- العراق
منذ سنتين

عدد الصحابة ، والثناء عليهم

بسم الله الرحمن الرحيم سيدنا المبجل , فارس بني هاشم , العلامة المحقق آية الله الحاج جعفر مرتضى العاملي دام عزه . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . سيدنا الحبيب , ورد الحديث التالي في البحار وهو تام سنداً , ولكن خفيت علي دلالته وفهمه بشكل صحيح , ونصه هو : الهمداني عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ‹ كان أصحاب رسول الله اثني عشر ألفاً ، ثمانية آلاف من المدينة ، وألفان من أهل مكة ، وألفان من الطلقاء . . لم ير فيهم حروري ، ولا معتزلي ، ولا صاحب رأي . . كانوا يبكون الليل والنهار ويقولون : اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير › ( 1 ) . فالحديث فيه شيء من المدح ، إضافة إلى اعتباره ، حتى الطلقاء ، من الصحابة , أفلا يتعارض ذلك مع أحاديث أخرى يثبتها الواقع والتاريخ من ندرة المؤمنين بينهم وانقلابهم على الأعقاب بعد رحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ؟


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . بالنسبة للحديث الذي يذكر عدد صحابة النبي صلى الله عليه وآله ، نقول : إنه ، وإن كان صحيحاً سنداً ، لكنه مشكل دلالة ، ولا يمكن قبوله على ظاهره ، بل لا بد من رد علمه إلى أهله . . وذلك للأمور التالية : 1 - إنه يذكر : أن أصحابه صلى الله عليه وآله من أهل المدينة كانوا ثمانية آلاف ، وهذا معناه : أن مجموع سكان المدينة كان ما بين ثلاثين إلى أربعين ألف نسمة . . مع أن الظاهر هو أن عدد سكانها كان آنذاك لا يصل إلى أربعة أو خمسة آلاف على أبعد تقدير ، وقد ذكرنا بعض شواهد ذلك في أكثر من مورد . . 2 - إنه ربما يكون الحديث ناظراً إلى ما يجنده النبي صلى الله عليه وآله في حروبه ، ممن هم من أهل المناطق التي هي أقرب إلى المدينة ، لأن أغلب من كانوا يشاركون في الحروب الكبيرة ، لم يكونوا من أهل المدينة بل كانوا من المناطق والبلاد الأخرى . . 3 - ما ذكرتموه من المدح الظاهر للصحابة ، فإنما هو مدح لهم بما ليس فيهم بصورة عامة ، ولا ينطبق إلا على أقل القليل منهم . . 4 - إن قولكم : إن الإمام عليه السلام يثبت نشوء هذه الفرق في وقت متأخر ، صحيح في نفسه ، مع ملاحظة : أن الحرورية ، وأصحاب الرأي ، وحتى المعتزلة ، في نشأتهم الأولى ، قد عاصروا عدداً كبيراً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله . . وكان في الصحابة ، من يقول بمقالات تلك الفرق ، إذ قد ظهر فيهم من يقول بالرأي ، بل إن فيهم من هو أشر من الخوارج . . فضلاً عن أن بعضهم قد أصبح حرورياً خارجياً أيضاً ، أو اتهم بالميل إليهم وممالأتهم حتى مثل : ابن عمر ، وأنس بن مالك ، فضلاً عن المسور بن مخرمة ، وشقيق بن سلمة ، وأبي وائل . . وغيرهم . . 5 - والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة ، هو : لماذا خصَّ هؤلاء الأصناف الثلاثة بالذكر ، ولم يذكر غيرهم من الفرق الضالة ؟ 6 - إن من المعلوم : أن مكة كانت أكبر من المدينة ، من الناحية السكانية ، فكيف أصبح عدد أهل المدينة ضعف عدد أهل مكة ؟ ! . . ألا يؤيد ذلك ما ذكرناه ، من أن المقصود هو هذا الحشد الذي كان يعتمد على غير أهل المدينة ، ممن يسكنون في المناطق المنسوبة إليها في مقابل المناطق المحسوبة على مكة . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .