- العراق
منذ سنتين

نطفة الزهراء عليها السلام من ثمر الجنة ! كيف ؟ !

بسم الله الرحمن الرحيم مولاي الفاضل آية الله السيد المجاهد جعفر مرتضى العاملي أطال الله بعمركم وسددكم وأيدكم ونصركم على أعداء الله . . مولاي لقد سمعت أحد الخطباء يعلل مسألة التفاحة التي أكلها رسول الله ‹ صلى الله عليه وآله › في الجنة وكانت منها نطفة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين روحي لها الفدى ، فالخطيب قال : ‹ إن الله سبحانه وتعالى احتفظ بنطفة الزهراء عليها السلام في الجنة وجعلها في صلب الرسول الأعظم دون الأنبياء وذلك لأن نطفة الزهراء عليها السلام أثقل من أن يحملها الأنبياء ، وكان في المجلس بعض الموالين الغيورين وعندما رجعنا من المجلس بدأ النقاش يا ترى هل نطفة الزهراء عليها السلام أثقل من نطفة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام حيث حملها الأنبياء والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المجيد : * ( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) * › [1] . وفي الكافي والبحار وغيرهما من الكتب المعتبرة : أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد الله الصغير ، عن محمد بن إبراهيم الجعفري ، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ‹ إن الله كان إذ لا كان ، فخلق الكان والمكان ، وخلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار ، وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الأنوار ، وهو النور الذي خلق منه محمداً وعلياً فلم يزالا نورين أولين إذ لا شيء كُوِّن قبلهما ، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الأصلاب الطاهرة حتى افترقا في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب عليهما السلام › [ الكافي ج 1 ص 442 ] ، و [ البحار ج 15 ص 24 ] فلم نصل إلى نتيجة عندها اقترح الإخوة أن نوجه السؤال إلى سماحتكم ولا شك أنه من اختصاصكم فنسأل الله العلي القدير أن يسددكم وتبقون ذخراً ومعطاءً لتوضيح ما يجهله أمثالنا نحن العوام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإنني لا أدري مدى صحة ما ذكره ذلك القائل من ثقل نطفة الزهراء عليها السلام ، غير أنني أقول : لو صح كلامه فلا توجد مشكلة في المقام ، وذلك للأمور التالية : أولاً : لأن اختصاص ولي من أولياء الله بأمر بعينه لا يجعله أفضل من غيره . فقد اختص الله تعالى الحسين عليه السلام بجواز الأكل من تربته وحصول الشفاء بها ، وليس هو بأفضل من النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام واختص علياً عليه السلام بولادته في الكعبة وهذه الولادة لا تجعله أفضل من النبي صلى الله عليه وآله ، وأمثال ذلك كثير . ثانياً : إن النص الذي ذكر : أن السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها قد ولدت من ثمر الجنة متوافق مع النص الذي يقول : إن النبي صلى الله عليه وآله ، وعلياً عليه السلام ، وكذلك الأئمة ( عليهم السلام ) قد تنقلوا في أصلاب الطاهرين ، وأرحام المطهرات ، حتى افترقا في طاهرين ، هما عبد الله ، وأبو طالب ' [1] . وذلك لأن للموجود الإنساني ، والمتمثل بالنبي والإمام صلوات الله وسلامه عليهما جانبين : أحدهما : جانب الناسوت ، وهو هذا الموجود الجسدي الذي نراه . . والثاني : الجانب الروحاني النوراني . وقد أثبتت الروايات : أن الله تعالى قد خلق أنوار النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) قبل خلق الخلق . وجعلهم بعرش قدرته وعلمه ، وقيمومته مطيفين ، ثم أشهدهم خلق كل شيء . فالذي جعله الله تعالى منهم في الأصلاب والأرحام هو الجانب الأول ، أو بعض عناصره . وهو أيضاً أصفى من النور ، بل هو نور في حقيقته وكنهه ، وإن لم نستطع نحن أن ندرك حقيقة وكيفية ذلك . وأما الجانب الثاني : فلا دليل على أنه يتنقل في الأرحام والأصلاب ، بل الظاهر هو : أن الله تعالى هو الذي يفيضه ، ويمازج بينه وبين الجانب الأول في بعض المراحل ، ويشير إلى ذلك النصوص التالية : 1 - روي عن الصادق عليه السلام : أنه قبل أن يتصل الإمام بأم الإمام الذي بعده ، يأتيه آت بشربة أرقُّ من الماء ، وأبيض من اللبن ، وأصفى من الزبد ، وأحلى من الشهد ، وأبرد من الثلج ، فيسقيه إياها . ونطفة الإمام تكون منها ، فراجع [2] . 2 - في رواية أخرى عنه عليه السلام : إن الله إذا أراد خلق إمام أنزل قطرة من تحت عرشه على بقلة من بقل الأرض ، أو ثمرة من ثمارها ، فأكلها الإمام الذي يكون منه الإمام ، فكانت النطفة من تلك القطرة [1] . 3 - عنه عليه السلام : إذا أحب أن يخلق الإمام أخذ شربة من تحت العرش ، فأعطاها ملكاً ، فسقاها إياها ، فمن ذلك يخلق الإمام [2] . 4 - وعنه عليه السلام : إن نطفة الإمام من الجنة [3] . 5 - في نص آخر عنه عليه السلام : إذا أراد الله أن يُحْبَلَ بإمام أتي بسبع ورقات من الجنة ، فأكلهن قبل أن يقع [4] . 6 - وهناك حديث المثرم مع أبي طالب ، وفيه أن أبا طالب أكل من رمان الجنة بواسطة المثرم ، ومنها كانت نطفة علي عليه السلام [5] . ولا منافاة بين هذه الروايات فلعل هناك خصوصيات وعناصر مختلفة يجمعها الله ، من الجنة ، ومن تحت العرش ومن سبع ورقات ، تارة ومن ماء يسقيه إياه الخ . . وقد أشار المجلسي أيضاً إلى عدم المنافاة بين الأخبار المشار إليها وسواها بإمكان تحقق جميع تلك الأمور وانعقادها منها جميعاً [1] . والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . .

1