بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
لقد تسببت في أن أغيِّر البعض من الأهل والمعارف عن تقليد فضل الله ، رغم أنني كنت أحترم شخصيته وقرابته من الرسول ، وقد أرسلت له رسالة أطلب فيها براءة الذمة منه . .
ولكن بعد أن قرأت بعض آرائه غيرت رأيي فيه حتى إني أعتقد أنني لا أحترمه ولكني أخشى غضب رسول الله صلى الله عليه وآله علي ، وذلك من خلال الحديث " أبنائي الصالح لله والطالح لي " . .
والحديث الثاني : بأن النار محرمة على ذرية الزهراء سلام الله عليها . .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
أولاً : أما بالنسبة للحديث الذي يقول : إن النار محرمة على ذرية
الزهراء سلام الله عليها ، فإن الظاهر هو أن المقصود به خصوص الأئمة من ذريتها عليها السلام ، ومَن ولدتهم مباشرة ، مثل السيدة زينب ، والسيدة أم كلثوم عليهما السلام . . وأما سائر الذرية ، فإن شمول الحديث لهم غير ظاهر . .
وقد يستدل على ذلك :
1 - بأن الآية القرآنية قد صرحت بخلود من قتل مؤمناً متعمداً في النار ، حتى لو كان القاتل من ذريتها . . فإذا قلنا بأن النار محرمة على ذرية السيدة الزهراء عليها السلام ، تعارض ذلك مع ظاهر الآية المباركة . .
فإن صح الحديث وقلنا بشموله لجميع من كان من ذريتها ، فلا بد أن يكون المقصود به من لم يرتكب مثل هذه الكبائر . .
إلا أن يقال : إن الرواية أخص من الآية من وجه .
2 - إن من ذريتها من مات منكراً لولاية الإمام علي عليه السلام ، موالياً لأعدائه . . بل إن منهم من مات كافراً بالإسلام . . فهل يمكن أن يقال : بأن هؤلاء أيضاً لا تنالهم النار بمكروه ؟ ! . .
3 - صحيح أن هناك بعض الروايات قد صرحت بأن ذرية السيدة الزهراء عليها السلام قد حرموا على النار ، لكن قد جاءت روايات أخرى فبينت أن المراد بهذه الذرية هم خصوص الحسن والحسين ، أو من ولدتهم مباشرة . .
وأما الروايات التي تقول : إنها تشفع لذريتها . . فهي تختص بمن لحق بها ، واتبعها بإيمان .
فلاحظ الروايات التالية :
1 - عن الإمام الجواد عليه السلام وقد سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وآله : إن فاطمة أحصنت فرجها ، فحرم الله ذريتها على النار . فقال : خاص للحسن والحسين [1] 2 - عن الإمام الرضا عليه السلام : أنه قال لزيد بن موسى : يا زيد ، أغرك قول سفلة أهل الكوفة : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ؟ ذاك للحسن والحسين عليهما السلام خاصة ، إن كنت ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة ، وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة ، فأنت إذن أكرم على الله من موسى بن جعفر ، الخ . . [2] وفي نص آخر : أنه قال له : أغرك قول ناقلي الكوفة ( لعل الصحيح : بقالي الكوفة كما في رواية أخرى ) : إن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها ، فحرم الله ذريتها على النار ؟ فوالله ما ذلك إلا للحسن والحسين ، وولد بطنها خاصة ، وأما أن يكون موسى بن جعفر يطيع الله ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء ، لأنت أعز على الله عز وجل منه . إن علي بن الحسين كان يقول :
" لمحسننا كفلان من الأجر ، ولمسيئنا ضعفان من العذاب . . " [1] 3 - وفي رواية أخرى : أن زيد بن موسى دخل على أخيه فسلم عليه ، فلم يجبه ، فقال : أنا ابن أبيك ، ولا ترد علي سلامي ؟
فقال : أنت أخي ما أطعت الله ، فإذا عصيت الله لا أخاء بيني وبينك . . [2] 4 - وعن الإمام الرضا عليه السلام ، قال : النظر إلى ذريتنا عبادة . . فقيل له : يا بن رسول الله ، النظر إلى الأئمة منكم عبادة ؟ أم النظر إلى جميع ذرية النبي صلى الله عليه وآله ؟
فقال : بل النظر إلى جميع ذرية النبي صلى الله عليه وآله . . [3] قال المجلسي : أقول : وروي مثله ، وزاد في آخره ، ما لم يفارقوا منهاجه ، ولم يتلوثوا بالمعاصي . . [4] 5 - وعن الإمام الرضا عليه السلام عن أبيه عليه السلام ، قال : إن إسماعيل قال للصادق عليه السلام : يا أبتاه ، ما تقول في المذنب منا ، ومن غيرنا ؟
فقال عليه السلام : * ( لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن
يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) * [1] 6 - وعن محمد بن مروان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : هل قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ؟
فقال : نعم . عنى بذلك الحسن والحسين ، وزينب ، وأم كلثوم عليهم السلام . . [2] 7 - وعن حماد بن عثمان قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ، ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار .
فقال : المعتقون من النار هم ولد بطنها : الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم . . [3] 8 - وعن الإمام الرضا عليه السلام : إنا أهل بيت وجب حقنا برسول الله صلى الله عليه وآله ، فمن أخذ برسول الله صلى الله عليه وآله حقاً لم يعط الناس من نفسه مثله ، فلا حق له . . [4] 9 - وعن المناقب : " تاريخ بغداد وكتاب السمعاني ، وأربعين
المؤذن ، ومناقب فاطمة عن ابن شاهين ، بأسانيدهم عن حذيفة وابن مسعود ، قال النبي صلى الله عليه وآله : إن فاطمة أحصنت فرجها ، فحرم الله ذريتها على النار . قال ابن مندة . . خاص بالحسن والحسين ، ويقال : أي من ولدته بنفسها . وهو المروي عن الإمام الرضا عليه السلام ، والأولى كل مؤمن منهم . . [1] 10 - ويوضح ذلك ما روي عن الإمام الصادق عن أبيه عليهما السلام ، في حديث طويل قال في آخره : فيوحي الله إلى ذلك الملك ، من غير أن يتحول من مكانه : أن خبِّرها أنني قد شفعتها في ولدها وذريتها ، ومن ودهم وأحبهم ، وحفظهم بعدها .
قال : فتقول الحمد لله الذي أذهب عني الحزن وأقر عيني .
ثم قال الإمام جعفر عليه السلام [2] : كان أبي عليه السلام إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية : * ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) * [3] ثانياً : وأما حديث : أكرموا الصالح لله ، والطالح لي . . فهو بغض النظر عن سنده ، لا يدل على نجاة أبناء الزهراء عليها السلام من النار ، بل هو يدل على أن بعض أبنائه القريبين منه ، إذا كانت الإهانة لهم
تستلزم الإهانة لرسول الله صلى الله عليه وآله بنظر الناس ، فلا بد من إكرامهم ولا تصح إهانتهم . .
وإنما يصح إكرام الطالح ، إذا لم يلزم من إكرامه إغراء الناس بالأخذ منه ما يوجب تضليل الناس ، وإبعادهم عن الحق . . بل لا بد في مثل هذه الحالة من إظهار البراءة منه حفاظاً على الناس حتى لا يقعوا في حبائله ، تماماً كما نزلت الآية لتتحدث عن أبي لهب ، رغم أنه عم النبي صلى الله عليه وآله ، وعن ابن النبي نوح عليه السلام ، رغم أنه ابن نبي . .
والخلاصة : أن إكرام الطالح إنما هو فيما لو لم يكن في ذلك وهن على الدين ، وإغراء للناس بالضلال والانحراف . .
أما في مثل هذه الحالة فيحرم . .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .