمى أم بصيراً ، من الجن أم من الإنس ،
طالت مجالسته له أم قصرت ، وهذا يشمل أيضاً حتى من ارتد عن الإسلام ، ثم عاد إليه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله . .
لكن جماعة آخرين من أهل السنة قالوا : إن الصحابي هو كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله [1] .
صحابة مع الخوارج :
وقد كان مع الخوارج بعض من وصف بأنه صحابي وفقاً لهذه المعايير ، أو قيل فيه ذلك ، ونذكر من هؤلاء :
1 - قال الحارثي الأباضي : إن ابن حجر عدَّ عبد الرحمن بن ملجم من الصحابة [2] ، وابن ملجم هو قاتل الإمام علي عليه السلام . .
2 - كما أنهم قد زعموا : أن عمران بن حطان مادح عبد الرحمن بن ملجم على قتله الإمام علياً عليه السلام ، كان من الصحابة أيضاً ، فحرَّموا لعنه من أجل ذلك [3] . .
3 - كما أن أبا وائل شقيق بن سلمة ، الذي أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله ، وروي أنه رآه أيضاً [4] ، قد قال المعتزلي عنه : إنه كان
من الخوارج ، و ‹ لم يختلف في أنه خرج معهم ، وأنه عاد إلى علي عليه السلام منيباً مقلعاً › [1] .
4 - إنهم يقولون : إن ذا الخويصرة وحرقوص بن زهير السعدي ، والذي هو أصل الخوارج [2] ، صحابي أيضاً [3] ، وإن قال البخاري : ‹ وعندي في ذكره في الصحابة وقفة › [4] .
5 - إن المخدج - أو ذا الثدية - المقتول مع الخوارج في النهروان يقال : إنه كان صحابياً [5] .
6 - قالوا : إن عبد الله بن وهب الراسي ، له إدراك . وكان رأس الخوارج في النهروان ، وقتل فيمن قتل منهم [6] .
نصوص تنفي وجود الصحابة بين الخوارج :
غير أننا نجد في بعض النصوص : ما يدل على عدم وجود
صحابة بين الخوارج ، مثل ما روي من أن ابن عباس قد قال للخوارج في النهروان : ‹ جئتكم من عند أمير المؤمنين ، ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن عند المهاجرين والأنصار ، ولا أرى فيكم أحداً منهم ، لأبلغكم ما قالوا ، أو أبلغهم ما تقولون › [1] .
وفي نص آخر : ‹ أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار ، ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وآله ، علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعليهم نزل القرآن ، وهو أعلم بتأويله منكم › . .
إلى أن قال : ‹ هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وآله ، والأنصار ، وعليهم نزل القرآن ، وليس فيكم أحد منهم ، وهم أعلم بتأويله منكم › [2] .
وقد يمكن القول : إن كلام ابن عباس لا يشمل حتى الصغير الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو الذي رآه صلى الله عليه وآله من بعيد ، لأن الصحابي الذي أراده ابن عباس ليس هو الذي اصطلح عليه أهل السنة في مؤلفاتهم ، فهو يريد بالصحابة أولئك الذين عاشوا مع الرسول واستفادوا منه العلوم والمعارف ، وجاهدوا بين يديه ، وكانوا معه .
ويدل على ذلك قوله : ‹ وعليهم نزل القرآن › ، وقوله : ‹ وهم أعلم بتأويله منكم › .
وأما من رآه من بعيد ، أو كان صغيراً في أيامه صلى الله عليه وآله ، فإنه ليس مقصوداً في كلام ابن عباس ، إذ لا يحتمل في حقه أن تكون مجرد رؤيته هذه قد أفادته علماً ، وتقوى ، ومعارف ، و . . و . .
ما فائدة وجود الصحابة ؟ :
وبعد ، فإنه لا فائدة للخوارج من إثبات وجود الصحابة في صفوفهم ، كما لم يفد وجود الصحابة في صفوف الناكثين في حرب الجمل ، مثل طلحة والزبير ، وأمثالهما . . كما أن وجود الصحابة في صفوف القاسطين لم ينفع في تبرئتهم من جريمة خروجهم على إمام زمانهم ، بل هو إدانة لهم ، وعلى رأسهم معاوية ، وعمرو بن العاص ، والنعمان بن بشير ، ومن كان على شاكلتهم . .
وليكن هذا هو أحد الأدلة على أن مجرد الصحبة والرؤية لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تثبت العدالة والاستقامة ، فلا يمكن الحكم بعدالة الناكثين والقاسطين والمارقين ، حتى لو كانوا من الصحابة . .
وأما ما توهموا أنه يدل على عدالة كل صحابي ، فهو غير تام الدلالة على ذلك ، بل القرآن يدل على خلافه ، وعلى أن شرط العدالة في الصحابي وفي غيره هو الإيمان والعمل الصالح . .
وقد ذكرنا بعض دلائل ذلك في مقال لنا بعنوان الصحابة في الكتاب والسنة . فراجع كتابنا : ‹ دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام › .
ولذلك تجد أن الله تعالى يقول : * ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) * [1] . . ولم يقل : لقد رضي الله عن المبايعين لك تحت الشجرة . .
كما أنه تعالى لم يرتب الرضا عنهم على مجرد صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله ، بل رتبه على بيعتهم المشروطة بإيمانهم الذي في قلوبهم ، وقد علمه منهم . .
كما أنه تعالى قد صرح في آية : * ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) * [2] . . بأنه لا يقصد جميع الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، بل يقصد خصوص * ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * . .
أما آية : * ( وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ ) * [3] . . فلا تدل على عدالة من عدا هؤلاء السابقين الأولين . .
وذلك ظاهر لا يخفى . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .