- العراق
منذ سنتين

عن كتاب " المسجد الأقصى "

بسم الله قاهر الجبارين السلام على من اتبع الهدى ، المحقق التاريخي المبدع لكل جديد . . أود أن أهنئكم على الخدمة الجليلة التي أتحفتم بها العدو الإسرائيلي مجاناً من أجل إرباك الساحة من جهة ، وإشباع شهوة السبق التاريخي عندكم من جهة أخرى ، ومن خلال إثارة مسألة المسجد الأقصى في بحث تاريخي ( فيه إنكار للبديهي ) لا قيمة له إلا في التشويش العام على مستوى القضايا الكبرى للأمة . كل ذلك من أجل إحداث صدمة في الواقع وبدون مشاورة من يتصدى للقضايا الكبرى للأمة ومن يحمل همومها من مسؤولين ووكلاء شرعيين للسيد القائد حفظه الله . أهنئكم من كل قلبي على الجهود التي تبذلونها من أجل تضييع دماء آلاف الشهداء الأبرار وجهود الإخوة المجاهدين في لبنان وفلسطين . الاستفتاء : تفضل ببيان حجتك الشرعية أمام الأمة الغاضبة والمستائة ممن يعبث بقضاياها المقدسة .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإنني أسأل الله عز وجل أن يهدي قلوبنا ، ويطهر ضمائرنا ، ويسددنا في مواقفنا ، وأن يلهمنا الإخلاص في العمل ، والشجاعة في الموقف ، والصدق في قول الحق ، والالتزام بحدود الشريعة ، مع من يشاركنا الرأي ، ومع من يخالفنا فيه ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء . . كما أنني أرى أن من واجبي أن أفترض أن الذي دفع كاتب هذه الرسالة هو غيرته على الحق ، وعلى أهله ، مهما كانت عباراته جارحة ، وتعريضاته مؤذية . . وإن افتراضاً كهذا يحتم علي الالتزام بمبادئ الأخوة الإيمانية له ، وأن أدعو الله سبحانه له بالتوفيق لنيل الحقائق ، وبالتسديد لصواب الرأي ، وبالهداية إلى الكلمة الطيبة ، والعفيفة ، وما ذلك على الله بعزيز . . أخي الكريم : لقد ظهر من كلامك : أنك تعتبر نفسك : مطلعاً على النوايا ، وأنك عالم بالسرائر ، فاكتشفت أن هدفي هو إرباك الساحة ، وأن دافعي هو شهوة السبق التاريخي ، وأنني أسعى لصدم الواقع . . وأنني أبذل جهوداً من أجل تضييع دماء آلاف الشهداء ، وجهود المجاهدين . . فأجزت لنفسك لغة خطاب لا نحب توصيفها ، ولا استباق القارئ الكريم في إبداء الرأي فيها . . أو لعل عذرك في إطلاق هذه الاتهامات هو أنك في حالة انفعال قوية ، وأنك غاضب ، وأنك تعاني من صدمة ، فأحللت لنفسك بعض ما حرمه الشرع من القول بغير علم ، والاتهام من دون حجة ودليل ، وادعاء الاطلاع على الغيب عملاً ، ونعتقد أن لا مناص لك من إنكار ذلك قولاً . أخي الكريم : وسواء أصح هذا ، أو صح ذاك ، أو كان كلاهما صحيحاً ، فإنني قد أفهم من رسالتك : أنك لم تقرأ بحث المسجد الأقصى ، الذي هو مخصص للعلماء ، وللعلماء فقط ! ! نعم ، ربما لم تطلع عليه لتجد أن هذا البحث قد تكفل بالتأكيد على أمور : أحدها : بيان أن بيت المقدس ، وهو البقعة التي تبلغ مساحتها حوالي مائة وأربعة وأربعين ألف متر ، كله من المقدسات الإسلامية الهامة جداً . . ولا بد من إبعاد دنس الصهاينة عنها . . الثاني : بيان أن إسراءات رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرة ، وقد صرحت بعض الروايات بأنها تبلغ المائة وعشرين إسراء . . وأنه لا شك في أن منها ما كان من المسجد الحرام ، إلى مسجد الكوفة ، فإلى طور سيناء ، فإلى بيت المقدس . . الثالث : الإشارة إلى أن ما ذكر في القرآن هو - على ما يظهر - إسراءان فقط ، أحدهما في سورة بني إسرائيل ، والآخر في سورة النجم . . الرابع : إنه يهدف أيضاً إلى بيان أمر قد بيَّنه الأئمة الطاهرون عليهم السلام ، وجاءت الروايات به عنهم ، من أجل التحرز عن الفهم الخاطئ للآيات الشريفة ، وذلك معناه : أنني لم آت بشئ جديد من عند نفسي . . فإن كان ثمة من اعتراض ، أو اتهام ، فهو سوف ينتهي بالتالي إلى أن يصبح اعتراضاً عليهم ، واتهاماً لهم ، والعياذ بالله من ذلك . . الخامس : إن الهدف هو التحذير من أن يسئ الصهاينة الاستفادة من الفهم الخاطئ الذي أصبح سائداً . . فيما يرتبط بواقع تلك المقدسات الهامة ، وفي ذلك خدمة جليلة للقضية الكبرى ، وحفظ لدماء الشهداء . . السادس : إن الشهداء إنما هبوا للدفاع عن بيضة الإسلام ، وللدفع عن مقدساته ، ومنها بيت المقدس كله . . ولتطهير أرض الإسلام من دنس الغاصبين ، والمعتدين ، الذين اغتصبوا البلاد ، وأذلوا العباد ، ولم يستشهد أولئك الشهداء من أجل تحديد أن يكون الذي تعرضت له الآية هو هذا الإسراء ، أو ذاك ! ! . . ما دام الإسراء لبيت المقدس حاصل على كلا التقديرين . . إن الشهداء لا بد أن يكونوا مسرورين ومبتهجين لنشر ما يقوله أهل بيت نبيهم عليهم جميعاً صلوات الله ، وسيكونون غاضبين ومنزعجين إذا مورس أي ضغط لاستبعاد أقوالهم ، فكيف لو هوجمت أقوالهم الشريفة ، بمثل هذه العبارات الجارحة التي أتحفتنا بها في رسالتك ؟ ! . . أخي الكريم : لقد كنت أتمنى أن أراك في موقع الناقد البصير والمحقق الخبير ، الذي يدلني على أخطائي ، وأن أجد فيك الأخ العزيز الذي يرشدني إلى عيوبي ، لكي نتكامل معاً على طريق الهدى ، والخير ، والصلاح . . ولكي نتلافى الأخطاء ، ونصل إلى الحق ، ونلتزم بما هو صواب ، على أساس اعتماد الدليل ، فإنما نحن وأنت يجب أن نكون أبناء الدليل ، كيفما مال نميل . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . .

2